نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

قانون يحمى سجينات الفقر

نوال مصطفى

الأربعاء، 25 سبتمبر 2019 - 08:34 م

 الغارمة ليس مكانها السجن، لم تسرق، لم تقتل، لم ترتكب أى جرم يستحق السجن، فقط تعثرت، ووقعت فى فخ الفقر والجهل بالقانون.
لذلك كان علينا البحث فى أعماق المشكلة والخروج بحلول جديدة خارج الصندوق، فكرت فى العقوبات البديلة وأطلقت مبادرتى «غارمات خارج الأسوار» من خلال مائدة مستديرة جرت وقائعها بمكتبة القاهرة فى العشرين من يناير 2017، كان لابد أن ألقى بحجر فى البحيرة الساكنة، وأحفز العقول والقلوب لفعل شيء منطقى ويمكن تطبيقه.
تحمس رجال القانون وأعضاء البرلمان للمبادرة التى تهدف إلى إجراء تعديل تشريعى للمادة 341 من قانون العقوبات. هذه المادة التى تحولت إلى سيف مصلت على رقاب الفقراء فى مصر. لقد أجرينا العديد من الاجتماعات مع خبراء فى القانون والتشريع، والعلوم الاجتماعية وتوصلنا إلى صياغة مشروع قانون تم تقديمه إلى البرلمان. الهدف منه هو أن ننقذ أسرًا يدمرها سجن الأم، وأحيانا الأم والأب. هذا التعديل من شأنه منع سجن الغارمات والغارمين، بمقتضى نص قانونى، مدروس، ومحكم. وليس مجرد تصورات خيالية لا منطق لها ولا أرضية قانونية ودستورية تنطلق منها. واستبدال تنفيذ العقوبة داخل السجن بالعمل بالخدمة المدنية خارج السجن.
كنت أول من كشف عن ظاهرة «الغارمات» أو»سجينات الفقر» كما أسميتهن، المنتشرة فى سجون مصر عام 2007، والآن لماذا هذه المبادرة؟ أولًا: لأن هناك نسبة كبيرة من الذين تكتظ بهم السجون المصرية، محكوم عليهم فى قضايا إيصالات أمانة. أى أنه إنسان ساقته الأقدار لهذا الموقف لكنه ليس محترف إجرام، لن تفيده فترة العقوبة التى يقضيها فى السجن ولن تصلح من سلوكه، بل على العكس ستجعل الكثير منهم يحتكون بمجرمين ومنحرفين مما يجعلهم عرضة للانجراف فى تيار الجريمة، هذا بالإضافة إلى الوصمة الاجتماعية التى تلازمه، هو وأولاده وأفراد عائلته طوال حياته.
ثانيًا: أن تكلفة إعالة السجين على الدولة باهظة خاصة مع تزايد عدد السجناء المطرد. ثالثًا: أن فترة العقوبة من الممكن أن تتحول إلى فترة تدريب للسجين أو السجينة على عمل من أعمال الخدمة العامة فى النظافة أو المستشفيات العامة أو الأشغال اليدوية التى تفيد المحكوم عليه بعد انقضاء مدة العقوبة. رابعًا: أن دولًا مثل البرازيل حولت السجناء فيها إلى رأسمال بشرى جبار، وعمالة رخيصة جدًا تنفذ المشروعات القومية الكبرى، وتعمل فى استصلاح الأراضى، ومختلف الأعمال التى تحتاج لأيدٍ عاملة بأعداد كبيرة. فمنذ أن اكتشفت قضيتهن المغرقة فى التراجيديا، انتبه المجتمع وتعاطف معهن، مرت القضية خلال الاثنى عشر عامًا الماضية بمراحل كثيرة، ازداد وعى المجتمع بوجودها، بعدما سلطت الضوء عليها من خلال حملتى الصحفية الممتدة. والآن أمام مجلس النواب نص مشروع قانون تم إعداده من خلال جمعية رعاية أطفال السجينات وضعه الدكتور جابر جاد نصار وتقدم به النائب إبراهيم عبد العزيز حجازى بالنيابة عن الجمعية.
إن الحل الجذرى، الحقيقى، يجب أن نصل إليه عبر تعديلات قانونية، تتعامل بروح العدالة، لا نصوصه المجردة، الصماء. أول الغيث قطرة، وقد قطعنا خطوات وخطوات فى مشوار الألف ميل. وفقنا الله جميعًا لما فيه خير مصر وأهلها. آمين

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة