نوال مصطفى
نوال مصطفى


يومــيات الأخـــبار

سر الرمال الساخنة

نوال مصطفى

الثلاثاء، 24 سبتمبر 2019 - 08:28 م

«أكثر ما غسل روحى، وملأنى بالصفاء النفسى فى سيوة، إلى جانب الطبيعة الصحراوية الخلابة، بسكونها الصاخب، وهمسها المزلزل، هم: الناس. أهل سيوة الذين التقيت بهم فى رحلتى القصيرة».

تملكنى الشغف، وحركنى الفضول للقيام بهذه المغامرة، أن أشد الرحال إلى مكان بعيد جدا، صعب المنال، لكنه دائما ما يطرق باب ذاكرتى ويلح فى الطرق: متى تأتين إلىّ؟ متى تحطين رحالك إلى أرضى، تغوصين بكلك فى سمائى الملهمة، متى تنامين تحت رمالى وتسبحين فى مياهى؟ ظلت فكرة تحتل نقطة خفية فى أعماق جمجمتى، توخزنى بجريدة نخل رفيعة كى أنتبه، وأنفذ. إنها الواحة الساحرة، التى طالما داعبت خيالى، وحفزت فضولى قبل أن أزورها، كأنى أراها بعين قلبى. ظللت أتابع ما يكتب عنها وما يرويه عشاقها عنها من حكايات حية، نابضة بالسحر والغموض. هؤلاء الذين وقعوا فى شباك حبها، وأخذتهم بسحرها الخاص. إنها واحة سيوة، واحة الغروب كما أسماها أديبنا القدير بهاء طاهر.
مسكونة أنا بالتجربة الشخصية التى أتوق لمشاركتها معكم قرائى الأعزاء، وأخشى أن تجرفنى التفاصيل التى يجب أن أذكرها عن تاريخها، كنوزها، وواقعها الآن. فإذا كان لابد من بعض المعلومات السريعة عن الواحة فلا بأس، لكنى فى الحقيقة لا أريد أن استغرق كثيرا فى سردها. وأظننى سأكتب عنها فى يوميات أخرى، لأن مساحة واحدة لا تكفى لسرد تجربة فريدة.
واحة سيوة تبعد عن القاهرة بـ830 كيلو مترا، وعن جنوب مرسى مطروح بـ300 كيلو متر. تتبع إداريا محافظة مرسى مطروح، سكانها لا يزيد عددهم على 40 ألف نسمة، يتكلمون اللغة الأمازيجية «الأمازيغية» وطبعا اللغة العربية، لكن الأمازيجية هى اللغة الأصلية لديهم ويطلق عليهم «أمازيج مصر». تنخفض سيوة عن مستوى سطح البحر بـ18 مترا وهذا ما يجعلها أنقى مدن مصر على الإطلاق.
أهم المعالم السياحية فى سيوة هى مدينة «شالى» وهى أكبر مدن الواحة، وفى وسطها يوجد «قصر شالى»، ومنه تأخذك الممرات الرملية لـ «معبد الوحى» الذى زاره الإسكندر الأكبر ذات يوم طالباً نبوءة الآله آمون. وعين كليوباترا التى استحمت فى مياهها يوما حسبما يقوله أهل الواحة.
وتعد قلعة شالى حصن الواحة الدائم، وتبدو بقايا الدمار الذى لحق بالقلعة فى القرن الثالث عشر واضحة وسط الواحة، وقد بُنيت القلعة من أحجار ملحية من البحيرات المالحة والطمى، وتتعرض القلعة للمزيد من التحلل بعد كل هطول للأمطار، وتشتهر الواحة بالتمور والزيتون، والمصنوعات اليدوية.
هناك أيضا جبل الدكرور الذى يجاور مرادم الرمل الساخنة الشهيرة التى يذهب إليها الناس من كل بلاد العالم طلبا لنوع خاص من السياحة العلاجية، وهو الردم تحت الرمال الساخنة والتى توارثها عدد من سكان الواحة أبا عن جد. وما يقال عنها إنها تشفى من أمراض عديدة على رأسها الروماتايد. كما تساعد فى تنشيط الدورة الدموية، وتخليص الجسم من السموم. أى فلترة الجسم كما يقولون.
كذلك يوجد معبد آمون، الذى يعود تاريخه إلى الأسرة الحاكمة الثلاثين، كما أن بها جزيرة «فاتناس» وهى واحدة من مواقع السباحة المفضلة فى سيوة، وتعرف باسم «جزيرة الخيال» حيث يذهب السائحون من مختلف بلاد العالم لمتابعة مشهد الغروب الخلاب هناك.
ناس الواحة
أكثر ما غسل روحى، وملأنى بالصفاء النفسى فى سيوة، إلى جانب الطبيعة الصحراوية الخلابة، بسكونها الصاخب، وهمسها المزلزل، هم: الناس. أهل سيوة الذين التقيت بهم فى رحلتى القصيرة؛ عمر طقة، محمد جلة، إبراهيم، عطيوة، أم محمد، وآخرين. إنهم مصريون مثلنا، لكنهم من طراز خاص، ورائع.
ربما بسبب بكارة واحتهم الصحراوية، ربما بسبب بعدهم الشديد عن كل مراكز الزحام والتشتيت القاهرى أو حتى فى أى محافظة أخرى، ربما لأن مدينتهم طبعت على خصالهم، وأخلاقهم ملامح الأصالة والصدق والأمانة. فهناك يمكنك ترك سيارتك مفتوحة وتذهب لتشترى شيئا وتعود لتجد كل شئ فى مكانه، لم تمتد إليه يد. هناك الناس يعيشون فى أمان كامل، وينعمون بالفطرة الإنسانية التى خلقنا الله عليها، لم تتشوه نفوسهم، ولم تلتقط عقولهم أمراض العصر التكنولوجية، التى حولت الكثير منا إلى روبوت مسير بفعل قوى سرمدية، غير مرئية!
الإنسان السيوى لايزال يتمتع بكامل إنسانيته، وبكارة فطرته. تتسرب إليك موجات من الطاقة الإيجابية بمجرد جلوسك فى بيت عمر طقة السيوى البسيط، الأشبه بالدار فى القرى المصرية، الكليم مفروش على الأرض، والطبالى «جمع طبلية»، والرجال يصنعون شاى «الزردة» البديع مخلوطا بعشب اللويزا «عشب الليمون»، أما النساء فلا يجلسن مع الرجال، لهن مكانهن الخاص بهن فى الدار. المجتمع هناك يفصل تماما بين الرجال والنساء، منغلق تماما فى هذه الجزئية.
الناس فى الواحة منتهى الطيبة والحب لمصرهم الغالية، يملأهم الفخر بكونهم «سيويين» أى من سيوة، ويحز فى نفوسهم الإهمال والتجاهل المخجل الذى تلاقيه الواحة الساحرة من الحكومة !
الطريق إلى سيوة
لم أكن أتخيل أن أسير فى الطريق إلى الواحة التى تجذب السائحين من كافة بلاد العالم لأجد أكثر من 65 كيلو مترا منه «مدق» طريق بلا حواجز. تجد نفسك فى «الهوا» ومعاك ربنا ! ليس هناك محطة خدمة سريعة واحدة على طريق ممتد طوله 290 كيلو مترا!! شردت فى تلك المفارقة الغريبة، وتساءلت: لماذا لم تلتفت الحكومة إلى هذا الطريق المهم لواحدة من أهم المدن السياحية على أرض مصر؟ لماذا تترك سيوة بلا أطباء فى المستشفى الموجود هناك رغم وجود الأجهزة الطبية؟ لماذا تترك التريسيكلات والتكاتك تسير هناك بصورة عشوائية ولا تخطط لها مسارات؟ لماذا لا يوجد عسكرى مرور واحد ينظم حركة المركبات فى الشوارع؟ من هنا أناشد محافظ مطروح أن يصدر توجيهاته إلى الجهات المعنية للاهتمام بالواحة الجميلة، واحة الغروب، التى كانت تنافس فى وقت سابق كما يقول أهل الواحة شرم الشيخ والغردقة من حيث تدفق أعداد كبيرة من السائحين عليها. إنها «جوهرة صحارى العالم» كما يطلقون عليها، مدينة النخيل الذى يحتضنك فى كل شبر تسير فيه، وتقبلك تموره المتدلية من النخلة. فهل نتركها تتوارى فى سحب الإهمال، ونعاملها بصورة لا تليق بها؟!
الإخوان.. كلاكيت عاشر مرة!
صعدوا على مسرح الأحداث مرة أخرى، هؤلاء الذين يكرهون أنفسهم، وووطنهم مصر، ويؤمنون بالخلافة الإسلامية والعودة إلى أيام الجاهلية الذين يسمون أنفسهم «الإخوان المسلمون». إنهم صيادو الفرص الخسيسة، الذين ينتعشون فى مياه الفكر الراكدة كالحشرات، وينتشون بمسرحية الخراب والهدم التى يقدمها ممثلون فاشلون، وحرامية هاربون من العدالة!
المشهد عبثى إلى أبعد حد، ملىء بالسخرية، الهزل، والضحك حتى البكاء، أساتذة جامعة وأدباء يغازلون الغرب، يحلمون بالجوائز العالمية التى يقتنصونها على جثة الوطن، يغردون على تويتر بكلام لا يقبله عقل طفل فى ابتدائى، فيصفون البلاهة والكلام الرخيص الذى يتقيؤه علينا مرتزقة أكلوا وشربوا وامتلأت حساباتهم البنكية من خير هذا البلد بالعبقرية، ويطلقون عليهم ويا العبث أوصافا من عينة «الزعيم» و«البطل الشعبى» و«الملهم» !!!
المحاولات مستمرة من أهل الشر الذين يستهدفون بلدنا الحبيب مصر، وجيشها العظيم حامى مقدراتنا وأراضينا، ورئيسنا المخلص الوطنى المحب لتراب هذا الوطن الرئيس عبد الفتاح السيسى. لكن الرهان الحقيقى كما أكد الرئيس مرارا وتكرارا هو الشعب المصرى الواعى، المقدر لتضحيات جيشه، وقيمة استقرار بلده وسط منطقة مضطربة، ساخنة بالأحداث والصراعات، وعالم مضطرب تتنازعه المصالح والانقسامات ويهدده خطر الإرهاب.
الحسنة الوحيدة فى هذا المشهد العبثى التافه هو صحوة الإعلام، وتغيير التوجه الذى كان يضيق مساحات التعبير، ويرى أن إفساح زاوية للرأى الآخر أمر غير ضرورى الآن فى ظل تركيز الدولة على البناء وإحداث النقلة الاقتصادية والتنموية، بالإضافة إلى حماية البلد من خطر الارهاب وتربص جماعة الشر والهدم. الآن وبعد تلك الهجمة الحقيرة الرخيصة من شخصيات وهمية مبتذلة واستغلال الإخوان لها بالنفخ فى أبواق التواصل الاجتماعى، انتبه القائمون على الاستراتيجية الإعلامية فى بلادنا إلى خطأ المضى قدما فى هذا التوجه المحفوف بالمخاطر، ففتحت القنوات والصحف والمواقع الإلكترونية ساحة الحوار لمواجهة أكاذيب وتلفيق وتزوير القنوات الإعلامية الإخوانية لما يحدث فى مصر الآن، وعرضت كل ما يبثه أهل الشر وفندت الأكاذيب والافتراءات. الحرب الإعلامية الفيسبوكية هى حروب الحاضر والقادم على هذا الكوكب. والإعلام المصرى قادر على الانتصار فى هذه المعركة بالمهنية والمقدرة المعروفة عنه. فقط كنا نحتاج هذه المساحة حتى ننطلق ونقوم بأدوارنا الوطنية العاشقة لهذا الوطن.
كأس العالم لشبابنا
توّج فريق «أناكتس» جامعة القاهرة، بكأس العالم فى المبادرات الشبابية، التابعة لمنظمة «أناكتس» الدولية. وتعد «أناكتس» أكبر منظمة طلابية عالمية، حيث تعمل فى 35 دولة حول العالم، وتركز على ريادة الأعمال الاجتماعية، وذلك من خلال مشاريع تهدف لتحسين حياة البشر فى المجتمع.
تنافس طلاب «أناكتس» فى الجامعات المصرية، ووصل فريق جامعة القاهرة للمنافسات النهائية على مستوى العالم، وتمكنوا من الفوز على كل الدول المشاركة. استطاع فريق جامعة القاهرة الفوز باللقب العالمى من خلال مشروع فوط صحية خالية من البلاستيك بنسبة 100 فى المئة للسيدات فى المناطق الفقيرة بالأرياف.
نشر أحد أعضاء الفريق على صفحته على «فيسبوك» أن «هذه الفوط أرخص من أى بديل فى السوق»، وبأن الفريق علّم سيدات من القرى الفقيرة عملها وبيعها وتسويقها، كى يكسبن منها، وتصبح مصدر دخل لهن. نشر أعضاء الفريق فكرتهم فى 9 قرى بمصر والسودان وبلدان فقيرة بجنوب القارة السمراء. وقال : «لقد قدمنا مشروعا ثانيا قللنا نقل النفايات الإلكترونية فى مصر بمعدل 8 أطنان فى سنة واحدة».
شباب يفرح بجد.. هؤلاء هم شبابنا الذين نفتخر بهم بحق، ليس الفاشلين،المدعين، الباحثين عن دور بعد أن فشلوا فى كل أدوارهم السابقة!!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة