عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

درس لا تنسوه !

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 09 سبتمبر 2019 - 07:49 م

الرأى العام يسيطر عليه ويوجهه من يحرص على علاقة مستمرة دوما معه، ولا يتجاهله أو يتعالى عليه، ويهتم به اهتماما خاصا وكبيرا ومستمرا بلا انقطاع ، ويجيد فن التعامل معه
هذا ما تعلمته من خلال دراستى للعلوم السياسية فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قبل أكثر من نصف قرن مضى ، على أيدى أساتذة أجلاء مثل الدكاترة محمد زكى شافعى وبطرس غالى ورفعت المحجوب ومحمد فتح الله الخطيب وعبدالملك عودة وخيرى عيسى وأحمد الغندور وإبراهيم صقر وحامد ربيع الذى كان يدرس لنا مع مادة النظرية السياسية مادة خاصة للرأى العام
وهذا أيضا ما تعلمته خلال نحو نصف قرن جهدا ومشقة وقتالا فى بلاط صاحبة الجلالة.. لأن من يتجاهل الرأى العام أو يتعالى عليه ولا يهتم به يخسره ويفقد دعمه وتأييده ومساندته، بل إنه يتركه فريسة لمن يريد غشه وخداعه وتوجيهه وتحريكه من أجل تحقيق مصالحه الخاصة ومآربه الخفية.. ومن يقصر فى التواصل الدائم والمستمر مع الرأى العام يحوّله إلى خصم له، وداعم ومؤيد لخصومه
الرأى العام يحتاج اهتماما مستمرا لا يتوقف، لأن كل يوم جديد يحل علينا يأتى بما يشد الرأى العام ويشغله ويثير تساؤلاته التى تحتاج لإجابات مقنعة تقبلها العقول.. وتزداد الحاجة إلى ذلك فى ظل التطور الذى طرأ على وساءل التواصل فى العالم، والذى جعلنا نعرف بما يحدث على أراضٍ تبعد عنا آلاف الكيلومترات بعد ثوانٍ قليلة من حدوثه، ولم يعد ممكنا إخفاء شئ عن الناس بسهولة مثلما كان يحدث قبل بضعة عقود قليلة، مثلما حدث مع عموم المصريين الذين لم يعرفوا أن السفن الإسرائيلية تمر فى خليج العقبة بعد حرب السويس فى عام ١٩٥٦ إلا بعدها بتسع سنوات وتحديدا بعد مطالبة قوات الطوارئ الدولية بالانسحاب من سيناء فى عام ١٩٦٧
وفى ظل انتعاش عملية التواصل الاجتماعى الآن صار الرأى العام فى اى بلد هدفا سهلا لمن يريد أن يستهدفه وأن يوجهه ويحركه، وذلك بواسطة الخلايا الإلكترونية التى يسهل تشكيلها وتكوينها ويتم إدارة عملها بشكل ممنهج ومخطط، وصار هناك من يشرفون على أعمالها، وهناك أيضا من يمولها..ولذلك فإن الإهمال أو التراخى أو حتى التباطؤ فى التواصل مع الرأى العام، يمنح هوءلاء فرصة ذهبية لإعادة تشكيلها بما يخدم مصالح قوى وأجهزة ودول تتعارض مع المصالح الوطنية.
إن التعامل مع الرأى العام علم وفن فى وقت واحد يجب أن يدركه كل من يريد أن يكسبه.. علم له قواعد تقضى أولا بالاهتمام المستمر الذى لا يتوقف به، والعناية الدائمة بشواغله واهتماماته، وتقضى ايضا بالإسراع بتوفير المعلومات الصحيحة والصادقة له، وأيضاً سرعة الرد والتوضيح على كل ما يثار ويتردد.. فليس دوما السكوت من ذهب، بل إنه يلحق الآن الضرر والأذى ويجعل الرأى العام فريسة لكل من يبغى توجيهه والسيطرة عليه وتحريكه فى اتجاه تحقيق مصالح تتعارض مع المصالح الوطنية.. وفن له أيضا قواعده التى تقضى أولا باختيار الوجوه التى لها قبول لمخاطبة الرأى العام حتى يقبل ويصدق ما تقوله له.. كما تقضى أيضا بالحرص على مصداقية أى خطاب للرأى العام، لأن أى خدش ولو بسيط فى هذه المصداقية سيجعل الرأى العام متشككا فيما يسمعه ويقال له، حتى ولو كان صحيحا !

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة