مصطفى عدلى
مصطفى عدلى


اسف للإزعاج

عذرا يا ولدى !

مصطفى عدلي

الأربعاء، 02 أكتوبر 2019 - 06:47 م

 لم يستطع، الموقف مؤلم، مبكٍ، أقدامه لم تعد قادرة، حاول، اتخذ قراره، أراد الاقتراب، نبرات صوته تلاحقه، تهمس له، تداعب مشاعره، الوجع نال منه، ملامحه تؤكد، تحكى مصابه، السنوات حضرت أمامه، تفقّد رحلته معه،  ابتسم باكيا، شاهد السنوات، الطفولة، الصبا، ردد حروف فقيده، تلفظ بها،  لم يعد يبالى الكتمان، أراد أن يحكى عن بطله، يروى لهم، ارتجف، حاول الصمود،استكمل الخطوات، لكنهم تصدوا له ، طلب منهم الحضن الأخير، الكل ابتعد، بات الطريق ممهد، انتصرت أحزانه، هزمة محاولاتهم،  نظراتهم تترقب اللقاء، وصل اليه، هنا لم يتحمل، ارتمى فى أحضانه، لامس جسده، قطعة من القماش تخفى ملامحه  تحسس تفاصيل وجهه، أدرك مصيبته، مبتلاة سقطت دموعه رغما عنه،امتزجت بدماء بطله المدلل، عنفه، عاتبه، لماذا يا صغيرى لم تخبرنى بالأمس إنها الأخيرة،غادرت بلا عودة،بلا مقدمات، مازال هناك الكثير، أريد أن أخبرك به، أن تسمعه، ولدى كنت أنت شبابى، عمرى، مشروعى الذى كبر بين أحضانى، كم أخفيت عنك مرارة البعد، الغياب، جدران غرفتك تدرك الحقيقة،  كنت أروى لها عن اشتياقى، أخبرنى يا عزيزى كيف أعود لأمك، كيف أواجه نظراتها؟ صدقنى، تركتها نائمة فى أحضان ملابسك المعطرة برائحتك، فوق سريرك النحاسى البسيط، يا ولدى أتذكر وصيتك، أدركها، عذرا لا أقدر على تنفيذها، أعلم أنك طالبتنى بالهدوء، التماسك، الفرح بشهادتك، أن أرفع رأسى عاليا فخرا برحيلك، أعرف أنك فى خير النزل، أوقن أنه عرسك،  أسمعك، أشعر بكلماتك، أقسم لك لن تسقط بلادنا، سأقول لهم إنك لم تستسلم، ذهبت مدافعا عن الأرض، العرض، الوطن، سأخبر الأجيال أنك حاربتهم حتى الرمق الأخير، حتى أغمضت عينيك لتستريح، لكن أريدك يا فلذة كبدى أن تخبر من تلتقى بخبثهم، إرهابهم، عداوتهم لبلادنا، كيف يبحثون عن تخريب أوطاننا، النيل من جيشنا، استقرارنا، هنا جاءت لحظة المغادرة، نظر إليه بفخر، حرك رأسه للسماء ناجى ربه أن يرد كيدهم، أن يدحرهم، أن يحفظ مصرنا من مخططاتهم. هنا أروى لكم عن مشهد متكرر فى كل جنازة لشهيد مصرى فاضت روحه من أجل أن تحيا بلاده.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة