دكتور مرزوق عبد الله
دكتور مرزوق عبد الله


حوار| أستاذ بجامعة أمستردام: على الأهالي تحصين أبنائهم من فتن «السوشيال ميديا»

إسراء كارم

الأحد، 15 سبتمبر 2019 - 03:15 م

يشارك دكتور مرزوق عبد الله، الأستاذ بجامعة أمستردام الحرة، للمرة الثالثة في مؤتمر الأوقاف الدولي، حيث يشارك هذا العام في مؤتمر المجلس الأعلى للشئون الإسلامية بدورته الثلاثين، والذي ينعقد على مداري يومي ١٥ و١٦ الجاري.

وأجرت «بوابة أخبار اليوم»، حوارا خاصا معه، لاستعراض العديد من الأمور الهامة في عدد من القضايا الشائكة، وإليكم تفاصيل الحوار..

- في البداية.. ما رأيكم في «فقه بناء الدولة.. رؤية فقهية معاصرة»؟

عنوان مهم لأن الجماعات المتطرفة يتكلمون في هذه الموضوعات كثيرا وينتقدون الحكام والدول ويصدرون للناس أفكارا خاطئة، عما تقوم به الدولة حتى أن بعضهم يقوم بتكفير بعض الدول وأنها لا تحكم بالشريعة، فإن طرح هذا الموضوع في هذا التوقيت مهم جدا لتصحيح المفاهيم خصوصًا لدى الشباب، لأنهم غير محصنين فكريًا ويأخذون بالمظاهر حتى يكون لديهم مناعة لصد هذه الأفكار حتى لا يصدقوا هؤلاء والذين يقولون ما يعقل وما لا يعقل.

وتكمن أهمية المؤتمر في أنه يعمل على وضع السد المنيع بين المتطرفين والشباب الذين ينجر بعضهم وراء هذه الأفكار.

- الإرهاب يشكل خطرا كبيرا على شباب العالم كله ويعمل على استقطابهم واستخدامهم.. كيف يمكن التصدي لهذه المشكلة؟

الحل في العلماء، فإن لم يتحركوا سيحل الإرهاب محلهم، فإن تركوا الساحة فارغة فسنجد مكانهم الجاهلين والطفيليين، وللأسف سينال التطرف من الشباب حينها بشكل أكبر، ولكن بالعلم نحارب كل هؤلاء، لأن عدو المتطرفين هو العلم، فهم يخشون المواجهة الشرعية والعلمية.

لذا يجب عرض أفكارهم بشكل واسع وتصحيحها وهذه مشكلة العلماء وليس الدولة، فلا يمكن للدولة محاربة هؤلاء أمنيا فقط، وإنما بجهود المؤسسات الدينية، ففي مصر نجد أن الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف ودار الإفتاء، يجعلون التصدي للمتطرفين فريضة.

وبظهور العلماء على القنوات الفضائية، ومن خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، وشبكة الإنترنت، يمكن التصدي للفكر المتطرف وتوصيل الحقائق بما يناسب الشباب وحينها يتعرفون على الصحيح من الخطأ.

وعلى الأزهر في مصر دور كبير وحتى من خلال سفراءه في الخارج، لأن المحاربة الأمنية أثبتت فشلها عند العمل بمعزل عن المؤسسات الدينية، فعلى العلماء التصدي لهذا الفكر بالحجة والدليل.

- مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا ما تستغل لإثارة الفتن والإساءة للمؤسسات الدينية ورجال الدين.. كيف يمكن السيطرة على هذه المشكلة؟

هذه معركة كبيرة وحلها الدخول فيها، فللأسف العلماء يتواجدون فقط في المساجد وعلى المنابر، والشباب ليسوا جميعهم حريصون على الذهاب إلى المساجد، فعلى الأوقاف والأزهر الوصول للشباب من خلال الوسائل الحديثة وعبر التلفزيون أيضا، لأنه يدخل كل بيت وعلى العلماء أن يتواجدوا في وسائل الإعلام حتى يصححوا المفاهيم، وإن حصن الأب والأم أنفسهم فسيحصنون أبنائهم في المستقبل.

الجميع يحتاج إلى مواجهة شرعية من خلال القرآن والسنة، ومن المفترض ألا يتحدث في الدين إلا المتخصص الدارس للعلوم الشرعية، وللأسف خلال السنوات الماضية استغلت الجماعات المتطرفة المساجد والمنابر للترويج لأفكارهم، وهو ما قضى عليهم وزير الأوقاف في مصر بشكل كامل، بإحكام السيطرة على المساجد.

- في الأعوام الأخيرة بعض الظواهر والتي كانت تمارس في الخفاء أصبحت بشكل معلن خصوصا مع تبني بعض المؤسسات لها منها الإلحاد.. فلماذا؟

في الأصل نحن مسلمون، ولكن هذه الأمور تحتاج جهدًا أكبر من المؤسسات الدينية، فلابد من تفسير الإلحاد للناس، لحماية معتنقي هذا الفكر من أفكاره الخاطئة ووضعه على الطريق الصحيح، فهناك حرية دينية والدولة عليها أن تكفل هذا، فالفكر مواجهته لا تكون إلا بالفكر، وبالحديث عن هذه الموضوعات وطرحها للمناقشات، فربما يمكن التصدي لهذه الموضوعات أمنيا، ولكن على العلماء أيضا أن يتصدوا وأن يفسروا للناس وللمجتمع.

- تشتهر المغرب بأعمال السحر واللجوء للشعوذة «لجلب الحبيب» وغيرها من الأمور.. أين رجال الدين من هذه الأمور؟

الأمر ليس في المغرب فقط، فهي في معظم الدول العربية، وحله الإيمان بالله والثقة في أن لا شيء ينفع الإنسان أو يضره إلا بأمر الله، فهذه الظاهرة سببها أنه ليس هناك إيمان بالله وأن الإنسان لن يرى إلا ما كتبه الله عليه، وبالتالي عندما يكون هناك خوار فكري سيبحثون الناس عن هذه الأمور، فالأمر مرتبط بالترابط الأسري، والتصديق لبعض الأفكار، ولبعض المشعوذين الذين لهم مصلحة، لذا لابد من التصدي لهؤلاء.

ويأتي ذلك بشرح الموقف الإسلامي من قضية السحرة واللجوء إلى مثل هذه الأمور، والأمر مرتبط أيضا بمسألة اقتصادية وهناك من لهم مصلحة في تفشي هذا الفكر واستغلاله اقتصاديا، فهناك من يدعون قدرتهم على القضاء على السحر فهم أيضا من مصلحتهم استمرار هذه الأفكار العبثية، فمن الضروري كشف ملابسات كل ما يخص هذا الموضوع وشرحه بما يلائم فكر الناس وفضح هؤلاء من خلال المنهج الوسطي المعتدل بالقرآن والسنة عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والمساجد.

- كيف يمكن تحقيق المصالح الخاصة للدولة دون المساس بالثوابت الدينية؟

عندما نتحدث عن قوانين دولة فسنجدها مرتبطة بما يوافق الإسلام، وما يخالف الإسلام يقوم العلماء بالتصدي له ورفضه، حتى القوانين الأوروبية أُخذت من الفكر الإسلامي، لذا ليس كل قانون يرفض، لأن هذه القوانين تبنى على المصلحة، وتنظيم علاقة الفرد بالفرد والجماعة بالجماعة، فمسألة الثوابت لا مساس بها على الإطلاق ومصلحة الدولة الخاصة مرتبطة بالانتماء للدولة والعمل على نهضتها وتطورها وهو ما لا يخالف الشريعة الإسلامية بأي شكل من الأشكال.

- مازال مصطلح الأقليات هو السائد رغم المناداة المستمرة بالتعايش السلمي والمواطنة.. فلماذا لا يتم تقبل الآخر بعد كل هذه الجهود؟

نحن انتقلنا من الأقليات إلى المواطنين، وتواجد المسلمين في الغرب أصبح حقيقة، فينبغي على المسلم أن يصبح عامل بناء واستقرار وليس عامل هدم، وعليهم القضاء على الفكر المتطرف ويثبتوا أنهم أصحاب فكر واع وعليهم احترام مجتمعهم والمجتمع الذين يعيشون فيه، ويرسخوا مفاهيم احترام الآخر، ويدخلون فيما يسمى بلغة الحوار مع الآخرين، لشرح الدين والعقيدة، حتى يظهروا صورة المسلم الحقيقية، والمسلمون قطعوا شوطا كبيرا في هذه المسألة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة