د. أمل قصرى
د. أمل قصرى


إعادة نظر

العلم و«البرستيج»!

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 03 أكتوبر 2019 - 09:33 م

د. أمل قصرى

فى المؤتمر السنوى لعلماء ماكس بلانك السابقين الذى يُعقد فى مدينه برلين الألمانيه، والذى أواظب على حضوره كل عام منذ بداياته، تحدث بعض من درسوا أو عملوا فى مراكز ماكس بلانك البحثية، والتى يصل عددها لحوالى 87، عن تجاربهم السابقة والحالية، وكلهم تقريباً تركوا البحث الأكاديمى وأتجهوا إما للبحث الصناعى فى شركات كبرى أو لأعمال مختلفة تماماً.
وماكس بلانك هى مؤسسة حكومية ألمانية تتكون من حوالى 87 مركزا بحثيا فى مجالات مختلفة وتعتبر من أهم المراكز البحثية فى العالم. عندما تحدث رئيس المؤسسة فى البداية أشار بوضوح إلى أن من يستمر فى المجال الأكاديمى ليصل للأستاذية لا يتجاوز الـ ٣٪ من الحاصلين على الدكتوراة بسبب التحديات الكبيرة التى تواجه العاملين فى المجال وأهمها الحصول على الدعم المالى بجانب ما يُبذل فيه من وقت وجهد ذهنى ونفسي. إذاً فألمانيا الرابعة على مستوى العالم فى البحث العلمي، حسب إحصاء أحد المواقع التى تقيس مستوى البحث العلمى للدول من خلال قياس تأثير منشوراتها، لا يتعدى من يصل للأستاذية فيها الـ ٣٪، بينما مصر التى يصل ترتيبها حسب نفس الموقع لـ 39، يحصل على الدكتوراة حوالى ٩٫٣٪ من خريجيها، حسب الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، يعمل الغالبية منهم فى الجامعات والمراكز البحثية ويصلون جميعهم تقريبا للأستاذية تبعا للإجراءات المتبعة عادة فى هذا المجال. من أين يأتى هذا التناقض الحاد وكيف يتم تفسيره إلا بأن تلك النسبة القليلة فى حالة ألمانيا منتقاة بعناية ولا تعمل إلا بمقاييس علمية سليمة أوصلتها لتلك المكانة، بينما النسبة الكبيرة فى حالة مصر لا تعمل بنفس الكفاءة، مع الاعتراف بفارق الإمكانيات. من المعروف أن أسباب ارتفاع تلك النسبة فى مصر تبدأ بالنظام القائم على تعيين المعيدين الذين لا يتم تصفيتهم لاختيار من يصلح منهم للاستمرار، وتنتهى بالـ«بريستيچ» الذى يتخيل الأكاديمى أو الباحث أنه يحمله، وتمر بالنظرة الدونية لبعض الأعمال الأخرى. طبعاً هناك أسباب أخرى جوهرية مثل عدم وجود صناعات فى مصر يمكن أن تدعم البحث لتنميتها، وكذلك عدم تشجيع العمل الخاص والخوف من المخاطرة. وهذا الجانب لن يُحَل بدون دعم الحكومة لإنشاء صناعات وتشجيع الشباب لخوض العمل الخاص الذى يمكن أن يرتبط بمجال دراساتهم مثل مجال الإلكترونيات والطاقة والتطبيقات الطبية، والأهم طبعاً هو تغييرالنظام الجامعى الحالى وإنهاء نظام التعيينات السنوي.
كانت رسالة بعض علماء ماكس بلانك السابقين أن هناك مجالات أخرى عديدة وهامة يمكن أن تستوعب طموح وإمكانيات من حصلوا على درجات الدكتوراة، فمتى تصل تلك الرسالة لباحثى مصر وللقائمين على البحث العلمى فيها، وللمسئولين بشكل عام؟
> استاذ بالجامعة البريطانية

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة