هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

قطرة فى بحر «رد الجميل»

هالة العيسوي

الخميس، 03 أكتوبر 2019 - 10:15 م

 فى مثل هذه الأيام من العام الماضى بمناسبة اليوم العالمى للمسنين أصدر بنك ناصر شهادات وديعة للمسنين فى سن السبعين وأطلق عليها "شهادات رد الجميل". قيمة الوديعة ألف جنيه بفائدة مغرية فى ذلك الوقت هى 17% تحصل عوائدها سنويا ومن الممكن تحصيلها بعد ستة شهور. كانت المبادرة طيبة وجاءت اتساقاً مع الاهتمام العالمى بالمسنين بتخصيص يوم لتكريمهم وإضافة مميزات وتسهيلات معيشية لهم فى أرجاء المعمورة لكنها ظهرت فى بلادنا وكأنها "ذر للرماد فى العيون" فمن يومها وحتى وقتنا هذا لم تعد هناك متابعات إعلامية أو حملات إعلانية عن هذه الوديعة ولا عن تطور سعر عائدها، وكأن بنك ناصر أطلق فكرة هذه الوديعة من قبيل "الجودة بالموجود" من حيث تواضع مغرياتها مقارنة بالظروف المعيشية للمحالين إلى المعاش، ومقارنة بشروط البنوك الأخرى لودائع عملائهم. فتحديد عمر المسنين بسبعين عاما -انخفضت فيما بعد إلى خمسة وستين عاماً- يقلص عدد المستفيدين من هذه الوديعة إلى الحد الأدنى ممن وهبهم المولى العمر ليبلغوا السبعين، أما من هم دون ذلك فلا يستفيدون؛ لا سيما وأن سن التقاعد عندنا هى الستين ( وليس الخامسة والستين كمعظم بلدان أوروبا وأمريكا الذين نقتبس قوانيننا منهم ). وفى هذه السن "الستين" تحدث الفجوة العظيمة بين ما اعتاد عليه الموظف من دخل وبين المعاش المقدر له
 كما أن صرف عوائد الوديعة بشكل سنوى أو نصف سنوى لا يساهم إطلاقا فى تحسين الظروف المعيشية للمسنين الذين يحتاجون إلى زاد شهرى إضافى يعينهم على الغلاء الفاحش وعلى نفقات الرعاية الطبية " المجانية" التى تشبه التعليم المجانى عندنا، فكل تفصيلة لها ثمنها الذى يدفعه المريض أو ذووه من جيبهم خارج مظلة التأمين الصحى المجاني.. كذلك فإن اقتصار هذه الوديعة على بنك ناصر وعدم تعميمها فى باقى البنوك يقلص فرص الاستفادة منها إلى أدنى درجة.
صحيح ان هناك درجة من الاستقلالية تتمتع بها البنوك فى تحديد أسعار الفائدة والخدمات التى تقدمها ولكن تظل هذه الاستقلالية تحت السقف الذى يحدده البنك المركزي. فما الذى يمنع إطلاق شهادات خاصة بالمسنين فى كافة البنوك المصرية ذات عائد ثابت مرتفع بحيث يبدأ عمر المستفيدين من تلك الشهادات من سن التقاعد أى الستين وهى السن التى يحصل فيها المتقاعد على مكافأة نهاية خدمته، ويكون صرف عائدها شهريا حتى يتحقق الغرض الإنسانى والاقتصادى منها وبحيث تكون عائداتها قابلة لرفع سعر الفائدة وغير قابلة لتخفيضها بأى حال على عكس باقى شهادات الاستثمار الأخرى. انه قرار استراتيجى جرىء ومنصف وإنسانى من العار أن يغيب عن حكومتنا.
قرار جرىء آخر مطلوب من أعضاء مجلس نوابنا فى آخر دوراتهم على مقاعدهم هو إعادة النظر فى تعديلات قانون المعاشات.
فى كل الأحوال لايزال المسنون يحتاجون إلى كثير من التشريعات التى تسند ظهورهم التى أحناها الدهر ومهما تصور مشرعونا أنهم أنصفوا المسنين بركة هذا البلد تظل جملة ما أقروه قطرة فى بحر رد الجميل.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة