محمد درويش
محمد درويش


نقطة فى بحر

الشهداء وحسن أولئك رفيقاً

بوابة أخبار اليوم

السبت، 05 أكتوبر 2019 - 06:56 م

ظلت الأم التى رحلت عن دنيانا عام ٢٠٠٠ تعيش حلمها فى ان ابنها الملازم ذا العشرين عاما سيطرق عليها الباب ومعه زوجته وأولاده بعد أن حصلت على شهادة بأنه فقد فى سيناء خلال يونيو ٦٧ . حكاية عشت منها بضع سنوات مع الأم التى هى جدة أولادى وخالهما الشهيد أسامة محمد منير مصطفى.
هذه الأم نموذج للثكالى اللائى دفعن ودفع أولادهن ثمنا لم يكن لهم يد فيه خلال حرب الأيام الستة، ثم جاء أكتوبر لنسترد الكرامة والفرحة وتنطلق الزغاريد حتى مع أنباء الاستشهاد هؤلاء الشهداء وأقرانهم ولا نملك لهم إلا هذا الدعاء المقتبس من آيات الله فى قرآنه الكريم: «اللهم ألحقهم بالنبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً».
ندعو به لموتانا أن ينالوا اللحاق بهؤلاء الأربعة الذين تقع منزلة الشهداء منهم فى المرتبة الثالثة ممن يتبوأون مقعدهم فى جنة الخلد بين النبيين والصديقين.
يا الله.. أى منزلة أنزلتها هؤلاء الذين قدموا أرواحهم وعاهدوا الله فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر.
يا الله أى قوة إيمانية جعلت هؤلاء فى يوم السادس من أكتوبر من أكبر رتبة إلى أصغرها مسلما كان أم قبطيا، يكفى أنه مصرياً، لا يبالى الواحد منهم بالحياة وكان حرصهم على الموت حتى يهبوا لنا ولأمثالنا الحياة.
يا الله على عطائك ونصر جندك الذين كان كثير منهم على صيام رمضان، أقسموا أن يكون إفطارهم هناك على الضفة الشرقية الحصينة كما كان يعتقد العدو فهم لا يقاتلوننا إلا من وراء حُجب أو جدر محصنة وليس لهم القدرة على المواجهة التى يتسم بها أسودنا خير أجناد الأرض.
رغم أننى أديت الخدمة العسكرية عام ١٩٧٨ إلا أننى لم أندم فى حياتى كما ندمت على أن الفرصة لم تتح لى لأن أكون بينهم، فبينما هم يحطمون الأسطورة ويعبرون واحدا من أكبر الموانع المائية فى التاريخ، كنت قد انتهيت لتوى من الكشف الطبى فى مستشفى طلبة جامعة القاهرة استعدادا لأول عام دراسى أبدأه بكلية الإعلام.
بعد أكثر من أربعة عقود من الدراسة والعمل المدنى أجد أنه لا وجه للمقارنة بين ما فعله رجال من مصر مع ما نفعله نحن فى وظيفتنا المدنية مهما طال بنا العمر فيها.
يوم واحد على جبهة القتال وفترات التدريب والتأهيل قبلها وترك ملذات الدنيا ورفاهية العمل المدنى لا يمكن أبدا أن يتساوي- مهما كانت الحسبة- أو يقارن حتى هذا بذاك.
كنت أتعجب من إطلاق اسم الجندى المجهول على النصب التذكارى المواجه للمنصة على طريق النصر، كنت أقول: كلهم معروفون ونقرأ الكثير عن بطولات هذا وذاك، ومع مرور السنين سواء ما كانت من بطولات فى يونيو ٦٧ رغم الهزيمة وسواء ما كان منها بعد شهر من يونيو مثل معركة رأس العش وتدمير إيلات. أو ما كان بعدها فى أكتوبر ٧٣، أيقنت أن جنودا مجهولين كثر لا يعرف ما صنعوه من بطولات إلا قلة قليلة ربما سمعوا عنها من زملاء لهم عادوا ولم تكتب لهم الشهادة.
هؤلاء هم من ساهموا فى صنع النصر مع زعيم وقادة لم يكن التاريخ ليرحمهم لو استمرت حالة اللا حرب واللا سلم أو قرروا أن يخوضوها وجاءت النتائج عكس ما كانوا يأملون.
أكتوبر ١٩٧٣ لم يكن هناك بديلا للانتصار ولم يكن الله ليتخلى عن جنده بعد أن أعدوا كل ما استطاعوا من قوة.
سلام على كل شهيد أبى إلا أن تكون راية وطنه عالية خفاقة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة