عمل المرأة بين المقبول والمرفوض في عقل الرجل
عمل المرأة بين المقبول والمرفوض في عقل الرجل


تقرير| عمل المرأة المصرية بين المقبول والمرفوض

منى إمام

الأحد، 22 سبتمبر 2019 - 12:12 م

قضية عمل المرأة وتدخل الزوج لمنعها من ممارسة حقها في العمل من القضايا التي يتم طرحها باستمرار، ربما لتجدد العوامل المؤثرة والمتأثرة بها وربما لأن المحاولات التي جرت لعلاج المفاهيم الخاطئة المرتبطة بهذه  القضية لم تنجح في اقتلاعها من جذورها.

وجاءت آراء البعض ما بين معارض ومؤيد لعمل المرأة، حيث قال خالد على "محاسب" إنه يرفض فكرة منع المرأة من العمل لأنها معلمة الأجيال في مجتمعها ومديرة منزلها والطبيبة النفسية لزوجها ولها الكثير من الأعمال الشاقة المنزلية، فإذا كان لديها وقت فراغ فلها أن تختار الوظيفة المناسبة لها ولمكانتها، مؤكدًا تعاطفه مع الزوجة التي تضطر للنزول إلى العمل بسبب ضعف دخل الزوج، ولها كل الاحترام والتقدير لما تتحمله من عناء.

وتعجب فايد محمد "مدير مشروع" من أن رجلا تقدم للزواج من امرأة عاملة وبعد زواجه بها رفض عملها، إلا إذا وجد أمرا مريبا في وظيفتها ومحيط العمل الذي يخصها.

وقال إنه على الزوجة أن ترضي زوجها ويجب عليها تغيير مجال عملها والمحيط الذي تعمل به لمجال عمل آخر لا يحتوي على ما يثير ريبته أو يزعجه.

وأعربت نور محمد محاسبة عن تضامنها مع عمل المرأة إن كانت الحالة المادية تقتضي عملها، أما إن كان الزوج قادر على إعالة الأسرة دون تقصير فلا داعي لعملها.

وجاء رد خبراء علم النفس والعلاقات الأسرية وخدمة المجتمع كالاتي:

قالت الدكتورة ندى الجميعي استشاري العلاقات الأسرية ومتخصصة في تنمية وخدمة المجتمع إن عمل المرأة ليس فقط في الخروج من بيتها، إنما العمل هو التطور الذي تحاول جاهدة الوصول إليه. 

وأشارت إلى أن التقدم الذاتي الذي تحققه المرأة قد يحدث تغيير كبير في أفكارها ويقلل من المشاكل التي تحدث في بيتها لأنها شغلت مساحة كبيرة من ذهنها وحياتها.

ونوهت الدكتورة ندى إلى أن المرأة العاملة الناجحة لا تكون مقصرة ببيتها، إنما تدخل البهجة والحيوية إلى البيت وتغير المزاج للأفضل ويتوسع إدراكها لبعض الأمور مما يجعلها تستطيع أن تتخطى المشاكل الحياتية.

دعوات خروج المرأة للعمل

ومن جانبها قالت د. بثينة الفقي استشاري الإرشاد الأسرى والعلاقات الزوجية، إن العمل يمنح الإنسان قيمة مضافة لوجوده في الحياة ومكانة وتميز وسعادة نظراً لما يشعر به من نجاحات وتقدير لذاته واحترام الآخرين وتشجيعهم له، والمرأة كذلك لها كيانها وتقديرها الذاتي لنفسها ورضاها عن وجودها كعضو ناجح ومنتج في المجتمع تؤدي عملها بكفاءة وتميز وتشارك الرجل في كل مجالات العمل والإنتاج لصالح تنمية وتقدم المجتمع.

وأضافت د. بثينة الفقي أنه رغم دعوات خروج المرأة للعمل التي انطلقت منذ القرن التاسع عشر والمكتسبات التي تحققت في مجال حقوق المرأة وحريتها الشخصية في الدراسة والعمل واختيار الزوج وغيرها، فمازال هناك أزواج يرفضون عمل زوجاتهم بل ويضعون شرط تفرغ الفتاة للبيت وأمور الأسرة بعد زواجها ضمن اتفاقات الزواج من البداية، على اعتبار أن الرجل قادر على الإنفاق على أسرته ومن ثم فليس هناك حاجه لعمل الزوجة أو أن وجود المرأة في بيتها ورعاية أسرتها هي أفضل الأعمال التي تقوم بها وهذا رأي نتفق معه حول أهمية دور المرأة في الأسرة ومع الأبناء خاصة في السنوات الأولى من حياتهم.

دور الرجل في حياة المرأة

وأوضحت أنه لذلك شرع القانون أجازة للأم لمدة عامين لرعاية الطفل والاهتمام به ولكن ان يلقى عليها الزوج مسئولية البيت وتربية الأبناء بحجة أنها لا تعمل وهي في الحقيقة تقوم بأعظم عمل، وهو تربية وتنشئة الأطفال تربية صحيحة، فهذا يحتاج لوقفة؛ لأن دور الأب مهم ومكمل لدور الأم تماما؛ ولذا المشاركة والتعاون بينهما أمر أساسي، وهناك من يروج لفكرة أن المرأة كائن ضعيف ورقيق ولا يمكنها تحمل أعباء العمل وضغوطه وهي مسئولة من الأب والأخ في نفقاتها وحين تتزوج تكون مسئولية الزوج في الإنفاق عليها وخوفاً عليها من تغير طبيعتها من الرقة إلى الشدة والخشونة والندية في التعامل مع الزوج أو سبب أخر وهو الخوف من الاستقلال المادي والتمكين الاقتصادي الذي يجعل لها رأي وشخصية وقرار، فتطالبه بأن يشاركها أعمال البيت مثلما تعمل مادامت تشاركه في نفقات المعيشة، أو يصبح قرار الانفصال سهلاً لقدرتها على الإنفاق على نفسها بوجود دخل خاص بها بالإضافة إلى تخوف بعض الأزواج من انخراط زوجته في العمل والاحتكاك بالأخريات وتقليدهم في الإنفاق أو طريقة الحياة أو الغيرة من تعامل الزوجة مع رجال في العمل واهتمامها بمظهرها وشكلها في العمل على حساب إهمال البيت والأبناء وهذا ما يحدث مع بعض الزوجات كأضرار ناتجه عن اهتمامها بالعمل على حساب البيت ودورها فيه، مشيرة إلى أن ما سبق قد يدفع البعض لأن يحجم كثير من الأزواج عن تشجيع زوجته على العمل حتى وان كانت تحمل أعلى الشهادات العلمية.

وأشارت د. بثينة الفقي إلى أنه في الجانب الأخر نجد أزواج يساعدون زوجاتهم لنزول ميدان العمل والنجاح واكتساب الخبرات اللازمة والارتقاء بقدراتهم وتنسيق الأدوار بينهما لتحقيق التوازن ورعاية الأسرة والمشاركة في نفقات المعيشة وتحسين حال الأسرة وتعليم الأبناء وتلبية كافة الاحتياجات بحب واحترام ومودة وتعاون وخاصة في الأسر متوسطة الحال.

مميزات المرأة العاملة 

وأوضحت الفقي أن الأم التي تعمل تمتلك مهارات وقدرات وخبرات أعلى للتربية والتعامل مع الزوج والأبناء وتكوين علاقات ناجحة في الوسط الاجتماعي المحيط بها، وتكون مستقرة نفسياً وفي حالة رضا داخلي واستقلالية وتشعر بأهميتها داخل أسرتها وفي عملها بتعاونها مع زوجها وتفهم كلاهما لطبيعة عمل الآخر وتنسيق الأدوار وتكاملهما معاً وبمشاركة الأبناء، مضيفة أن الزوجة الواعية هي التي تكون قادرة على إحداث توازن بين دورها كزوجة تحرص على تقوية علاقتها الحميمة بزوجها وأم ناجحة وامرأة عاملة ناجحة ولن يتحقق هذا النجاح إلا بتعاون الزوج ومساندته وتشجيعه ومشاركته الفعلية في مسئوليات الأسرة والأبناء بالمودة والرحمة والتعاون وكما قيل وراء كل رجل عظيم امرأة نقول وراء كل امرأة عظيمة رجل أعظم.

المرأة تتفوق على الرجل

ومن جانبه أشار عاصم عبد المجيد حجازي مدرس علم النفس التربوي كلية الدراسات العليا للتربية جامعة القاهرة إلى أن للمرأة الحق في التعلم والحصول على أعلى الدرجات العلمية وليس لهذا الحق أي معنى أو فائدة إذا لم يكن له مردود إيجابي على المجتمع والأسرة فالدولة تنفق الكثير على تعليم الفتيات والكثير منهن يتفوقن على الرجال في التحصيل ويحصدن أعلى الدرجات وبعض المهن والوظائف يفضل أن تقوم بها النساء وليس الرجال فما المبرر إذا لمنع المرأة من العمل وحرمان المجتمع من ثروات بشرية وقدرات ربما ليست موجودة لدى الرجل في كثير من الأحيان غير أن ما تقدم ذكره يتناول الموضوع كقضية مجتمعية وبالنظر إلى عمل المرأة كقضية أسرية فإن هناك العديد من الاعتبارات التي يجب أن نضعها في الحسبان.

أسباب رفض الزوج عمل زوجته

وأوضح د.عاصم أن الأسباب التي تدعو الزوج إلى عدم الرضا عن خروج زوجته للعمل متعددة، ومنها أن يكون الداعي لمنع الزوجة من العمل هو الشعور بتفوق الزوجة، حيث تكون الزوجة في وظيفة تتمتع من خلالها بمركز اجتماعي أو مردود اقتصادي أعلى؛ ما يؤدي إلى الشعور بالنقص، وقد يكون الدافع هو الإفراط والمبالغة في الغيرة، وقد يكون السبب هو الفهم الخاطئ لبعض النصوص الدينية والأحكام الفقهية.

وتابع الأسباب التي تدعو لعدم رضا الزوج عن خروج زوجته للعمل قد يكون أن الوظيفة تتطلب قضاء وقت أطول خارج البيت وهو ما يلقي بالكثير من المسئوليات على الزوج، بالإضافة إلى عدم حصوله على الراحة التي يتمناها لنفسه ولأسرته، وقد يكون السبب هو الحرص على مستقبل الأبناء وشعور الزوج بانشغال الأم عنهم بالإضافة إلى انشغاله هو الآخر، وقد يكون السبب المبالغة في العداء لوجود خلافات أسرية أخرى، أو بسبب تدخل أفراد أسرة الزوج أو الزوجة.

كيفية التغلب على رفض عمل الزوجة؟

وأشار إلى أنه يمكن التغلب على أسباب رفض الزوج لعمل المرأة من خلال الحوار بين الزوجين والتفاهم ووضع خطة محددة للعمل وتوزيع النفقات مع الأخذ في الاعتبار توزيع المسؤوليات من رعاية ومتابعة الأبناء وتأمين الاحتياجات المنزلية وغيرها، ومحاولة تحليل الموقف تحليلا منطقيا يشمل المميزات والعيوب، وبحث إمكانية الحصول على المميزات من طريق آخر أم لا وهل يمكن التغلب على العيوب  أم لا وعن طريق عمل مقارنة سريعة بين المميزات والعيوب يمكن من خلالها التوصل إلى قرار منطقي يرضي الطرفين.

فائدة عمل للمرأة

وأكد د. عاصم على ضرورة أن يأخذ الزوج في الاعتبار الفوائد النفسية والاجتماعية التي تعود على الزوجة بسبب العمل، والتي تتضمن نضج الشخصية التي تشعر بقيمتها في المجتمع وتزداد ثقتها في نفسها وهو ما ينعكس بصورة إيجابية على أبنائها، والشعور بالغربة والانعزال الذي يسببه الابتعاد عن المجتمع والمكوث في البيت والذي يمكن أن يتسبب في العديد من المشكلات النفسية التي قد تصل إلى الشعور بالملل والقلق والاكتئاب .

وتابع أن العمل فرصة جيدة لنمو الخبرات المعرفية في المجال الذي تعمل فيه المرأة بالإضافة إلى نمو الجانب الاجتماعي بما يشمله من مهارات وعلاقات اجتماعية، وخبرات حياتية، وتأمين مصدر دخل إضافي للأسرة في حال تعرضت الأسرة لظروف طارئة من وفاة أو مرض أو غير ذلك، والمرأة العاملة متجددة باستمرار من الناحية الثقافية والاجتماعية والحياتية بالإضافة إلى أنها أكثر نشاطا وأكثر نقلا للخبرات من خارج المنزل حيث تستفيد من خبرات زميلاتها في العمل في الشئون المنزلية والاجتماعية أيضًا.

وفي النهاية قال د. عاصم إن كل هذه الفوائد النفسية والاجتماعية تنعكس بشكل واضح على الأسرة والأبناء فهي التي تقوم على أمرهم وتتولى الجانب الأكبر من  مسئولية الإشراف عليهم.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة