الكاتب الصحفي عمرو الخياط
الكاتب الصحفي عمرو الخياط


عمرو الخياط| بقــوة ٣٠ يونيــو

عمرو الخياط

الجمعة، 27 سبتمبر 2019 - 09:02 م

في أعقاب ٣٠ يونيو عام ٢٠١٣ وبعد انتصار ثورة الدولة المصرية على التنظيم الإرهابي العصابي الإخواني، كان وزير الدفاع ساعتها عبدالفتاح السيسي قد نادى على المصريين بالاحتشاد في الميادين يوم ٢٦يوليو فيما عرف «بجمعة التفويض» وقد تمت الاستجابة الهادرة لهذا النداء الذي أكد للعالم أن ثورة المصريين صحوة حقيقية وليست نزوة أو انفعالا ثوريا عابرا، ثم قوبل النداء بنداء آخر عنوانه «انزل يا سيسي» كتفويض إلزامي آخر لأمين سر الثورة باستكمال مسيرة حماية الدولة وإدارتها بل وحفظ وجودها في لحظة فارقة وقاسية على كل مخلص لوطنه.
إذن كان التقدم للمنصب الرئاسي منذ البداية تكليفا شعبيا وليس تحركا سياسيا منفصلا عن سياق الإنقاذ العام.
منذ لحظة ٣ يوليو بدأت المعركة ولم تنته بعد ولا يجوز أبدا أن تخضع لقواعد التململ أو نفاد الصبر الشخصي بينما مازال التنظيم الإخواني ومعاونوه في أجهزة الاستخبارات التركية والقطرية متربصين بالدولة المصرية.
الواقع يقول إن الرئيس عبدالفتاح السيسي يرتكز على قاعدة شعبية صلبة عبرت عن نفسها في الانتخابات الرئاسية عام ٢٠١٤ ثم أعادت تأكيد نفسها مرة أخرى عام ٢٠١٨ ثم حسمت أمرها بالتوافد على صناديق الاقتراع عام ٢٠١٩، جميعها استحقاقات انتخابية دستورية أكدت استمرار تماسك تلك الكتلة التي تحمل الرئيس شعبيا ودستوريا، وعلى ذلك فإن المطلوب هو خلخلة تلك القاعدة بهدف تسييل الحالة التي تمنح الرئيس قوة الحديث باسم الدولة المصرية والتفاوض والدفاع عنها من أجل عزله عن مصدر قوته الرئيسية ثم الانفراد به واستهدافه شخصيا دون طرح أي مخرج أو أي بديل بهدف دفع الدولة إلى حالة فوضى لا تنتهي.
بالتوازي مع استهداف الرئيس سيتم استهداف الجيش لمنع القاعدة الشعبية من الالتفاف أو الثقة في شخص أو كيان وأخيرا استهداف الكتلة الشعبية بكثافة لتفتيتها ومنع تماسكها نهائيا من خلال حملة على الوعي تنشر تشكيكا في كل الثوابت والقيم.
نقول إذا أن السيسي أدرك حقيقة اللحظة وقيمتها فاستجاب للنداء وتصدى للمسئولية التاريخية ليس من أجل الاستمرار في الحالة الثورية التي تسمح بالشعارات وبالتعاطف بل اتجه مباشرة إلى مرحلة ما بعد الثورة والبدء في بناء الدولة في مواجهة واقع مؤلم ومسئولية فادحة دون اكتراث باستمرار بناء الشعبية على حساب الحقيقة، وفِى ظل تسارع الأحداث تقدم السيسي لضغط مراحل ما بعد الثورة لتسييرها بالتوازي، أي تثبيت الدولة والاتصال بالعالم الخارجي في نفس الوقت من أجل إثبات أن ثورة ٣٠ يونيو هي ثورة تدرك أهدافها ومساراتها منذ اللحظة الأولى.
إذن في كل جولة خارجية للسيسي كان يستمد قوته من قوة قاعدته الشعبية التي أبهرت العالم الذي اضطر لاحترام الإرادة الشعبية التي يمثلها السيسي فأصبح مفاوضا قويا بقوة ٣٠ يونيو، وبالتالي فإن أي اهتزاز للقاعدة سيؤدى لاهتزاز موقف الرئيس هو هدف لا تكل الجماعة الإرهابية عن تحقيقه.
انطلاقا من هذه القاعدة كانت طائرة السيسي تقلع في كل مرة وهو في طريقه لجولاته الخارجية لتثبيت موقف مصر العادل في كل محفل دولي، تثبيت موقف مصر لن يستمد إلا من ثبات موقف السيسي محمولا على قاعدته الشعبية التي إذا اهتزت اهتز الرئيس وأصبح أكثر استجابة لقبول الضغوط التي ستؤدى لتنازلات عن حقوق الشعب المصري.
لاحظ حجم محاولات زعزعة ثقة المصريين في رئيسهم تزامنا مع زيارته للولايات المتحدة، لاحظ الاستهداف المزدوج للرئيس وللجيش بهدف عزل الشعب عن قاعدته الشرعية الدستورية المتمثلة في شخص الرئيس وكذلك قاعدته الحمائية المتمثلة في قواته المسلحة.
نحن أمام مشهد شديد الوضوح بعدما أصبح تنظيم الإخوان مستخدما استخداما مهينا في ملفات دولية معقدة تفوق قدرة التنظيم على الاستيعاب أو الفهم وهو مازال يعتقد أن المعركة دائرة من أجله وما هو إلا أداة سينتهي دورها بعد أن تكون قد انكشفت تماما، فلا يصح أن ينسحب المصريون أو يتورطوا إلى هذه المساحة من الاستخدام المهين.
لقد ذهب الرئيس السيسي إلى نيويورك حاملا ملفات هموم وطنه في ظل الصعوبات المحيطة بمصر من أجل إضعاف موقف الرئيس بما يلي:
أطماع تركيا في إعادة توزيع خريطة الغاز.
تعنت إثيوبي في ملف سد النهضة. 
أوهام في ملف ما يسمى بصفقة القرن. 
جماعة إرهابية مدعومة قطريا وتركيا تجاهر بالإصرار على مواصلة إرهابها. 
في كل هذه الملفات تطلب تنازلات تنتقص من سيادة مصر ولا يمكن قبولها إلا إذا تم تفكيك وحدة الكتلة الصلبة لــ ٣٠ يونيو.
وفِى ظل هذه الضغوط راح السيسي قابضا على صلابته ممسكا بملفاته غير منقوص الإرادة او السيادة مسيطرا على ثباته الانفعالي لينفذ أجندة خدمة الدولة المصرية حصادها ١٨ قمة ثنائية و٦ قمم دولية تصدرت مصر فيها قمة اهتمام الرئيس شارحا لموقف شعبه ومدافعا عن حقوقه، بينما راحت الجماعة الإرهابية تدعو للتظاهر تتبعها أحزاب كرتونية وإلكترونية صور لها خيالها المريض أنها قادرة على تحريك الشارع.
بقوة ٣٠ يونيو راحت قيادات العالم تسعى للقاء السيسي أيقونة مكافحة الإرهاب نيابة عن الإنسانية بأسرها.
في ظل انشغال الرئيس بإدارة ملفات بلاده فى المحافل الدولية كانت فلول الجماعة الإرهابية والمرجفون من متخذي الأحزاب ستارا لاتصالاتهم الخارجية، كانوا في انتظار لقاء السيسي بترامب ليوجه الأخير لوما لرئيسهم فيكون بمثابة كلمة السر وإيذاناً ببدء التكليف للخلايا الكامنة لاستكمال مسيرة إعادة إحياء الفوضى ظنا أن الضغوط الاقتصادية ستسمح لهم بإعادة خداع المصريين، لكن ترامب أبدى إعجابا بقدرة السيسي على إنقاذ بلاده من الفوضى فأصيبت الفلول بسكتة إلكترونية دون استشعار لأي حياء من فشل استقوائهم بالخارج.
لقد عاد السيسي إلى أرض وطنه آمنا مطمئنا ليجد المصريين في انتظاره مستمدين منه أملا في مستقبل بلادهم، بينما هو يعترف لهم بالجميل والدعم مطمئنا على رصيد الثورة الضامن لتماسك القاعدة الشعبية التي أنقذت بلادها وحفظت وجودها.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة