من الأرشيف السري.. أعظم قصة فدائية مصرية سرقها اللصوص
من الأرشيف السري.. أعظم قصة فدائية مصرية سرقها اللصوص


حكايات| من الأرشيف السري.. أعظم قصة فدائية مصرية سرقها اللصوص

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 25 سبتمبر 2019 - 05:43 م

من داخل الكشك الخشبي كان يطل العم محمود الكينج على زبائنه مزهواً ببطولاته، حيث حكايته التي تشبه حكايات كثيرة لعناصر المقاومة التي عرفت بالفدائيين في مدينة الإسماعيلية، وإن كان الاختلاف الأكبر بينه وبينهم أنه كان عملياتياً يعمل منفرداً لا يشاركه أحد بالتنفيذ.

 

في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي ومع تعاظم الوجود الأجنبي لقوات الاحتلال في الإسماعيلية التي اتخذ فيها الاستعمار مركزاً لقيادة قواته في مستعمرات الشرق كله، خاصة بعدما انسحبت قواته من معسكرات القاهرة والمحافظات الأخرى، اتخذت الحركة الوطنية المدنية المقاومة للاحتلال في المحافظة توجهاً جديداً اعتمد سبيل المقاومة المسلحة للعدو المحتل.

كان ذلك يحدث سواء أكان السلاح بيد الفدائي المقاوم سلاحاً أبيض أم مجرد مسدس أو بندقية بدائية من التي كان يتحصل عليها الفدائيون في المرحلة الأولى من نضالهم الوطني عن طريق شرائها أو سرقتها من عساكر الإنجليز، في مرحلة المقاومة ما بعد قيام ثورة يوليو تدخل الجيش لتزويدهم بالسلاح.

 

محمود الكينج كان واحداً من رجال وشباب الإسماعيلية الذين اختاروا هذا الطريق وأبوا أن يمنحوا المحتل هدوءاً يسمح باستقراره في مدينتهم فأحالوا استقرارهم إلى كابوس مقيم عنوانه الرعب والفزع من شعب ظن أنه استعبده فاكتشف ألا أمان على حياة رجاله بكل سلاحهم طالما بقى هذا الشعب حاضناً للفدائيين.

 

في مقهى صغير يحمل اسم قهوة عيسى ويقع بحي العرب ما بين منطقتي المحطة الجديدة والإفرنج، كما يروي واحد من شهود العصر الحاج عيسى مرسى رئيس نقابة العاملين بإحدى شركات المياه الغازية، أنه كان يبيت المقاوم والفدائي البطل محمود الكينج في «منامة» تعلوها صناديق المشروبات أسفل نصبة الشاي.
 

أقرأ حكاية أخرى| مصريات في عالم الجاسوسية.. إحداهن أدخلت الألمان لـ«القاهرة»

 

وهذه المنامة سرية أعدها له صاحب المقهى لتكون ملاذه الآمن من ملاحقات حملات الاحتلال التي كانت تنطلق لمطاردته والبحث عنه كلما نفذ واحدة من عملياته الجريئة الجسورة.

 

ومرات دخلت عناصر التفتيش إلى المقهى ولكنها أبداً لم تكتشف المنامة السرية أسفل نيران موقد نصبة الشاي، فكان الكينج ينفذ عملياته ضد جنود وضباط الاحتلال وسرقة سلاحهم ثم يلوذ بالمخبأ ليتوارى عن أعين العدو وإن بقى مكانه معروفاً عند مصريين من أبناء المدينة الذين كانوا ينظرون إلى الكينج وغيره من رجال الوطن المقاومين نظرة فيها قدسية وكثير من الامتنان والتقدير .. فلم يش به واحد منهم حتى من أولئك الذين أجبرتهم الحاجة والظروف على الاشتغال عند الإنجليز.
 

 

نفذ البطل محمود الكينج عشرات العمليات منفرداً ومنها جمع تذكاراته التي من متعلقات جنود الاحتلال كشكه بوسط المدينة، ومع إرهاصات ثورة يوليو وبواكيرها وحتى تاريخ جلاء الاحتلال عن مصر والقنال في يونيو 1956 نفذ العديد من العمليات المنسقة مع المخابرات الحربية المصرية إذ كان واحداً من أهم رجال المقاومة الفدائيين من أبناء الإسماعيلية الذين اعتمد عليهم البكباشي كمال رفعت المسئول عن كيانات المقاومة والحرس الشعبيين في تنفيذ عمليات شبه نظامية أشرف عليهم مع فريق من المخابرات ضم الصاغات قدري نافع ونعمان رجب وعبد الفتاح أبو الفضل.

 

وفي التسعينات من القرن الماضي، وكان الكينج رحمه الله قد غادر عالمنا وبعد تولى الراحل د. أحمد جويلي مسئوليته محافظاً للإسماعيلية عرض عليه أحد أبناء المدينة صورة لحفنة من أبناء المدينة أثناء اشتراكهم في حرق المؤسسة الإنجليزية المعروفة اختصاراً بـ«النافي»، وكان يتصدر الصورة الفدائي البطل محود الكينج، لكنه وبحكم الموت لم يكن موجوداً وتصادف أن أحد الحضور وهو من قيادات الحزب الوطني المنحل كان يتمتع بجبهة عريضة تشابه جبهة الكينج.

 

وعندما سأل الدكتور جويلي الشخص الحاضر هل هذا أنت؟، ابتسم الأخير.. وأخذ يروج مفتخراً بعدها أنه كان من أشعل النيران في «النافي»، في حين أن المذكور لم يحضر الواقعة بالأساس كونه ليس ابناً من أبناء الإسماعيلية.. حتى البطولة طمع فيها اللصوص.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة