حمدى حامد
حمدى حامد


كلمات عابرة

اركب ركوب مودع!

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 12 سبتمبر 2019 - 07:52 م

حمدى حامد

حادث السقوط المروع لميكروباص محور صفط اللبن ووفاة السائق ومعظم الركاب يدعو بإلحاح إلى فتح ملف العشوائية والفوضى اللتين تعانى منهما منظومة الميكروباص خاصة فى المناطق البعيدة عن الرقابة الأمنية والمرورية فى ظل سيطرة «السادة السائقين» الذين يتسببون بقيادتهم الرعناء فى إزهاق أرواح بريئة وتحطيم قلوب ذويها بدم بارد وبلا ذرة من ضمير.. علب من الصفيح الصدئ على عجلات متهالكة يضطر البسطاء لركوبها رغم عدم آدميتها للوصول إلى أعمالهم ومدارسهم وجامعاتهم يقودها فى أغلب الأحيان صبية ومسجلو خطر ومتعاطو مخدرات معظمهم لا يحمل رخص قيادة أو حتى بطاقة شخصية، وتكفى نظرة لسيارات صفط اللبن الرابضة أسفل كوبرى الجامعة على بُعد خطوات من قسم شرطة بولاق الدكرور مثالا على ذلك.. أما العربة الطائشة التى هوت بأحلام أسر فقدت عائليها الذين خرجوا سعيا على رزقهم أو أبنائها الذين انطلقوا لطلب العلم فيبدأ خط سيرها من موقف كرداسة وينتهى بجامعة القاهرة مرورا بمحور صفط اللبن.. ومن واقع معايشة يومية على هذا الخط منذ ما يزيد على عشرين عاما أؤكد بضمير مستريح أن الراكب فيه مفقود والنازل منه مولود، وعليك من بداية الرحلة أن تركب «ركوبَ مودِّع» وتقرأ كل ما تحفظه من أوراد وأدعية وتردد الشهادتين حتى تصل لنهاية الخط «غير المستقيم»، فالسائقون أكثرهم مخالف للقانون، ويتفننون فى مراوغة رجال المرور والهروب من أى كمين على الطريق، بل يفتقرون للحد الأدنى من الأخلاق ويتعاملون مع المواطنين معاملة السادة للعبيد.. ورغم خطورة محور صفط اللبن وارتفاعه الشاهق وكثرة تعرجاته والتواءاته يكاد الواحد منهم يطير من شدة السرعة غير مبال بأرواح الركاب وهو فى حالة أشبه بالجنون يزيدها استعارا ما يشغّلونه من مهرجانات «الخبط والرزع» التى تؤدى إلى التوتر والرعونة أكثر مما تساعد على الهدوء والتمهل، والويل لمن يتجرأ ويطلب خفض الصوت فضلا عن إيقافه، ورغم الشكاوى المتكررة لم يشهد موقف كرداسة حملة مرورية واحدة تضبط إيقاع هذه الفوضى غير الخلاقة التى ساعد على استفحالها غياب قسم الشرطة منذ العمل الإرهابى الجبان الذى شهده فى أعقاب فض اعتصامى رابعة والنهضة..
لم يعد فى قوس الصبر منزع أمام التهاون بأرواح الناس وتحدّى القانون وأصبح مطلوبا وبأقصى سرعة فتح هذا الملف الدامى وأثق فى قدرة اللواء محمود توفيق وزير الداخلية ورجاله الشرفاء على إنجاز المهمة بكفاءة واقتدار لتفعيل القانون وإعادة الانضباط ووقف نزيف الأسفلت.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة