إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مئوية إحسان عبد القدوس

إبراهيم عبدالمجيد

السبت، 28 سبتمبر 2019 - 08:48 م

 

احتفل مهرجان الجونة السينمائى الذى تم منذ عدة أيام بمئوية إحسان عبد القدوس. لقد ولد إحسان فى الأول من يناير عام 1919. أى أن مئويته الدقيقة كان يمكن أن تكون فى أول يناير هذا العام لكن حسنا فعل مهرجان الجونة والقائمون عليه كما أن هذا الشهر هو موعد المهرجان. فى مثل هذه المناسبات الهامة يمكن أن يكون الاحتفال بإعادة أهم أعمال الكاتب. روايات إحسان تتم طباعتها من جديد فى الدار المصرية اللبنانية قبل المئوية وبعدها لكن أفلام إحسان عبد القدوس كانت تحتاج أن تكون محور الاحتفال فى مصر. سيقول لى قائل إنها تعاد دائما على الشاشات فى كل وقت. أنا أعرف. لكنها تعاد لكونها أفلاما عديدة عن رواياته وفيها كلها نجوم كبار. كنت أتمنى أن أرى أكثر من دار سينما تخصص أسبوعا لأفلام إحسان عبد القدوس. لقد ترك الرجل خلفه ما يكفى لأى احتفال فى الأدب أو السينما. وهنا تنثال علىَّ الذكريات. ليس مع الافلام فما أكثرها لكن مع الروايات. كان هو ويوسف السباعى ومحمد عبد الحليم عبد الله ونجيب محفوظ متعتى فى سن مبكرة جدا. لم أكن أجد فروقا فى الإحساس بالمتعة فلم أكن على دراية بطرق الكتابة ولا المذاهب الأدبية وكانت غايتى موضوع الرواية وليس شكلها. كيف كان لى أن أعرف وأنا فى سن الرابعة عشرة؟ كان أول ما قابلنى من روايات إحسان عبد القدوس رواية «فى بيتنا رجل» وأول ما قابلنى منها صفحتها الأولى التى كتب فيها عبارة «قبل قيام الثورة بعشر سنوات كان يمكن أن تحدث هذه القصة» والتهمتها فى ليلة وصباح , بعدها أصبحت أبحث عن روايات إحسان.. وكان مما عرفته فيما بعد أن نجيب محفوظ هو كاتب الواقعية الأكبر وكنت أشعر أن إحسان أيضا كاتب واقعى إلا أنه أسهل وأبسط فضلا عن اهتمامه بالنفس البشرية وتقلباتها بوضوح. ربما هذا الوضوح هو الذى جعله يقدم لرواياته بمقدمات تلخص الرواية كلها. مثل ما كتبه فى الخيط الرفيع «بين الحب والتملك خيط رفيع» أو ما كتبه فى الوسادة الخالية «فى حياة كل منا وهم اسمه الحب الأول» وهذه بالذات أتذكرها كثيرا فلا زال الحب الأول رغم أنى فكرت أنى تخلصت منه بعد استلهامه فى روايتى «هنا القاهرة» إلا أنه عاد فى روايتى الأخيرة «السايكلوب» ولازلت أصدق إحسان عبد القدوس. أنا من الجيل الذى يرى أن الحكم والأمثال والجمل الجامعة المانعة هى أقرب إلى المباشرة لكن الآن صارت مواقع الاتصال الاجتماعى تهتم وتنشر كل ثانية أمثولة لكاتب ما وأحيانا يخترعون على لسان الكاتب كلاما لم يقله وأصبح القراء يذهبون إلى الروايات والشعر التى تأتى منه هذه الأمثولات والحكم. لا أعتقد أن إحسان عبد القدوس كان يسعى إلى ذلك فهو كصحفى كبير كان يعرف طريق القراء الشباب بالكتابة السهلة لكنه كان يذهب إليهم بالقضايا الاجتماعية التى طرحها والقضايا النفسية للبشر. ربما الآن نتذكر رواية مثل «أنا حرة» التى بدا أن المجتمع تجاوزها يوما إلا أن المجتمع تراجع جدا ويحتاج أن يقرأها من جديد. الأمر نفسه فى روايات مثل «أين عقلي» و»بئر الحرمان» و»الطريق المسدود». قضية تحرير المرأة لن تنتهى بل العكس ازداد احتياجنا إليها ومن ثم لا تنتهى الحاجة والمتعة فى قراءة هذه الروايات. أما الأفلام فطبعا تظل علامة على زمن جميل للسينما المصرية كانت تعرف فيه أن الرواية مصدر غنى لأعمالها وحين نرى الأفلام يأخذنا موضوعها لكننا أيضا نندهش هل كانت الشوراع فى مصر على هذا الجمال وهل كانت هذه الأزياء موجودة ؟ أين كنا وأين ذهبنا؟

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة