صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


بعد اختفائها من «الحكومية».. الأنشطة «سبوبة» في المدارس الخاصة

لمياء متولي- دعاء سامي- أميرة شعبان

الخميس، 03 أكتوبر 2019 - 02:33 ص

 

- مواطنون : معظمها مهرجانات رقص وغناء.. وغياب تام للرسم والموسيقى وحصص الزراعة

- اتحاد أمهات مصر: مكلفة للغاية ..وخبير تربوى : المدارس تبالغ فى الأسعار

 

 «حفلة سبونج بوب».. «حفلة الهالوين»..«حفلة الفواكه».. وغيرها من الحفلات التي لا تعد ولا تحصى والتي أصبحت عبئا على كاهل الأسر المصرية، فمقارنة بالماضي القريب لم يكن هناك في المدارس ما يعرف باسم حفلات «fun day»، بل كان المتعارف عليه هو حصص الموسيقى، والرسم،الزراعة والتدبير المنزلي لتتحول الانشطة التي كانت يبدع فيها الطالب بقدراته وامكانياته وتساهم المدرسة في تنمية هذه المواهب لتخرج كوادر فنية من داخل هذه المنظومة ولتكون المدرسة هي المكتشف الأول لمواهب الطالب، ولكن الأمر تحول الى «سبوبة» تحديدا في المدارس الخاصة ليجلس اولياء الامور من أسبوع إلى آخر في انتظار طلبات الحفلات « بخراب بيوت مستعجل».. حالة انتعاش تعيشها المكتبات ومحلات الأطفال بسبب «بيزنس الحفلات».. فلكل حفلة ملابس تحددها المدرسة لتفتح على أولياء الأمور أبواقا هائلة من الأموال اللانهائية، فتارة يطلب ملابس الفلاح وتارة أخرى ملابس الطبيب أو أي مهنة أخرى ولا يقتصر الأمر على الملابس فقط بل يستمر الضغط على اولياء الامور في صورة الاكسسوارات الخاصة بكل ملابس.. ويصل متوسط سعر الملابس التنكرية ما بين 250 إلى 300 جنيه، ليقوم الطفل بارتدائها مرة واحدة فقط، ولتظهر في بعض محلات الأطفال فكرة ايجار ملابس حفلات المدارس من أجل التخفيف عن الأسر.


المعاناة الأخرى التي يعيشها أولياء الأمور تتجسد في مشروعات الدراسة التي يتم طلبها على مدار العام، فأصبحت هذه المشروعات صداعا فى رأس كل أب وكل أم، خاصة وان بعض المدارس تقوم بطلب مشروعات يصعب على الطالب الذى لا يتعدى عمره 6 سنوات تنفيذها بمفرده، وحتى ولى الأمر يجد صعوبة في اشراك الطفل بها وحتى تنفيذها بنفسه فيلجأ في النهاية الى الاستعانة بمكتبة تقوم بعمل المشروع مقابل مبلغ مادي، لتصبح في النهاية المشروعات والانشطة معادلة لا تحل الا «بالفلوس».


«بوابة أخبار اليوم» ناقشت الظاهرة مع كافة الأطراف من خبراء وأولياء أمور ورصدت آراءهم حولها.
فقالت مونيكا نبيل ان الانشطة المدرسية فى التسعينيات او الثمانينيات كانت من اكثر الحصص التى يحبها الطلبة والطالبات بالمدرسة، ودائما لديهم الشغف لحضورها لإبراز مواهبهم وتنمية قدراتهم، حيث كان هناك حصص مخصصة للالعاب والموسيقى والزراعة والصناعة والتدبير المنزلى  وكانت من اكثر الحصص الممتعة بالنسبة لها ايام دراستها.


اما الآن فإنها تسمع عن اختفاء هذه الانشطة من المدارس، وعلى الرغم من ان طفلتها لم يتعد سنها العامين الا أنها تشعر بالقلق الشديد حول المدرسة التي ستلحق بها ابنتها، فأصبح التعليم الخاص بمبالغ باهظة بينما التعليم التجريبى او المدارس الحكومية  يعانى كثيرا، كما ان المدارس الحكومية تعانى كثيرا من نقص الامكانيات وضعف المستوى التعليمي.


على الموضة
اما اميرة سعد فتقول ان مدرسة ابنها تقوم بعمل حفلات في مختلف المناسبات وانها ترى ان هذه الانشطة تعتبر جزءا من التطور الوقتي للانشطة المدرسية والذي اصبح «على الموضة»، كما انها جيدة بالنسبة للاطفال في المراحل الاولى من التعليم سواء الابتدائية او رياض الاطفال، حيث انها تنشر الوعى ببعض المناسبات الدينية والموسمية في مصر والتى قد تعلمهم طقوس وتقاليد مجتمعنا المصري في المناسبات والمواسم المختلفة.


ولكن على الصعيد الاخر يقول عماد انور ان الانشطة لم تعد موجودة بمدرسة ابنه ولكنه يلجأ فى الوقت الراهن لاعطاء كورسات تعليمية لابنه بمختلف المراكز التعليمية الجيدة او المعتمدة من دول اوروبا، كما انه يشترك لنجليه في بعض الانشطة الرياضية بالنادى، وبذلك يكون قد تمكن من توفير كافة الانشطة التي تؤهله لتنمية قدراته بعيدا عن الدراسة، فالمدرسة اصبحت للدراسة فقط ولم تعد مكانا لاكتشاف المواهب مثلما كانت فى التسعينيات.


وفي نفس السياق أعربت امال عبد الكريم عن استيائها من غياب دور الانشطة المدرسية، حيث انها عاشت مع اولادها الاكبر سنا كافة الانشطة المدرسية والمتطلبات التى كانت تقوم بعملها معهم من اجل تنفيذ الانشطة والتنافس في مختلف المسابقات الخاصة بتنفيذ مجسمات او اشكال او افكار مختلفة، وهو ما اختفى نهائيا عند دخول نجلتها الاصغر للمدرسة حيث ان كافة المواد الدراسية هي المواد المعتمدة من الوزارة فقط لاغير وليس هناك اى متطلبات أو انشطة أخرى يتم عرضها على الطالبات، وقالت ان الدراسة بالمدارس الحكومية او التجريبىة منذ عشرات السنوات كات تقدس الانشطة المدرسية وتخلق جوا من البهجة والفرحة لدى الطلبة والطالبات لعملها، ولكن الان اصبحت المدرسة مكانا للتعلم والامتحانات فقط.


وقال جوزيف نشأت ان المدارس الخاصة هى التى تسعى دائما للترفيه عن الطلبة والطالبات وللاسف الترفيه يأتى بنكد على اولياء الامور حيث ان المتطلبات للحفلات يصبح مبالغا فيها بشكل كبير، كما انها تنحصر فى شكل حفلات صاخبة واغانى ورقص ووجبات وما الى ذلك، على عكس ما كانت عليه الانشطة من تنمية مهارات للاطفال من تنفيذ مجسمات بأيديهم او اكتشاف مواهبهم الموسيقية او الرياضية.  


 أزمة تتفاقم
عقب الاستماع لآراء أولياء الأمور اتجهت الأخبار لعدد من الخبراء والمختصين لمناقشة تلك الأزمة فمن جانبها تؤكد د. ماجدة نصر، عضو لجنة التعليم فى البرلمان أن الأنشطة المدرسية وكل ما يخصها أمر يظهر كل عام مع بداية العام الدراسي، وبالرغم من الشكاوى الكثيرة من أولياء الأمور والاهتمام البالغ من المسئولين إلا أن أزماتها في ازدياد كل عام.


وتضيف نصر أن بعض المدارس الخاصة والدولية تُغالى بشكل زائد عن المطلوب فى هذه الأنشطة بشكل يفوق حاجة الطفل لمثل هذه الأنشطة فى هذه السن، ويفوق إمكانيات أولياء الأمور، موضحة أنه بالرغم من ارتضاء الأهالى لإدخال أطفالهم لهذه المدارس إلا ان كل تلك الأنشطة لا تقع ميزانياتها داخل المصاريف المدرسية المحددة التى تكون معلنة من أول العام الدراسى.


وعن الرقابة على مثل هذه الأمور تشير نصر إلى أن الرسوم المدرسية الواضحة والتى تزيد بنسب محددة من الممكن مراقبتها وبسهولة، وبالتالى اتخاذ الإجراءات اللازمة مع المخالفين والمتعدين للزيادات المقررة، أما الأنشطة ومصاريفها  لا يوجد ضبط فيها هي وكل ما يطلب من أولياء الأمور خارج إطار المصاريف فهو أمر لا تستطيع الوزارة الوصول لبياناته الدقيقة.


على جانب آخر توضح نصر أن للحد من كل تلك الأمور قرر وزير التعليم العام الماضى أن المصاريف المدرسية تدفع عن طريق البنوك، لوضع مزيد من الشفافية على ما يدفعه ولي الأمر.


وتضيف أن هناك تحايلا من قبل بعض المدارس كفرض بعض الطلبات الغريبة على أولياء الأمور بالأزياء التنكرية والمشاريع المصممة التي تستخدم فى الأنشطة، والتى تشكل عبأ واضحا على الأهالي، لذا فالأمر يحتاج بالفعل إلى ضبط كبير وهو طلب متكرر سنويا ويأتى على رأس اهتمامات لجنة التعليم بالبرلمان.


وتوضح نصر أنه فى دورة الانعقاد القادم سيتم القاء الضوء بشكل كبير على كل تلك الأمور فهناك لجنة خاصة لدراسة كل مشاكل المدارس الخاصة.


وعلى النقيض توضح عضو لجنة التعليم أن الأمر يسير بشكل عكسى فى المدارس الحكومية التى نجد فيها انعداما لتلك الأنشطة بالرغم من حاجة الطفل فى مراحل عمرية معينة لنسبة من هذه الأنشطة لتنمية مهاراته، مما يخلق فروقاً كبيرة بين الطلاب من كلا الجانبين.


تنمية المهارات
 فى السياق ذاته تشيرعبير أحمد، مؤسس اتحاد أمهات مصر للنهوض بالتعليم، إن المدارس الخاصة تهتم بشكل كبير بالأنشطة الطلابية كما أنها تربطها بأعمال السنة، لكن بالرغم من أهميتها للطفل ومساعدته فى تنمية مهارته وقدراته ومواهبه، إلا أنها مكلفة جدا وتكلف الطالب مبلغا لا يقل عن 400 او 500 جنيه فى أغلب المدارس فى التيرم الواحد.


وتضيف أن أغلب المدارس تطلب تكليفا من الطالب بعمل لوحات أو تكليفات أخرى غريبة، وهنا  يضطر ولى الأمر لشراء خامات جيدة لتنفيذها، أما البعض الأخر فيذهب للمكتبات ويتفق معهم على تنفيذها لهم بمقابل مادى وهنا لايجنى الطالب أى استفادة تذكر.


وتوضح أن المدارس الخاصة تخصص يوما فى الأسبوع يسمى «فن داي» «fun day» ، وهو يتضمن أنشطة فنية وثقافية ورياضية، بعيدا عن الأنشطة الأخرى التى يتم تكليف الطلاب بها والمربوطة بأعمال السنة.


وفي المقابل تستنكر عبير عدم أهتمام المدارس الحكومية بالأنشطة الطلابية وعدم التركيز عليها، مطالبة وزارة التربية والتعليم بالتشديد على إدارات المدارس فى ممارسة كافة الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية والعلمية بشكل أسبوعى حتى يستفيد الطلاب منها فى تنمية مهارتهم .
أنشطة ربحية
على الجانب الآخر توضح د. إيمان الريس، استشارى أسرى وتربوي، أن الانشطة المدرسية لها أهمية بالغة بالنسبة للطفل فهى تنمى مهاراته المعرفية والفكرية والثقافية، فهى من أفضل الطرق التى تساعد الطالب على تثبيت المعلومة داخل عقله، إلا أنه هناك وللأسف أنشطة ربحية ليس لها مما سبق سوى أنها تجنى أموالا من أولياء الأمور.


وتشير إلى أن عددا كبيرا من المدارس الانترناشونال تضع أسعارا مبالغا فيها للأنشطة، وهناك مدارس أخرى تجعل هذه المصاريف اختيارية أو متضمنة داخل المصاريف المدرسية الأساسية.


وبالنسبة للتعليم الحكومي فتؤكد  إيمان أن هناك طفرة ملحوظة فى إدخال بعض الأنشطة لهذا النظام من خلال منهج «ديسكافرى» الذى يعتمد بشكل أكبر على إستخدام الأنشطة لتثبيت المعلومة، موضحة أن هذا الأسلوب مطلوب بشكل واضح بداية من رياض الأطفال وحتى نهاية المرحلة الإبتدائية، فتنمية المهارات لتثبيت المعلومات يكون أكثر فائدة، أما فى المراحل المتقدمة من الإعدادى فيما فوق فالعكس هو الأنسب، فيحتاج الطالب للمواد العلمية بشكل أكبر من الأنشطة.


 بينما ترى الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع أن الانشطة  فى المدارس أمر  ترفيهى مطلوب للاطفال على الا يكون بنسبة مبالغ فيها كما يحدث في بعض المدارس وأن تتوافق الفكرة مع المناهج الدراسية لكي تؤتى ثمارها من ادخال البهجة والفرحة على الطلبة والطالبات، وأشارت إلى  أن اولياء الأمور عليهم دور كبير في هذه الانشطة من خلال المساهمة فى توفير الدعم المادي والنفسي للأطفال لكن ان يكون الأمر بحدود حتى لا يصبح تكلفة على كل اسرة.
 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة