كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

استعادة الاحترام!

كرم جبر

الإثنين، 30 سبتمبر 2019 - 06:57 م

 

الأدب نعمة والذوق ملكة والاحترام موهبة والعقل زينة، وهى صفات ملكية نفتقدها كثيراً، فتدهور جدارة الحياة، وسادت سلوكيات شاذة وغريبة.
كانوا يقولون لا تدع ابنك يقبل يديك بل رأسك، حتى لا يتعود على الانحناء.. ياريت، فالابن البار نعمة لا تقدر بثمن، يكبر بجوارك مثل شجرة مثمرة، فتفرح بها كلما أتت ثمارها.
والبنت أيضاً هى الدفء والحنان والروح فى البيت، وإذا شبت على الأخلاق والفضيلة، تكون سنداً وظهراً وعوناً، وما أجمل أن يخيم الدفء على البيوت، فيمنع عنها الصقيع، ويملأها بالمحبة.
معانٍ كثيرة افتقدها البعض، مع الأخذ فى الاعتبار أن كثيرا من البيوت المصرية، مازالت تحافظ على المخزون الاستراتيجى للأصالة، فتجدها منظومة متكاملة، يقودها أب قائد وأم حنون.
لا يعجبنى هدم الحواجز وضرب الثوابت، فلم يكن الابن يجرؤ ـ مثلاً ـ على التدخين أمام والده.. والآن نرى الابن يقول لأبيه «ما تولع يا بوحميد»، وأنا من جيل لا يعجبه ذلك، فالأب هو الأب، وإذا سقط حاجز احترام أبنائه، يمكن أن يحدث أى شيء.
والأم الحزم الدافئ والتضحية والعطاء، وما أروعها إذا كانت الروح الهائمة التى تحتوى وتحتضن وتملأ الفضاء حباً وحناناً.. ولا يعجبنى بعض أمهات هذا الزمن الغريب، سواء الشكل أو الجوهر.
أعيدوا الدفء والاحترام للبيوت، حتى تعود الأخلاق إلى المجتمع، فتختفى الظواهر التى نعانى منها جميعاً، ونشكو بعضنا البعض، وكلنا نقول «الناس وحشين»، فأين هم إذن «الناس الطيبون»؟
فى زمن فات كان المدرس قيمة وهيبة، رغم الظروف المعيشية القاسية، ويحوز الاحترام والتقدير، وكثير من المدرسين كانوا مثلا أعلى يقتدى، وظل الميزان يتدهور على مدى أكثر من خمسين سنة، حتى صارت بعض مدارسنا «للمشاغبين».
أعتب على من قدموا مسرحية «مدرسة المشاغبين» فقد كانت مسماراً فى نعش القيم والمبادئ، وصار بهجت والعبيط والفاشل نماذج يقلدها التلاميذ، وهدمت فيهم روح المبادرة والتفرد والتفوق.
وأعتب على اللغة المتدنية والسوقية التى تملأ مواقع التواصل الاجتماعى والسوشيال ميديا، البعض يتحدث بأفظع الشتائم والألفاظ وكأنها شيء عادى ولغة معتادة، شتائم بالأب والأم والدين، وكأننا فى سوق يشهد خناقة ضارية للبلطجية.
التدهور لا يقود إلا إلى مزيد من التدهور، وأسوأه انعدام الرحمة والإنسانية، فنشهد جرائم شائنة ربما كانت تحدث قديماً ولا نعلمها، ولكنها أصبحت مفضوحة تحت أضواء الموبايلات، والفيديوهات.. وتحتاج إلى وقفة قانونية صارمة.
خطبة الجمعة يا فضيلة وزير الأوقاف ليست فقط للموعظة الحسنة، وإنما للتقويم والإرشاد، والإلحاح على المصلين لاسترجاع مكارم الأخلاق فى كل شيء، «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، أولا وثانياً وثالثاً.
المجتمع كله فى حاجة إلى نوبة صحيان، عنوانها «استعادة الاحترام»، وهى ليست عبارة نرددها فى المناسبات ونخلعها بعد ذلك، ولكنها حياة، وبدونها ما أتعس الحياة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة