الرئيس السيسى والسادات
الرئيس السيسى والسادات


نصر أكتوبر| تفاصيل أول خطاب للسادات بعد إطلاق معركة التحرير

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 04 أكتوبر 2019 - 10:36 م

 

«كانت حربا ضارية عاشها الشعب المصرى فى حينها عام 1973.. تتشابه مع ما نصارعه الآن من حروب مع اختلاف العدو الذى كان وقتها معروفا ومحددا وظاهرا.. فلم تكن هناك كتائب إلكترونية تديرها ميلشيات تابعة لتنظيمات إرهابية، تُغدق عليها دول تفتح خزائنها لكل مجرم، كما لم تكن هناك مواقع للتواصل الاجتماعى تلعب فى أدمغة كل غرير..». فى أكتوبر 1973 كانت الأحداث ساخنة.. وأجواء الحرب ملتهبة.. والعالم ما يزال يشعر بالدوار رغم مرور أيام عشرة على زلزال العبور الذى رج أطراف الدنيا كلها رجا»

المكان: مجلس الشعب المصرى

الزمان : 11 يوما من معارك العبور (تحديدا يوم الـ 16 من أكتوبر 73)

وساعات العالم تضبط عقاربها على توقيت القاهرة.

الحدث: الرئيس السادات يتحدث للمرة الأولى إلى الجماهير المصرية والعربية.. بل وللعالم بعد انطلاق شرارة الحرب وبزوغ النصر.

فى ميادين القتال.. كان القادة جميعهم مشغولين يتصدرون جنودهم.. يتخذون فى اللحظة الواحدة عشرات القرارات الصعبة المصيرية المتعلقة بتفاصيل الحرب.. على كواهلهم مسئوليات جسام تنوء بها الجبال. وفى وسط ذلك كله.. لنا أن نتصور حجم المشاغل التى كان عليها القائد الأعلى للقوات المسلحة وقتها الرئيس أنور السادات.. الرجل الذى تصب عنده كافة المشكلات والقرارات المصيرية المؤثرة فى حياة بل ومستقبل أمة كاملة تحارب اليأس وعدواً مدججاً بالسلاح.

وكان العالم كله يترقب، والشعب المصرى والعربى فى شغف لا حدود له لسماع الرئيس المنتصر بعد النتائج المبهرة لمجريات الحرب والانتصار البازغ.

مشاعر متضاربة

كان خطاب الرئيس السادات فى ذلك اليوم جزءا من ساحات القتال.. خليطا موصولا من حلاوة النصر ومشاعر العزة مجدولة مع ما عانيناه من عناء وألم ومرارة.

وبين تصفيق حاد متقطع من ممثلى الشعب.. قال: «لست أظنكم تتوقعون منى أن أقف أمامكم لكى نتفاخر معاً ونتباهى بما حققناه فى أحد عشر يوماً من أهم وأخطر بل وأعظم وأمجد أيام التاريخ وربما جاء يوم نجلس فيه معاً لا لكى نتفاخر ونتباهى ولكن لكى نتذكر وندرس ونعلم أولادنا وأحفادنا جيلاً بعد جيل، قصة الكفاح ومشاقه ومرارة الهزيمة وآلامها وحلاوة النصر وآماله.. نعم سوف يجيء يوم نجلس فيه لنقص ونروى ماذا فعل كل منا فى موقعه، وكيف حمل كل منا أمانته وأدى دوره؟.. كيف خرج الأبطال من هذا الشعب وهذه الأمة فى فترة حالكة ساد فيها الظلام ليحملوا مشاعل النور وليضيئوا الطريق حتى نستطيع أن نعبر الجسر ما بين اليأس والرجاء»؟.

تعهد الرئيس السادات

وبكل صدق مضى يقول متعهدا أمام الشعب: «عاهدت الله وعاهدتكم على أن جيلنا لن يسلم أعلامه إلى جيل سوف يجيء بعده منكسة أو ذليلة وإنما سوف نسلم أعلامنا مرتفعة هاماتها عزيزة صواريها وقد تكون مخضبة بالدماء ولكننا ظللنا نحتفظ برؤوسنا عالية فى السماء وقت أن كانت جباهنا تنزف الدم والألم والمرارة».

المثير أن الرئيس السادات تعرض فى نفس الخطاب للحرب النفسية التى كانت تُشن على مصر من الخارج، حرب نفسية كانت ضارية فى حينها تتشابه مع ما نتلقاه الآن مع الاختلاف أن العدو كان معروفا ومحددا وظاهرا أمامنا.. ولم تكن هناك كتائب إلكترونية تديرها ميلشيات تابعة لتنظيمات إرهابية، تُغدق عليها دول تفتح خزائنها لكل مجرم، كما لم تكن هناك مواقع تواصل اجتماعى تلعب فى أدمغة كل غرير.. فقال الرئيس السادات حينها: «كنت واثقاً أنه ليس فى قدرة أية حرب نفسية مهما كانت ضراوتها ان تمس صلابة هذه القاعدة»، ويقصد بالطبع الشعب المصرى.. وهى نفس الكلمات والمعانى التى يؤكدها الرئيس السيسى دائما حول ثقته فى وعى المصريين.

جوهر قواتنا المسلحة

وحول قواتنا المسلحة صاحبة أعظم انتصارات فى التاريخ العربى وثقته بها، قال الرئيس السادات وكأنه كان يجدد عهدا قديما بهذه الثقة.. كان ساريا فى التاريخ وامتد لوقتها ومازال قائما لليوم وإلى الغد ولأبد الآبدين: «كنت أعرف جوهر قواتنا المسلحة ولم يكن حديثى عنها رجماً بالغيب ولا تكهناً لقد خرجت من صفوف هذه القوات المسلحة وعشت بنفسى تقاليدها وتشرفت بالخدمة فى صفوفها وتحت ألويتها.. إن سجل هذه القوات كان باهراً ولكن أعداءنا الاستعمار القديم والجديد والصهيونية العالمية، ركزت ضد هذا السجل تركيزاً مخيفاً لأنها أرادت أن تشكك الأمة فى درعها و سيفها».

ويواصل كأن كلماته قيلت اليوم لو أضفنا الإرهاب لقائمة العدو.. وأضفنا البناء لقائمة المعجزات.. قائلا: «إن القوات المسلحة المصرية قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكرى، ولقد شاركت مع جمال عبد الناصر فى عملية إعادة بناء القوات المسلحة ثم شاءت الأقدار أن أتحمل مسئولية استكمال البناء ومسئولية القيادة العليا لها.. إن القوات المسلحة قامت بمعجزة على أعلى مقياس عسكرى استوعبت العصر كله تدريباً وسلاحاً بل وعلماً واقتداراً وحين أصدرت لها الأمر ان ترد على استفزاز العدو وأن تكبح جماح غروره فإنها أثبتت نفسها أن هذه القوات أخذت فى يدها بعد صدور الأمر لها زمام المبادرة وحققت مفاجأة العدو وأفقدته توازنه بحركاتها السريعة..

إن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً أمام عملية يوم ٦ أكتوبر ١٩٧٣ ولست أتجاوز إذا قلت أن التاريخ العسكرى سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم ٦ أكتوبر سنة ٧٣ حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب واجتياز خط بارليف المنيع وإقامة رءوس جسور لها بعد أن أفقدت العدو توازنه فى 6 ساعات»

ثقة الرئيس

وكان من اللافت أن تكون هذه الثقة المطلقة فى قواتنا المسلحة التى تحدث عنها الرئيس السادات فى خطاب النصر هذا.. تجسد نفس الكلمات والمعانى كلما تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسى عن الشعب المصرى وقواته المسلحة.. فهى ثقة لم تحد عنها قواتنا المسلحة قيد أنملة.. وكل المواقف التى استدعى فيها الشعب جيشه أكدت بل ورسخت تلك المعانى.. أكد على ولاء القوات المسلحة للشعب المصري، وأنها تقف حيث يريدها أن تقف بأمانة وصدق، مدركةً الظروف العصيبة التى تعيشها الأمة خلال هذه الفترة.

وقال فى أكثر من مناسبة: «إن الشعب يثق بجيشه ويطمئن إلى حُسن فهمه لمتطلباته وقدرته على تحمل المسئولية.

وأضاف الرئيس السيسى فى أكثر من فعالية مؤكدًا: لا يستطيع أحد الاعتداء على مصر بشكل مباشر؛ لأسباب كثيرة أحدها امتلاكها جيش هو الأقوى فى المنطقة.

لذلك نجد اتساقا رائعا بين اليوم وأمس فى هذه النقطة، خاصة عندما قال الرئيس السادات بنفس الخطاب.. خطاب النصر: «وإذا كنا نقول ذلك اعتزازاً وبعض الاعتزاز إيمان فإن الواجب يقتضينا أن نسجل من هنا وبإسم هذا الشعب وبإسم هذه الأمة ثقتنا المطلقة فى قواتنا المسلحة ثقتنا فى قياداتها التى خططت وثقتنا فى شبابها وجنودها الذين نفذوا بالنار والدم،ثقتنا فى إيمان هذه القوات المسلحة فى قدرتها على استيعاب هذا السلاح.. أقول باختصار إن هذا الوطن يستطيع أن يطمئن ويأمن بعد خوف إنه قد أصبح له درع وسيف».

مؤامرات الداخل والخارج

وببصيرة نافذة يقول بطل الحرب والسلام الرئيس السادات، عن مؤامرات الداخل والخارج:

«إننا حاربنا من أجل السلام .. وهذه ساعات نعرف فيها أنفسنا ونعرف فيها الأصدقاء ونعرف فيها الأعداء، ولقد عرفنا أنفسنا ولقد عرفنا أصدقاءنا وكانوا بأصدق وأخلص ما نطلب من الأصدقاء ولقد كنا نعرف عدونا دائماً ولسنا نريد أن نزيد من أعدائنا بل اننا لنوجه الكلمة بعد الكلمة والتنبيه بعد التنبيه، والتحذير بعد التحذير لكى نعطى للجميع فرصة يراجعون ولعلهم يتراجعون لكننا بعون الله قادرون بعد الكلمة وبعد التنبيه وبعد التحذير أن نوجه الضربة بعد الضربة ولسوف نعرف متى وأين وكيف إذا أرادوا التصاعد فيما يفعلون، الأمة العربية كلها وأسمح لنفسى أن أعبر عنها، لن تنسى مواقف هذه الساعات، إن الأمة العربية لم تنس أصدقاء هذه الساعات الذين يقفون معها ولن ننسى أعداء هذه الساعات الذين يقفون مع عدونا».. وكأن الرجل كان يقرأ وقتها المستقبل.. حاضرنا الذى نعيشه.. من كتاب مفتوح!!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة