كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

روح أكتوبر.. وقتلة السادات

كرم جبر

الأربعاء، 02 أكتوبر 2019 - 06:33 م

وكانت النهاية يوم ركب المعزول مرسى سيارة الرئيس السادات، وطاف بها فى جنبات استاد القاهرة، احتفالا بانتصار أكتوبر سنة 2012، ويلوح بكلتا يديه كالديك المنفوش، وأهله وعشيرته يهتفون: «حرية وعدالة، مرسى وراه رجالة».
للمرة الأولى أشعر بالتفاؤل، وأن الجماعة تحفر قبرها بيديها، لأن «الرجال الحقيقيين» لن يقبلوا السطو علانية على انتصار أكتوبر، ولن تتكرر مأساة جلوس قتلة السادات فى الصفوف الأولى مرة ثانية، بينما يغيب صناع النصر.
الرجال الحقيقيون هم رجال القوات المسلحة، الذين عزَّ عليهم أن يصبح القاتل بطلاً، وأن يسرق النصر من صلوا شكراً لله على هزيمة 67، أن يزعموا أنهم أصحاب العبور الأول، والثانى 25 يناير والثالث يوم تسلمهم السلطة.
تأكد كثيرون أنه «مهرجان الاعتزال»، وأن يوم رحيل الرئيس المزيف وجماعة القراصنة يقترب، لأن الوطن الذى قدم زهرات شبابه ثمناً لتحرير الأرض، لا يمكن أن يترك مصيره بين أيدى لصوص أرادوا السطو على النصر فى عز الظهر.
ومن يسرق انتصارات الشعوب، يفعل أى شيء.
طارق الزمر الذى جلس فى الصف الأول، كأحد أبطال أكتوبر وحامل الأوسمة والنياشين.. أين كان يوم 6 أكتوبر 1973؟
قبلها بأيام، قال السادات فى خطاب قبل الاغتيال «أعرف أن هناك ضابطا منهم هارب، ربما يسمعنى الآن، اعتقلنا الآخرين فى 5 دقائق، واحنا وراه».
الهارب هو طارق الزمر، أثر فشل محاولة اغتيال السادات التى دبرها أثناء زيارته للمنصورة، وكانت المحاولة الأولى فى استراحته بشبين القناطر، وبعد هروبه التقى بمحمد عبد السلام قائد تنظيم الجهاد وخالد الإسلامبولي، وسلمهما خطة الاغتيال، وتم تنفيذها فى المنصة، يوم احتفال السادات بذكرى النصر الذى كان قائده.
وبعد 25 يناير خرج طارق الزمر مع 60 سجيناً من أخطر العناصر الإرهابية، وعاد إلى قريته ناهيا فى موكب الفاتحين، وجماعته تغنى «طلع البدر علينا»، وعمت الأفراح والزينات أنحاء القرية.
وصار القاتل نجماً إعلامياً بارزاً، تلهث وراءه البرامج، ويجلس فى حضرته المذيعون، وأصبح ضيفاً فى التليفزيون الرسمى للدولة والقنوات الخاصة، ولم يعترض أحد وهو يعترف للمرة الأولى بتخطيط جريمة قتل السادات، ويسحب اعتذاره السابق عن التوبة.
قالوا له فى أحد البرامج: «أنا مبسوط وسعيد ومش مصدق أن حضرتك بتتكلم فى تليفزيون مصر»، وجلست أمامه مذيعة تبتسم وتهز رأسها موافقة وهو يؤكد أنه لا مانع لديه من سفك الدماء من أجل إقامة الدين:» بسم الله ما شاء الله لا السجن ولا السجان أثروا فيك».
وسرت «روح أكتوبر» كالنار فى الهشيم، تحرق كل من حاول السطو على يوم النصر، فالقتلة لا يمكن أن يصيروا أبطالاً، والشعب لا يفرط فى مجده، وأكتوبر كل المصريين، وليس لجماعة إرهابية لم تفعل شيئاً فى الحرب، وحاولت السطو على النصر.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة