السيد النجار
السيد النجار


يوميات الأخبار

من الملاك.. إلى الجاسوس.. انتبهوا !

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 06 أكتوبر 2019 - 06:56 م

السيد النجار

السؤال المطروح.. لماذا نحن غائبون عن المواجهة بسلاح الفن والاعلام.. والسؤال الاكثر إلحاحا.. لماذا تأخر فيلم نصر أكتوبر ٤٦ عاما؟!

فى الإعلام والسينما.. عادة ما يتحدث العرب مع أنفسهم.. هم فى واد والعالم فى واد آخر.. نحن ندافع.. وهم يهاجمون.. لايسمعون ما نقول، بينما تجد أراءهم وأفكارهم رواجا بيننا، بل ونتلهف على مشاهدة الجديد مما يقدمونه فى وصفة فنية ساحرة، تبث بين ثناياها، كل أشكال الهدم وأنواع السموم.. واذا اقتحمت أموال العرب عالم الأمبراطوريات الكبيرة للإعلام الدولى، فهى للمكيدة بينهم أو لاستخدامه سلاحا موجها لهدم الآخر، العربى ابن جنسه والمتحدث بلغته. اللعبة.. اسرائيل تتقنها جيدا.. فى الإعلام والفنون تجيد التلاعب لترسيخ الأكاذيب لتصبح حقائق، وتمجيد هذا الكيان ليبدو متفردا فى المنطقة، وفى أى مجال يجول بخاطرك. الانكسار  والوجع الحقيقى فى قلب إسرائيل، انتصارات اكتوبر التى نحتفل بها هذه الأيام.. مثلما كانت نصرا مصريا وعربيا على اسرائيل، كانت انهياراً لصورة الدولة والشعب الاسرائيلى. فقدوا الثقة بأنفسهم وهدمت الإنسان من الداخل، عرفوا الضياع وسقوط وهم الشخصية الإسرائيلية لشعب الله المختار. فشلت إسرائيل فى لملمة جراح ابناء شعبها، وعاد الآلاف منهم الى موطنه الأصلى بأوروبا وأمريكا.. وأدركت أن العلاج بماكان هو الداء. ذر الرماد على انتصار العزة والكرامة العربية وأعادة الثقة والتأهيل النفسى للشعب الإسرائيلى، ولو كان بالوهم والتزييف لمحو آثار الهزيمة الكارثية. مارست ذلك بشكل دائم وتكثف منه مع احتفالات فرحتنا بنصر اكتوبر تعودت على مدى الأعوام الماضية أن تخرج بالكثير من الغث المزيف وما تدعى أنه وثائق تحوى أسرارا جديدة يتم كشف النقاب عنها، لاهدف منها إلا التقليل من الأنتصار وقيمته العسكرية التى أذهلت العالم ورمز العزة والكرامة في نفوس المصريين والعرب. تتلقف ماكينات الاعلام العالمى اليهودى ماتفصح عنه اسرائيل.. ولكن دون جدوى ولم تحقق هذه الوسيلة الأهداف الإسرائيلية الخبيثة. فإذ بها تغير التكتيك، بجرائم ارهابية كبيرة تشغل الرأى العام العربى، ولكن لم تفلح، فعادت الى ارتكاب جرائمها وقراراتها الباطلة بالاراضى العربية المحتلة.. كل هذا لم يحقق ما تصبو إليه إلا بتأثير واهن ومؤقت.
مؤخرا.. أدركت اسرائيل قيمة الفنون كسلاح فى حربها مع المصريين والعرب، وجهودها فى لملمة جراح ابنائها.. بأموال يهودية أنشأوا قناة «نتفليكس» لتبث سمومها ضدنا. وبدعم من اموال اشتراكاتنا فى القناة فى العام الماضى احدثت دويا مصطنعا بفيلم «الملاك» قصة تدعى نجاح اسرائيل فى تجنيد شخصية مصرية فى موقع مسئولية للعمل جاسوسا لها ما بين أواخر الستينات واوائل السبعينيات. وهذا العام تذيع القناة تواكبا مع احتفالات انتصار ٧٣ حلقات مسلسل «الجاسوس» عن قصة حياة أيلى كوهين. جاسوس زرعته فى سوريا وصنعت منه بطلا قوميا فى إسرائيل.. انتهت قصته باكتشافه وأعدامه، ولم تغلق إسرائيل قصته حتى اليوم، مازالت تطالب باستلام رفاته.. وتحيى بطولاته فى وجدان ابنائها وإعادة ثقتهم فى كفاءة وقوة الموساد وأجهزتها الأمنية.
أمام طوفان الفنون والإعلام الإسرائيلى، أسعدتنى بارقة أمل للتخلى عن حالة صمتنا بفيلم «الممر» عن بطولات حرب الاستنزاف. ولكن هذا لايجعلنا نكف عن انتاج مصر لفيلم عالمى كبير يجسد انتصارات العرب فى العصر الحديث.. وهو الحلم الذى لم ير النور على مدى ٤٦ عاما، وحان وقته الآن..  فمن فيلم الملاك إلى مسلسل الجاسوس.. انتبهوا.. فإسرائيل لن تتوقف عن تزييف الحقائق وتزوير التاريخ.
طردوه تلميذا.. وكرموه عالما
خيال الطفل يفوق أى واقع ويتغلب على كل المعوقات.. قد يسبق بفكره العلماء وفرق البحث العلمى فى المختبرات.. الاطفال ينافسون كبار أدباء الخيال العلمى، رغم ما تحقق من أفكارهم بالصعود إلى القمر من مائة عام أو الحياة تحت الماء بعد مائة عام.. اهتمت أمريكا مؤخرا بأحداث ثورة فى التعليم وتنمية مهارات الأطفال وتوسعة مداركهم ورعاية مواهبهم فى العلم والفن والأدب.. فلسفة سياستهم التعليمية الجديدة، ترتكز على أن تجديد عقل الأمة وتقدمها ينبع من الطفل  وخياله اللا محدود.. وفى مصر هذاما يجب أن ننتبه إليه، ونحدد نقطة الانطلاق فى تطوير التعليم على مدى طويل يبدأ من سنوات الحضانة، ونسف قوانين ولوائح البيروقراطية التى تحد من نبوغه واطلاق العنان لعقله وخياله.. عندما سألوا رئيس جامعة شيكاغو الأكثر حصدا لعدد جوائز نوبل فى مختلف الفروع عن سبب هذه الظاهرة  قال «اننا نقبل مناقشة أى فكرة حتى لو كانت غبية». منذ سنوات.. كنا نشير إلى معوقات روتين وبيروقراطية التعليم فى مصر، باسماء لامعة مثل احمد زويل ومجدى يعقوب وفاروق الباز.. وكلنا اليوم نشير بنماذج صارخة لعباقرة مصريين جدد.. عمر عثمان كان طفلا نابغا فى الرياضيات منذ الخامسة الابتدائية، وعندما حصل على الاعدادية، فاق الصبى دراسة مناهج الثانوية.. وكان لابد أن يلتحق بالجامعة، وبشهادة اساتذة الجامعات المصرية  والأجنبية.. وقفت اللوائح العظيمة أمام انطلاقته.. قال وزير التعليم.. لاأملك الاستثناء.. لابد أن يحصل على الثانوية العامة ويلتحق بالجامعة فى عمر ثمانية عشرة.. وكأن لسان حاله يقول.. يا أخى أمشى زى غيرك «تاتا- تاتا» بلا عبقرية ولانبوغ.. المهم ضمان الشهادة تلقفت جامعة باريس عمر عثمان للدراسة بها بمنحة مجانية وكسرت امامه كل القيود، بما فيها شروط السن.. وحصل على الماجستير ثم الدكتوراة وهو فى عمر ٢٢ عاما.. ويصبح حديث العالم وعندما جاء فى زيارة الى مصر كرموه كعالم بعد أن كانوا طردوه تلميذا.
الدرون.. خيال طفل
الدرون.. بدأت بخيال وفكرة طفل، وتحولت من لعبة أطفال وتصوير الأفراح والمباريات، إلى أحدث سلاح فتاك. عام ١٩٦٧ كان الرائد الأمريكى شبتاى بريل يشاهد برنامجا تلفزيونيا للاطفال.. انتبه الى طفل يحاول تركيب محرك صغير على طائرة ورقية، أنتفض الرائد من مقعده متوجها على عجل الى عمله بالجيش الامريكي.. ناقش مع قادته تجربة تصنيع طائرة مسيرة بمحرك صغير تحمل كاميرا.. ولكنهم سخروامنه وقالوا هذه لعبة أطفال.. يقول شبتاى وهو فى الثانية والثمانين من عمره اليوم حسب تقرير صحيفة نيويورك تايمز «كما فى كل شيء فى الحياة لابد أن تكون مجنونا بالشىء حتى تحققه.. وسعدت جدا عندما وجد مجانين آخرين صنعوا أول طائرة درون مسيرة فى العالم.. وأطلقتها اسرائيل لأول مرة فى ٩ يوليو ١٩٦٩ فى سماء الاسماعيلية اثناء حرب الاستنزاف وعادت الدرون بعد عشر دقائق بصور جيدة لفتت انتباه الجيش الاسرائيلى وبدأ فى تصنيعها ومواصلة تطويرها، حتى اصبحت اسرائيل من اكبر مصدرى طائرات الدرون فى العالم، تحقق دخلا سنويا لها مليار دولار. وتسعى اسرائيل اليوم لاختراع سلاح قادرعلى مواجهة الدرون.. وهى الطائرة التى كانت لعبة اطفال وتصوير حفلات الافراح ومباريات الكرة.. واصبحت اليوم من الاسلحة الفارقة فى الحروب، تستخدمها الدول والميليشيات وجماعات الإرهاب والعصابات الخارجة عن القانون.
مؤسسة فاروق حسنى
يصر الفنان العالمى فاروق حسنى أن يظل راعيا للثقافة والفنون الى الأبد، بينما نحن نتابع افتتاح متحفه، يفاجئنا بتدشين مؤسسة فاروق حسنى للثقافة والفنون، فعلا الأحساس بالمسئولية لايحتاج الى مناصب حكومية، والعطاء لاينتظر طلبا، والمعجون بحب وطنه والانشغال بهموم وثقافة شبابه لاينتظر كلمات ثناء ومديح.. فى حفل راق، ووسط جمع كبير من أهل الثقافة والفن والاعلام، تم تدشين المؤسسة الوليدة.. هدية من وزير فنان للمبدعين الشباب، وبؤرة إشعاع ثقافى جديدة فى قلب القاهرة.
تأتى مؤسسة فاروق حسنى للثقافة والفنون، مشاركة من المجتمع المدنى فى رعاية الثقافة ونشرها، بما تقدمه من أنشطة متنوعة تشمل ندوات ومحاضرات ولقاءات أدبية وأمسيات شعرية ومسابقات فنية، وتبدأ بمسابقة سنوية للفنون التشكيلية، تبلغ جائزة الفائز بها ٥٠ ألف جنيه، ودروع وشهادات تقدير للفائزين فى التصفيات النهائية، كما يتم تنظيم فى الادب والشعر والتصوير والاخراج السينمائى والمسرحى، تنتظر الأوساط الثقافية والفنية بمصر حالة رواج وحراك ثقافى كبير، يقوم عليها مجلس امناء يضم نخبة من الشخصيات المهتمة بالعمل الثقافى فى مصر، من بينهم الدكتور زاهى حواس والأديب محمد سلماوى والمفكر الدكتور مصطفى الفقى ورجل الاعمال نجيب ساويرس.
من الحب ماقتل
الحب فى التسعين.. كانت فقرة بيوميات سابقة.. قصة سيدة إيطالية عمرها ٩٢ عاما.. حاولت قتل من أحبته لانه لم يبادلها حبها كان التعليق الذى يتبادر إلى الذهن مباشرة.. من الحب ماقتل.. قلت نعم ولكن هذه المقولة التى نرددها دائما تستحق من الكتابة ما يوضح أصلها وملابساتها.. ولماذا عاشت ألفا وخمسمائة عام دون ذكر من ضحى بنفسه ومات من اجل حبيبته.. ولم يذكر المؤرخون اسمه، ولا اسم حبيبته التى مات فيها عشقا.. وانما يذكر الجميع من قال المقولة ومن نصح المحب بهذه النصيحة، قد تكون بائسة أو مخلصة أو شيطان شعراء.. ولكن ما اعتقده أنه لم يدر بخلد الناصح أن الرجل قد يفعلها ويقتل نفسه هربا من عذاب عشقه لحبيبته التى لاتبادر بالتواصل معه. وطمأنته أنها تشكو مثله من حالة الوجد والحرمان من الحبيب.
مر الشاعر العراقى عبدالملك الأصمعى بأحد البوادى فوجد حجرا مكتوبا عليه.. أيا معشر العشاق بالله خبروا.. إذا حل عشق بفتى كيف يصنع، فكتب تحته الأصمعى.. يدارى هواه  ثم يكتم سره.. ويخشع فى كل الامور ويخضع. وفى اليوم التالى وجد رداً من الشاب ببيت شعر يقول وكيف يدارى والهوى قاتل الفتي.. وفى كل يوم قلبه ينقطع، فكتب الأصمعى.. إذا لم يجد الفتى صبراً لكتمان سره.. فليس له شىء سوى الموت ينفع، وفى اليوم الثالث وجد الفتى ميتا بجوار الحجر بعد ان كتب، سمعنا وأطعنا ثم متنا فبلغوا.. سلامى إلى من كان بالوصل يمنع، هنيئا لأرباب النعيم نعيمهم.. وللعاشق المسكين ما يتجرع. فأطلق الأصمعى مقولته.. من الحب ماقتل.
هل كانت المحبوبة تعلم بولع المحب.. هل كانت تبادله حبا وتمنعها أحوال ونوائب الأيام التواصل معه.. أم لم تكن تعلم بعشقه لها.. وماذا قالت أو فعلت فى كل الاحوال.. لا احد يعلم حسبما جاء فى كتاب نهاية الأرب.. ولكن يبقى من مفارقات الهوى والغرام.. من مات فداء لمحبوبه. ومن عاش حياته ميتا فى البعد عنه.
همس النفس
من جاءوا الى الحياة ولم يعرفوا  ماالهوي.. ولم يرحموا العاشقين بكلمات لوم وكشف أسرار حوار العيون.. استحقوا الرثاء لحالهم.. وأزيدهم فى العشق شطرا.. لازلت ألهث ما بين عمر يمضى وأمل غائب لايلوح فى الأفق.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة