علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


انتباه

مصير الخيل العجوز

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 02 أكتوبر 2019 - 06:58 م

كنت أنظر بدهشة يغلفها الاستنكار فى طفولتى وصباى إلى من يشكو حاله من كبار السن حين يقول: انهم يتعاملون معى كخيل الحكومة العجوز التى يطلقون عليها رصاصة الرحمة!
فى ذاك الزمن الذى تفصلنى عنه عقود، كانت الشكوى لا تتجاوز حدود الألم من أن من يتجاوز الستين، ويصبح من أصحاب المعاشات يشعر وكأن حياته قد انتهت، وأن كل ما عليه انتظار ملك الموت ليخلصه من احساس مقيت بأنه لا حاجة إليه، وليس له من أهمية تُذكر!
الآن المشهد اكثر سوءاً، إذ يتعرض كبار السن لمظاهر اهمال غريبة على تراثنا واخلاقنا، بل وديننا إذ ننسى انه «ليس منا من لا يوقر الكبير»، فنرى اهانات توجه للآباء بل والاجداد على قارعة الطريق، وفى المواصلات العامة، وحيث يتطلب الأمر انتظام الجمهور فى طابور، فثمة تجاهل مستفز لأي إشارة تنبه إلى أن هذا المقعد من حق كبار السن، أو أن موقعا أو ممرا خاص بهم دون سواهم، فى سلوك غير حضارى أو إنساني، نكاد نتعامل معه وكأنه أمر واقع من المستحيل تغييره!
بالأمس مر اليوم العالمى لكبار السن دون أن يشعروا بأنه يومهم، وان كل التضحيات التى بذلوها تستحق الإشادة والتقدير، ولو ليوم واحد من العام.
لم يصادفنى ما يشير إلى أنه يوم استثنائى فى حياة كبار السن، وإن كان حقهم على الجميع أن ينالوا التقدير والاكبار والاحترام ٣٦٥ يوما كل عام، وان يحظوا بما يستحقونه على مدار الساعة، واينما ولوا وجوههم، ليس تفضلا أو تعطفا، لكنه ابسط حقوق من قدموا حياتهم وجهدهم لمن تصوروا أن يكونوا عونا لهم، ثم لم يجدوا إلا التجاهل والتعنت والاعراض!
من حق كبار السن على من تربطهم بهم صلة الدم والرحم، أن يقدموا لهم الرعاية والعون والمساندة، وان يكون العطاء والاحسان لهم فى مقدمة أولوياتهم.
من حق كبار السن على الدولة ان تكفلهم وتوفر لهم احتياجاتهم، وألا يتعسف مسئول هنا أو هناك، فلا تصلهم حقوقهم دون تقاضٍ، أو اراقة لماء الوجه.
ليت الابناء والاحفاد يتذكرون ان الزمن دوار، وان الشباب لا يدوم، وان الفتوة سرعان ما تزول، قبل ان يواجهوا مصير الخيل العجوز.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة