سد النهضة
سد النهضة


استعدوا بالوعي لمعركة السد

إسلام عيسى

الجمعة، 27 سبتمبر 2019 - 11:26 م

على مدار التاريخ أثبتت مصر أنها تتبنى دائماً سياسة الحوار فى أى قضية خلافية وتحافظ دائما على سيادة كل الدول، ونجحت فى كسب الكثير من المعارك بحنكتها الدبلوماسية، ولم تنه أى تفاوض فى بدايته وتفضل سياسة النفس الطويل مثلما يحدث فى مفاوضات سد النهضة وبدأت بتصعيد القضية تدريجيا من مستوى ثنائى وثلاثى حتى إلى المستوى الدولي.

هذا ما قام به الرئيس السيسى فى اجتماعات الأمم المتحدة وعرض وجهة نظر مصر فى القضية، فمصر لم تكن عائقا ضد التنمية لأى دولة من الأشقاء فى افريقيا، لكن ليس على حساب مصر والإضرار بمصالحها المائية لأننا ليس لدينا مصدر آخر للمياه سوى نهرالنيل، وتصر مصر خلال المفاوضات أن تصل لحل يتفق مع مصالحها المائية..

قضية سد النهضة أكبر خطر يواجه مصر طوال تاريخها لذلك يجب على المصريين أن يتحدوا جميعا لمواجهة الأزمة من خلال مساندة ودعم الدولة فى قراراتها الخاصة بهذا الشأن بدلا من مشاهدة الفيديوهات البذيئة واتباع المحرضين الذين يسعون للإيقاع بالوطن محاولين اظهارها فى موقف ضعف أمام العالم.

علينا أن نستعد لمعركة جديدة عن سد النهضة مع المحرضين الذين من المتوقع أن ينشروا الشائعات عن القضية محاولين إضعاف صورة مصر بإطلاق حملات إلكترونية لترويج الفتنة بين مصر ودول أفريقيا من أجل العبث بالعلاقات التاريخية التى تحافظ عليها مصر مع أشقائها، وهنا يظهر شعور المصريين بالغيرة على وطنهم فى سبيل الوقاية من أضرار المعركة الخسيسة والتصدى لخطرها، ولذلك لابد من تضافر الجهود وتكاملها، للتصدى لمحاولات البلبلة فى الشارع المصري، على المصريين محاربتهم بسلاح الوعى والمعرفة عن القضية ومدى عمق العلاقات بين مصر وأفريقيا.

الدولة المصرية لم تقف مكتوفة الأيدى منذ إعلان إثيوبيا فى إبريل 2011 عن بناء سد النهضة فى ظل ظروف صعبة كان يعيشها الشعب المصرى عقب ثورة 25  يناير 2011.. دخلت مصر سلسلة من جولات المحادثات المصرية السودانية الاثيوبية اتسمت بالشد والتعنت الاثيوبى انتهت إلى الاحتكام لبيت خبرة عالمى لتقييم السد وتحديد آثاره ومرت بالعديد من المراحل بدأت بالاتفاق على تشكيل لجنة الخبراء الدوليين لتقييم المشروع، وقد تشكلت من خبيرين من السودان ، وخبيرين من مصر، اربعة خبراء دوليين فى مجالات هندسة السدود وتخطيط الموارد المائية والاعمال الهيدرولوجية والبيئة والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية للسدود من ألمانيا وفرنسا وجنوب أفريقيا، وصدر تقرير اللجنة بـ 4 تحفظات تتعلق بسلامة السد والتأثيرات الاجتماعية والاقتصادية على المحيطين بالسد وتحفظات تتعلق بتأثيره على حصة مصر والسودان وقلة تدفق المياه إليهما، وعندما طلبوا إجراء دراسات تفصيلية رفضت الحكومة الاثيوبية..

كعادتها بدأت مصر خوض المفاوضات مع اثيوبيا على مستوى وزراء الرى فى أغسطس 2014، وتم خلالها الاتفاق على آلية لتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية بشأن سد النهضة، وجاءت بعد ذلك جولة جديدة في  20 سبتمبر بأديس أبابا تم خلالها صياغة الشروط المرجعية للجنة الفنية الوطنية وقواعدها الإجرائية، والاتفاق على المعايير العامة لتقييم واختيار الشركات الاستشارية الدولية الموكل إليها أعمال الدراسات الفنية.. ثم تبعها جولة فى 16 أكتوبر 2014 بالقاهرة، تم الاعلان عن قواعد اختيار المكاتب الاستشارية المنفذة للدراسات الفنية حيث تم الاتفاق على 7 مكاتب استشارية عالمية واختيار واحد من بينهم لتنفيذها .

بعد ثورة 30 يونيو فضلت مصر استمرار خيار التفاوض وبعد انقطاع دام ثمانية أشهر تم توقيع وثيقة إعلان المبادئ لسد النهضة الاثيوبى فى 23 مارس 2015 بالخرطوم، للحفاظ على حقوق مصر المائية ومن أهم بنودها احترام مبادئ الحوار والتعاون كأساس لتحقيق المكاسب المشتركة، وتجنب الإضرار ببعضهم البعض، والتزام الحكومة الإثيوبية بتجنب أى ضرر محتمل من سد النهضة على استخدامات مصر من المياه.

فى 22 يوليو 2015 عقدت الجولة السابعة بالخرطوم لاجتماعات اللجنة الفنية، وأصدرت بيانا يتضمن قواعد وأطر عمل المكتبين الاستشاريين الدوليين معًا فى إجراء الدراسات المطلوبة لسد النهضة الإثيوبي.. وفى 7  نوفمبر 2015 بالقاهرة  عقدت جولة جديدة رفض خلالها مصر قيام شركة بمفردها بتنفيذ الدراسات الفنية الخاصة بالسد، والاعتماد على  اتفاق المبادئ الذى وقع عليه رؤساء الثلاث دول.. لم تنته المفاوضات الى هذا الحد وعدت جولة أخرى فى الخطوم فى 11 ديسمبر 2015 طلبت مصر خلال بضرورة عقد اجتماع سداسى يضم وزراء الخارجية والرى فى مصر والسودان وإثيوبيا وذلك لوضع خارطة طريق فنية تراعى المشاغل المصرية المتمثلة فى تسارع البناء فى سد النهضة، وبطء تنفيذ المسار الفنى المتفق عليه فى اجتماع الخرطوم أغسطس 2014.

انتهت جولة المفاوضات  بتوقيع وثيقة الخرطوم والتى تعد وثيقة قانونية وملزمة للدول الثلاث  والتى  تضمنت الرد على جميع الشواغل التى أثارتها الدول الثلاث- والاتفاق على الإسراع فى تنفيذ هده الدراسات لكونها مرتبطة بمجمل العمل فى السد.. تم الاتفاق على خارطة طريق للمرحلة القادمة لسرعة إتمام الدراسات الفنية على أن يكون التوقيع على عقد الأعمال الاستشارية فى الأول من فبراير 2016 فى الخرطوم، بحضور الوزراء بالدول الثلاث، على أن تنتهى الدراسة المائية خلال فترة لا تتجاوز 8 شهور .

انطلقت بالعاصمة الاثيوبية أديس أبابا فى 6 يناير 2016 ، الاجتماعات الفنية لدراسة المقترح المصرى بزيادة فتحات تصريف المياه من خلف سد النهضة من 2 إلى 4 بوابات ، لضمان استمرار تدفق المياه خلال فترات المناسيب الضعيفة لمجرى نهر النيل، وكالمعتاد رفضت اثيوبيا.

عقد الاجتماع الوزارى لدول حوض النيل مصر والسودان وأثيوبيا فى أكتوبر 2017  لمناقشة ملاحظات الدول حول التقرير الاستهلالى للمكتب الاستشارى الفرنسى، المكلف بتنفيذ الدراسات الفنية، وتم عقد 4 اجتماعات، على الرغم من موافقة مصر المبدئية على التقرير الاستهلالى على ضوء أنه جاء متفقا مع مراجع الإسناد الخاصة بالدراسات، والتى تم الاتفاق عليها بين الدول الثلاث، إلا أن طرفى اللجنة الآخرين لم يبديا موافقتهما على التقرير وطالبا بإدخال تعديلات على التقرير تتجاوز مراجع الإسناد المتفق عليها، وتعيد تفسير بنود أساسية ومحورية على نحو من شأنه أن يؤثر على نتائج الدراسات ويفرغها من مضمونها.

وتعليقا على تعثر المفاوضات حذر الرئيس عبد الفتاح السيسى من المساس بحصة مصر من مياه نهر النيل قائلا: «أوضحنا أننا نتفهم التنمية وهى أمر مهم، ولكن مقابل ذلك توجد مياه لا تعنى بالنسبة لنا التنمية فقط، ولكن حياة أو موت لشعب»

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة