أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

اقلع.. تكسب (٢)

د. أسامة السعيد

الإثنين، 09 سبتمبر 2019 - 07:58 م

لم أكن أتوقع كل ذلك التفاعل مع مقالى الأسبوع الماضى «اقلع.. تكسب» والذى تركز على تلك المفارقات المستفزة التى يشهدها مجتمعنا، بين من يتجردون من ملابسهم فيحصدون الملايين فى دقائق، وبين العلماء وذوى العقول ممن لا يجنون سوى الملاليم!. ورغم أن الموضوع بالفعل أصبح مستفزا لقطاعات واسعة، لكن لا ينبغى أن يقتصر نظرنا لتلك الظاهرة المستهجنة على من يتجردون من ملابسهم، فمفهوم «القلع» أكبر وأوسع من أن ينحصر فى ذلك المستوى المحدود، فهناك أشكال أخطر وأكثر فداحة.. فمن يتجردون من مبادئهم ويبيعون أخلاقياتهم فى بورصة «أكل العيش»، يدخلون تحت مفهوم «اقلع.. تكسب»، فالبعض يتصور أن القيم والمبادئ والتمسك بالأخلاق النبيلة صارت «موضة قديمة» لا تناسب قواعد التعامل العصرى، وبالتالى عليه أن يتجرد من ذلك الحمل الثقيل، كى يكسب رضا من يحلم بالانتماء إليهم!. والبعض الآخر يخلع عقله، ويتجرد من كل قواعد المنطق، وينساق وراء هوس الظهور وحب الشهرة، من أجل أن يكسب رضا المعجبين، وموزعى «اللايك والشير» على وسائل التواصل الاجتماعي، وكأن تلك «اللايكات» صكوك غفران تمنح من يحصل عليها إذنا بدخول جنة «السوشيال ميديا»، بغض النظر عن الأكاذيب التى يرددها - عن اقتناع أو بدونه - أو كم السخرية والإهانة المسيئة لأشخاص أو قرارات، أوحجم الظلم الذى يمارسه ضد فئات كاملة فى المجتمع كالفقراء أو المعاقين أو المهمشين.. وهنا فئات أخطر تتجرد من ضميرها، من أجل أن تكسب رضا جماعة أو فئة أو تيار، أو حتى من أجل أن تثبت فقط أنها على صواب، حتى ولو كان ذلك بامتهان الحق واغتيال الحقيقة، فيعمد إلى التشويه والإساءة والكذب، وخداع البسطاء عبر تزييف مُحكم وادعاء باطل، فيدفعهم إلى كراهية حياتهم بعد «تسويد» عيشتهم.
كل هؤلاء يتبعون شعار: «اقلع.. تكسب»، لكنهم فى النهاية محكوم عليهم بالخسران، والحكم ليس من عندى، وإنما من عند رب العالمين :»فأما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث فى الأرض».

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة