كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

أين يهاجر المصريون؟

كرم جبر

الإثنين، 23 سبتمبر 2019 - 07:46 م

100 مليون مصرى أين يذهبون، إذا لا قدر الله ؟
لا يمتلكون مهارة السوريين فى التجارة والشطارة، ولا يعرفون فنون صناعة الحلويات والشاورما، وليس على حدودهم تركيا التى سمحت بالهجرة إلى أوروبا، هرباً من ويلات الحرب.
وجنوب بلادنا السودان، والسودانيون جاءوا إلينا ورحبنا بهم أشقاء فى وطنهم الثانى، ولكن يمر بلدهم بظروف اقتصادية صعبة، ولا يستطيع أن يستقبل خمسة أو عشرة ملايين مهاجر مصرى، إذا تعرض الوطن للحرب الأهلية لا قدر الله.
وغرب بلادنا ليبيا، البلد الذى كان رائعاً ويستضيف ملايين المصريين، وأبناء الريف والصعيد بالذات تربطهم بليبيا حالة حب خاصة، لكن ليبيا الآن موجوعة، وتلملم جراحها من ويلات حروب الميليشيات المسلحة، التى ترتكب أبشع الجرائم الهمجية.
وشمال شرق مصر إسرائيل وحماس، والإثنان ألعن من بعض، والمصريون بطبعهم لا يحبون إسرائيل بسبب فلسطين، وحماس ترد لنا الجميل والمعروف بالتآمر والكيد والشماتة، ويا ويل أى مصرى يقع فى مرمى نيرانهم، وغزة التى تشبه برميل البارود لا تستطيع استقبال مصرى واحد.
لا مكان يتسع للمصريين فى الأرض سوى مصر، أغلى شيء فى الدنيا، أرضها تحتوينا والسماء تظللنا والنيل يروينا، ومهما كانت الشكوى فلنا وطن، مثل البيت نعيش فيه آمنين، ونغلق أبوابنا أثناء الليل، بعد أن نطمئن أن البنات والولاد والأحفاد عادوا إلى غرفهم سالمين.
مصر ليست صحراء يقيمون فيها خيمة، وتتصارع قبائلها على الكلأ والماء، ولا ننسى فى أيام الفوضى السوداء، حين استحضر الإخوان نماذج مصغرة لحروب صحراوية، والسيوف والخناجر والحراب، وأناس جاءوا من أعماق الماضي، يسترجعون غزوات الجاهلية.
عاد إلينا عتبه وشيبه وحنظله وعمير ونوفل، من سفوح الجبال وعصف الرمال، إلى التحرير ومحمد محمود ورمسيس والقبة، يحملون سيوفاً وحراباً وخناجر وأعلاماً سوداء.. هل عادت مصر إلى زمن الغزوات وحروب الكر والفر وداحس والغبراء؟
نتساءل: إذا كان هؤلاء «بتوع ربنا» - كما يزعمون - لماذا يجعلون رموز ثورتهم الكاذبة «حشاش» يرقص كالمسلوخ فى الشوارع والميادين ويتباهى بالسجائر الملفوفة بالبانجو، و«خمورجى» يرفع الكأس ويراقص نساء عاريات.. عندهم الغاية تبرر الوسيلة.
مصر معجونة بالإبداع، إبداع الحياة التى تحتوى الجميع دون تمييز بسبب دين أو جنس أو عرق، وإبداع التعايش السلمى الآمن وكراهية العنف والدماء.. وإبداع المصريين فى حب بلدهم والدفاع عنه، فليس لهم أرض سواها ولا قبر سوى ثراها.
مصر لم تكن ولن تكون وطناً للإخوان، لن يحكمها ماليزى أو سريلانكى أو نيجيرى، ولن تتنازل عن شبر من أراضيها فى صفقات الخلافة المشبوهة، ولن يتورط هذا الشعب الطيب فى حرب أهلية، وقودها اللعب بالأديان.
100 مليون مصرى، إفطارهم 150 مليون رغيف، وأطباق الفول والطعمية والبصل والمخللات، لن يجدوا شيئاً من هذا إلا فى مصر.. يحفظها الله على مر الأزمان.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة