د. محمد عفيفي خلال حواره لبوابة أخبار اليوم
د. محمد عفيفي خلال حواره لبوابة أخبار اليوم


حوار| المؤرخ محمد عفيفي: مصر لا يمكن أن تنهض بدون مشروع قومي للثقافة

نادية البنا

الأحد، 29 سبتمبر 2019 - 11:25 م

مرت مصر بعصور من الصراعات، ولكن بين كل تلك الصراعات استطاع المصريون أن يتركوا بصمتهم المدوية على جبين كل مستعمر، أو متآمر على وحدة الوطن .

 

بالفن والثقافة استطاع المصريون مقاومة الاستعمار والظلم والاستبداد، منذ تولي الدولة العثمانية وحتى نهاية الملكية، وعلى نغمات الأغاني الوطنية استطاعوا أن يتحدوا الهزيمة بعد النكسة، وأعدوا للنصر واستقبلوه وحافظوا عليه.

 

والآن بعد مرور ثورتين، استطاعت مصر أن تنهض بسواعد أبناءها، وحققت استقرارًا في الأوضاع الداخلية واستعادت مصر مكانتها الخارجية، وحققت استقرارًا اقتصاديًا كبيرًا، بالإضافة إلى الحرب الضروس التي يخوضها أبطال القوات المسلحة والشرطة ضد الإرهاب الغاشم، وتحقيقها نجاحات كبيرة استطاعت تحجيم الإرهاب والقضاء عليه بنسبة كبيرة جدًا.

 

ولكن ظهر مؤخرًا على الساحة بعض المغرضين الذين أطلقوا الشائعات للنيل من كيان الدولة، لكن إرادة الشعب ووعيه كان كفيلا بالرد على هذه الشرذمة الممولة من دولًا لا تريد لمصر أن تقف مرة أخرى . 

 

وفي الوقت الذي تكاتفت فيه أجهزة ومؤسسات الدولة للتصدي لمثل هذه الفتن، خاضت خلالها الدولة حربًا للوعي، ولكن لم يكن للقوى الناعمة المنوط بها النهوض بوعي المصريين دورًا ملحوظًا بالقدر الكافي، في السنوات الأخيرة، وهو ما يثير تساؤلًا هامًا.. «هل الثقافة تقوم بدورها للحفاظ على الهوية المصرية والانتصار في حرب الوعي؟ » .

 

وللإجابة على هذا التساؤل كان لا بد من وجود متخصص.. التقت «بوابة أخبار اليوم» بالمؤرخ الدكتور محمد عفيفي، الأمين العام الأسبق للمجلس الأعلى للثقافة للإجابة على هذا التساؤل الهام .

 
قال د. محمد عفيفي، بالنسبة للثقافة ودورها وأهميتها خاصة في فترات التحولات في عصر الأمم وبصفة خاصة لدولة مركزية مثل مصر، فإن الدول المركزية تلعب دورًا هامًا جدًا في رسم الثقافة خاصة في فترات التحولات والانتقالات، ولدينا عدة أمثلة على ذلك.

 

وذكر مثال بتجربة حكم "محمد علي" قائلًا: البعض ينظر لها من الناحية الاقتصادية والعسكرية، ولكن هناك جانب ثقافي وتعليمي مازال أثره موجود، في تأكيد فكرة الدولة الحديثة، وثقافة الدولة الحديثة، وظهور رفاعة الطهطاوي ودوره الرائد، في حركة الترجمة وإنشاء مدرسة الألسن، ونشأة الصحافة.

 

وأضاف في حواره لـ«بوابة أخبار اليوم»، أنه في مرحلة أخرى نرى نفس الشئ في إعادة تجربة محمد علي من جديد على يد الخديو إسماعيل، وتمثلت في ازدهار الصحافة، نشأة المسرح، دار الأوبرا، القاهرة الخديوية الحديثة، ودار الكتب، وأيضا ظهور شخصية ثقافية مثل علي مبارك أبو التعليم والثقافة الذي مازلنا نذكره حتى الآن .

 

وتابع: نفس الشئ ظهر بعد ثورة 1919، بإحساس الأمة أن مصر لا يمكن أن تنهض بالسياسة فقط وإنما تنهض بالثقافة والفن، لذلك نجد ازدهار للثقافة والتعليم بعد الثورة وصعود نجم عميد الأدب العربي طه حسين، وصدور كتابه "مستقبل الثقافة في مصر" سنة 1938، الذي يؤكد فيه أن الثقافة والتعليم أهم من المبادرات السياسية وأن بضاعة مصر هي الثقافة .

 

وأشار «عفيفي» إلى أنه حتى فترة عبد الناصر ورغم التطور الصناعي والاشتراكي وبناء السد العالي لكن كان المشروع المركزي للدولة هو الثقافة والفن أيضًا، فجميعنا حتى الآن نتحدث عن ثروت عكاشة كأهم وزير ثقافة وننسى أنه كان مشروع الدولة المصرية ككل الذي طبقه الراحل العظيم ثروت عكاشة.

 

وأكد أن للدولة دور رئيسي ومحوري في الثقافة خلال الفترات الانتقالية وذلك عندما يكون هناك مشروع قومي للثقافة، وربما أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي عدة مرات في أحاديثه على أهمية الثقافة، ودورها في التصدي للأفكار الهدامة .

 

واستكمل د. محمد عفيفي: «الثقافة يجب أن نتحدث عنها بمعنى أوسع وهي ثقافة المواطنة مثلا.. فالمواطنة والإحساس بالمواطنة وثقافة تطبيق واحترام القانون، ثقافة الحوار واحترام الآخر.. جميعها مفاهيم ثقافية إذا تم زرعها أو تأكيدها وتنميتها لدى المواطن سنصبح في دولة عصرية» .

 

وأضاف «عفيفي» أن التطرف عكس الحوار مع الآخر، والتسامح عكس الإرهاب، ولذا فنحن نحتاج لتوسيع مفهوم الثقافة بشكل كبير جدا، لا تكن الثقافة مجرد كتاب أو حفلة أو افتتاح فعالية، ولكن يجب أن تكون الثقافة بمفهومها الأوسع .

 

واختتم المؤرخ محمد عفيفي، بأن التعاون ما بين وزارات الثقافة والشباب والتعليم والأوقاف وغيرها، هو أهم سبل الوصول للطريقة المثلى التي تمكن الدولة من الوصول إلى المواطن، فمصر لا يمكن أن تنهض بدون مشروع قومي للثقافة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة