د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

بهذه الأفكار نتحجر..!

د.محمود عطية

الخميس، 19 سبتمبر 2019 - 07:21 م

 

 قولا واحدا.. لا تقدم بلا غربلة لأفكارنا العتيقة ونسف ثقافتنا الكسول ووأد موروثاتنا السحرية البليدة.. ولا حياة لنا دون إعادة النظر فى تصوراتنا حول العالم والعلم.. ولا تطور بلا مراجعة مخلصة وأمينة لمعتقداتنا.. ولا هناء لنا على الأرض بما عشش وعفن فى عقولنا ونحيا به كمن يقضى مدة عقوبة بين جدران سنواتنا ونظن أننا مازلنا أحياء وفى الحقيقة نحن مغمى علينا والعالم يتقدم من حولنا.. ولا أفهم كيف يتم الترويج لأفكارنا السحرية وخيوط العنكبوت تتحلق حول عقولنا وتزين لنا كالشيطان أفكارنا الخرافية البليدة.. !
وليس أعجب من تخيلنا أننا متأخرون لأننا بعدنا عن الدين وعن الله.. ونحن من أكثر شعوب الأرض صلاة ودعاء واحتفالا بالمواسم الدينية وإحياء للسنن.. ولا ندرك أننا متأخرون لعدم أخذنا بأسباب الحضارة وأخذنا بأسباب الخطاب الدينى السلفى الذى يصور لنا أننا بمجرد تمسكنا بالدين نسيطر على أبواب العالم والعلم.. ونسى أن علماء الإسلام ابن سينا والكندى والفارابى وغيرهم تمسكوا بالدين ولم يتركوا معامل العلماء وبحثوا ونقحوا واجتهدوا فى الأرض حتى انفتحت لهم مغاليق العلم ولم يكتفوا بالدعاء وصاحبوه بالعلم والعمل.
ولا أستوعب كيف يطربنا سماع أننا خير أمة أخرجت للناس.. ولا نفهم أننا نكون خير أمة أخرجت للناس حين نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر.. والمعروف يمكن أن يكون بالحض على العلم والعمل والنهى عن المنكر يكون بالبعد عن كل ما يقتل وقتنا وبالتصدى لمافيا المخدرات والحض على عدم التهرب من الضرائب!.
وكل دول العالم الإسلامى تتقاتل وتنتحر ويعصف بها الإرهاب وسط تفسيرات دينية أحكم سبكها من خلال دعاة تم برمجتهم للعصف بنا وبمقدراتنا ولا ننصت بجدية لدعوات الرئيس بتجديد الخطاب الدينى!
وبأفكارنا الخبيثة ننزعج لشفافية فستان الفنانة إياها وصدر الفنانة الناهد البض خلف الثوب الأحمر.. وتتعالى أصوات السلفيين والسوشيال ميديا وأدعياء الفضيلة والشرف ولا يزعجهم ما يقومون به من مخالفات البناء وتبوير الأرض الخضراء ولهف ميراث الأنثى وتقاتل العائلات الغبى والرشوة وعدم احترام المرور وإلقاء القمامة وسط الطريق ويلعنون أوربا وأمريكا ويقفون بالساعات فى انتظار تأشيرة لدخول هذه الدول.. ويأخذ ضميرهم إجازة مفتوحة أمام مستشفى الأطفال الذى يصرخ طالبا التبرع لنقص أدوات العلاج وأسرَّته.
وتصفح معى عناوين جرائم تنشر بجريدتنا لترى كيف أن أفكارنا «مسخرة» حول الشرف.. أب يقتل ابنته لشكه فى سلوكها وحفاظا على شرفه.. عريس يقتل عروسه حين سمعها تتحدث فون مع آخر.. وزوج يذبح زوجته حين عادت من زيارة أبيها المريض لأنها لم تستأذنه.. ونتصور أن الشرف ينحصر فى محافظة المرأة على أعضائها التناسلية وشرف الرجل وكرامته بين تلك الأعضاء.
وليس مهماً قوة المرأة ولا حتى تعليمها حتى لو كانت ميركل رئيس وزراء ألمانيا وماى رئيس وزراء انجلترا السابقة ولا حتى النساء اللائى يحكمن كثيرا من دول العالم ومازلنا نتصور أنهن ناقصات عقل ودين وأن الله خلقهن لمتعة الرجل!.
قل لى بالله عليك كيف نتقدم بما وقر واستقر وتمدد فى عقولنا من هذه الأفكار المتحجرة؟!.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة