أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

«من حقى فرصة»

أحمد عباس

الخميس، 03 أكتوبر 2019 - 10:10 م

صدفة بحتة جمعتنى بهذا الفيديو الذى لا يتعدى 58 ثانية، لكنه كان كافيا لتشريح وعرض فكر مصرى خالص لم يزل يحاوطنا من كل اتجاه، الفيديو ضمن حملة إعلانية، إعلامية لشركة التأمين الأولى فى مصر "أليانز"، بالتعاون مع منظمة "يونيسيف"، اسمها "أنا هاتعلم.. من حقى فرصة"، الحملة تحاول حث الأسر على تعليم الأبناء، تعرض الحملة ببساطة متقنة -مستخدمة "وشوش" لابن مصرى، وابنة مصرية- حالة لاتزال متفشية بين الأسر الأكثر فقرا فى محافظات مصر، فخلال 58 ثانية ذكرتنا الحملة بأن سلوك أكثر الأسر فقرا لايزال على حاله، ولم يتغير، الأسرة الفقيرة تحتاج من يعولها، وللأسف هذا العائل غالبا يكون طفلها مهما بلغ من العمر، وحبذا لو كان صغيرا، فالأطفال اكثر صدقا فى ملامحهم، وأنجح فى استدرار عطف الناس، أى ناس، فتنجب الأسرة بلا حساب، وحتما سيكون الطفل مصدر دخل معتبرا، يقى الأب من نتيجة بطالة هو من اختارها.
وفى نفس الفيديو تظهر هذه الابنة المصرية السمراء ذات العيون الحزينة بلون الزيتون، ترتكن بين زاوية، تحاول الاختباء من مجهول، بينما الأصوات المحيطة تطاردها، تأتيها من كل اتجاه: " مفيش تعليم، اخواتك الأولاد أولى، انتى هاتشتغلى فى البيوت"، والحقيقة أن كل هذه حقائق أراها سوداء، لم تصدمنى أعرفها جيدا وأكثر منها، منذ كنت محررا مسئولا عن ملف وزارة الأسرة والسكان، أيام كانت السفيرة مشيرة خطاب وزيرة دولة لهذا الملف، والذى أراه مهملا منذ إلغاء هذه الوزارة.
وإذا كانت تمت الاستعانة بى لوضع "ستورى بورد" لهذا الاعلان كنت لأضيف أن هذه البنت عانت من أثر الختان القسري، وينتظرها زواج قاصرات، أو فى أحسن الأحوال "زواج صيفى"، تباع فيه البنت القاصر لمدة ثلاثة شهور لثرى ما لا يهم جنسيته أو سنه، لكنه غالبا شيخ كبير ، يفوق فى عمره سن والدها أو جدها، ليمارس عليها كل أنواع السادية مقابل ثمن زهيد مهما علا وارتفع، لكن الحقيقة ان هذه البنت هى مصدر دخل الأسرة بكاملها، وإذا رفضت فهى فى أحسن الأحوال معرضة للعقاب أقلها بالحريق، والتشويه، وهذا أيضا شكل آخر من أشكال القهر، والتعذيب.. شكرا أيمن حجازى رئيس مجلس ادارة "أليانز- مصر".
أهل مصر
يومان فقط مرا على ذكرى اليوم العالمى للاعنف، والعنف هنا مقصود به كل عنف، حتى لو كان تعرضا للحرق، وعلى ذكر الحرق، فإن مؤسسة أهل مصر، لديها وصف تفصيلى لحالاته ونتائجه يعرفه جيدا د. عادل أحمد رئيس قطاع الصحة بمؤسسة أهل مصر للتنمية، ومن حالات العنف تلك التى تصل بسهولة - وبدم بارد- لحرق أسرة كاملة، إما بسبب زوج جاهل، أو متعاط ، أو أب غشيم لا يعرف عن الحياة الزوجية أو الأبوية شيئا، فلا يتردد فى حرق أسرته متى عصت له أمرا، حتى لو كان الأمر مُهينا، ينال من الإنسانية، وأغلبها يكون بسبب عصيانه، فتكون النتيجة دمار أسرة بكاملها، إما بوفاة طفلة مثل حالة الطفلة "جنة" الأخيرة، أو تشويه الأم كما فى حالات لا تعد ولا تحصى.
أقول ذلك ونحن لانزال نكتفى بالمشاهدة نَدعى التأثر والإفراط فى تمثيل الحزن بينما الأسباب معروفة، والنتائج تنهش فى جسد مجتمع كامل.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة