رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

خد بالك من دماغك

رفعت رشاد

الأحد، 15 سبتمبر 2019 - 08:47 م

وضع الرئيس السيسى بحديثه عن حروب الجيل الرابع والتأثير الإعلامى على أدمغة البشر يده على قضية من أخطر القضايا ، فهذا الموضوع هو لب السياسة التى تتحرك بوصلتها بناء على شراع إعلامى لا ينتبه إليه الناس العاديون ، بل نتلقى رسائل إعلامية تدفعنا لاتخاذ موقف ما تجاه قضية ما بدون أن ندرك أن هناك من يحرك بوصلتنا كما يريد ، وأحيانا نتفكر إن كان ما نعيشه حقيقة وواقعا فعليا أم أن كل ذلك من صنع الإعلام.
الدول القادرة على شن حروب إعلامية بالمفهوم الواسع يمكنها التأثير على الشعوب الأخرى حسبما تريد _ إلى حد كبير _ ، لذلك فإن تحصين الأدمغة مسألة حتمية ولا بديل عنها ولذلك طرق عديدة يفهمها خبراء الإعلام وعلم النفس. كان الأمريكان أول من أدرك هذه القوة مع بدايات القرن العشرين إبان الحرب العالمية الأولى. بينما كان الشعب الأمريكى غير راغب فى المشاركة فى الحرب ضد ألمانيا ، فإن الرئيس ويلسون كان يحبذ خوض الحرب تمديدا لمصالح الدولة الفتية القوية لبدء خطة توسعها العالمى. الغريب أن ويلسون استخدم الصحفى جورج كريل لكى يدير حملته الانتخابية تحت شعار «ويلسون أبقانا بعيدا عن الحرب «.. وهو نفس الشخص الذى غير الرأى العام الأمريكى خلال 6 أشهر فقط لتتصاعد الأصوات داعية لخوض الحرب وهذا يؤكد على مدى قوة تأثير الإعلام على الرأى العام من خلال أدوات نفسية تخلط ما بين الحقيقة والافتراضى والخيالى والأسطورى لكى تستميل الجمهور وتدفعه لاتخاذ الموقف الذى تقف وراءه نخبة أو عصبة من أصحاب النفوذ أو من الدول الأخرى تحقيقا لمصالحها.
ابتكر كريل ما يسمى رجال الدقائق الأربع مستخدما جيشا من الشخصيات العامة والفنانين والمشاهير فى كل المجالات لكى يلقى هؤلاء خطبة قصيرة جدا لا تزيد مدتها على أربع دقائق فى الحشود الجماهيرية وتحديد الدقائق الأربع من قبل اللجنة يدل على فهم مبكر لطبيعة الجمهور وفهم مبكر جدا لمدى تأثير التويتات والرسائل القصيرة فى مواقع التواصل الاجتماعى على نفسية المتلقى ، وبالفعل استطاع رجال الدقائق الأربع إلقاء 7٫5 مليون خطبة قصيرة استمع إليها 314 مليون أمريكى أى أن كل مواطن استمع فى المتوسط إلى ثلاث خطب فتغيرت توجهاتهم الذهنية وأيدوا خوض بلادهم الحرب.
تستخدم حروب الجيل الرابع كل أنواع التواصل الإعلامى وكذلك الفنون وخاصة السينما ولا نغفل هنا دور السينما الأمريكية فى إحداث تأثير كبير جدا لدى المتلقين للتكامل مع نسيج الثقافة الأمريكية والمواقف السياسية للولايات المتحدة. لا يقتصر الأمر على النواحى السياسية فيما يرتبط بالتأثير الإعلامى بل صار هذا التأثير يصل إلى كل المجالات ومنها مجال التسويق لتشجيع الاستهلاك ودفع الناس للشراء بكل الوسائل.
تعتمد الحروب الإعلامية على استخدام طريقة الفبركة بالاستفادة من قليل من المعلومات ليضاف إليها كثير من الأكاذيب لكى تتحول فى النهاية إلى سلاح يغير مدارك الفرد ومن ثم الرأى العام أو الجمهور بمفهومه الواسع وفى هذا خطورة شديدة على الأوطان. والسبيل الوحيد لتحصين أدمغتنا هو إعلان الحقائق أولا بأول والتعامل بجدية مع أسلحة الغزو العقلى الخطيرة.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة