نصر أكتوبر
نصر أكتوبر


كيف استعدت مصر لتحقيق انتصار السادس من أكتوبر ؟

محمد محمود فايد

الأحد، 06 أكتوبر 2019 - 10:18 م

 

تحتفل مصر والقوات المسلحة اليوم، بالذكرى الـ46 لانتصار أكتوبر المجيد، حيث استعاد جنودنا وأبطالنا البواسل «أرض الفيروز»، من الاحتلال الإسرائيلي، وتم تحرير سيناء الأرض المباركة والتي خاضت مصر العديد من الحروب على مر التاريخ للمحافظة عليها، واكتمل التحرير بعودة طابا عام 1988.

 

ويمثل السادس من أكتوبر ذكرى لأعظم انتصارات العسكرية المصرية العريقة في أكتوبر 1973 الذي عبرت فيه القوات المسلحة بمصر وشعبها إلي العزة والكرامة، وقد وتم احتلال سيناء كاملة بعد حرب يونيو عام 1967، ومن بعدها، انطلق الكفاح المسلح بين الجيش والشعب في حرب الاستنزاف، وانتهت الملحمة الكبرى في نصر أكتوبر 1973.

 

أهمية سيناء


تتميز سيناء بمكانتها الجغرافية وتاريخها الواسع، فلقد ضحى من أجلها آلاف المصريين لكي يحافظوا على أغلى بقعة في الوطن، ينظر إليها العدو بنظرة «المفترس»، نظرًا لموقعها الجغرافي والاستراتيجي، حيث أنها المفتاح لموقع مصر العبقري في قلب العالم بقاراته وحضارته، هي محور الاتصال بين أسيا و أفريقيا بين الشرق والغرب.

 

وسيناء البوابة الشرقية لمصر، وحصن الدفاع الأول عن أمن مصر وترابها الوطني، وهي الآن البيئة الثرية بكل مقومات الجمال والطبيعة والحياة برمالها الذهبية وجبالها الشامخة وشواطئها الساحرة ووديانها الخضراء وكنوز الجمال والثروة تحت بحارها، و في باطن أرضها من «نفط و معادن»، فهي التاريخ العريق الذي سطرته بطولات المصريين وتضحياتهم الكبرى لحماية هذه الأرض.

 

إعداد الدولة لحرب أكتوبر 1973


شهدت عملية إعداد الدولة للحرب مشاركة أجهزة ومؤسسات عديدة، واشتراك القيادات، بكل مستوياتها، ومشاركة الشعب بمختلف طوائفه، وإنفاق المال والجهد، واستخدام كل الإمكانات المتاحة، والطاقات الممكنة، الفعالة والكامنة فى كافة أبعاد قوى الدولة المادية والمعنوية من أجل استرداد سيناء من العدو الإسرائيلي.

 

وشملت عملية الإعداد العديد من الجوانب، منها الإعداد السياسي، والاقتصادي، والعسكري، والشعبي، والحكومي .

 

الإعداد السياسي


فترة إعداد الدولة المصرية لحرب العاشر من رمضان ضد إسرائيل بدأت عقب حرب يونيو 1967 مباشرة، وذلك من خلال سعى مصر السياسي والدبلوماسي إلى المنظمات الدولية، وعلى رأسها الأمم المتحدة، وإلى الدول العظمى خاصة الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، وقد حققت مصر مكاسب دبلوماسية من هذه التحركات تمثلت في إدانة العدوان الإسرائيلي على مصر والأراضي العربية، وإصدار القرار رقم 242 من الأمم المتحدة الذي يطالب إسرائيل بالانسحاب من الأراضي المحتلة، إلا أن إسرائيل لم تنفذ القرار واستمرت في الاحتلال.

 

كما استمر سعى مصر لقبول مبادرات السلام التى أعلنت فى ذلك الوقت مثل مبادرتى "يارنج" و"روجرز"، بالإضافة إلى مبادرات مصرية عديدة للسلام، إلا أن إسرائيل أعلنت من جانبها رفضها هذه المبادرات، وقد بدأت مصر فى تجميع القوى العربية للضغط على المجتمع الدولى وتوصلت إلى شعار "ما أخذ بالقوة لا يسترد إلا بالقوة" فى توصيات مؤتمر القمة العربية فى الخرطوم، الذى عقد فى 29 أغسطس 1967، بمشاركة رؤساء إحدى عشر دولة عربية، هم دول المواجهة "مصر والأردن وسوريا".

 

وعند تولي الرئيس الراحل أنور السادات مقاليد الحكم في عام 1970، قام بدور دبلوماسي كبير واستطاع أن يوحد القوى العربية فى تحالف واحد قوى والتنسيق معهم على تنفيذ الحرب واستعادة الأرض فى ظل تعنت إسرائيل ورفضها لكل سبل السلام، وتجلت تحركات السادات وعصمت عبد المجيد فى الأمم المتحدة وكواليسها للتغطية على استعدادات مصر للحرب.

 

الإعداد الحكومي 


أنشأ الرئيس الراحل جمال عبد الناصر مجلس الدفاع الوطني عام 1968 وكان يتكون من رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء و5 وزارات أساسية هي "الدفاع، والداخلية، والخارجية، والإعلام، والمالية"، بالإضافة إلى باقي الوزارات وعدد من الجهات السيادية، وكان الهدف من إنشاء هذا المجلس هو وجود تنسيق فعلى بين مؤسسات الدولة لتذليل العقبات في سبيل اتخاذ قرارات سريعة وحاسمة والابتعاد عن الإجراءات الحكومية الروتينية المعروفة، وتسهيل كل العقبات التى تواجه أى خطوة فى الحرب.

 

الإعداد الاقتصادي


تحول الاقتصاد المصري قبل حرب العاشر من رمضان إلى «اقتصاد الحرب»، وذلك بمعنى تعبئة جميع المصانع ومنتجاتها لاستيفاء احتياجات القوات المسلحة أولا، كما لجأت مصر ضمن خطتها في خداع العدو إلى توقيع تعاقدات دولية لتوريد السلع الإستراتيجية مثل القمح على مدد زمنية غير منتظمة حتى لا تلفت انتباه العدو إلى أن الدولة تقوم بتخزينها، وقد تم تحقيق الاحتياطي اللازم من هذه السلع ليكفى احتياجات الدولة لمدة 6 أشهر قبل الحرب مباشرة.

 

الإعداد العسكري

 

استطاعت مصر أن تعيد بناء القوات المسلحة وتكوين قيادات ميدانية جديدة، كما تم استحداث الجيشين الثاني والثالث الميدانيين، وإعداد القيادات التعبوية الجديدة، وإعادة تشكيل القيادات في السلاح الجوى، وإدخال نظم تدريب على كل ما هو أساسي للحرب، وكذلك التدريب على مسارح مشابهة لمسرح عمليات الحرب.

 

فتم إنشاء سواتر ترابية مماثلة لخط بارليف على ضفة النيل وتدريب القوات على عبورها، كما احتفظت القوات المسلحة بالقوة الرئيسية من المجندين دون تسريحهم بعد انتهاء فترة تجنيدهم حتى أن بعض المجندين استمروا في تجنيدهم لمدة 7 سنوات.

 

كما استعدت القوات المسلحة للحرب بكل ما هو حديث في تكنولوجيا التسليح وقامت بتطوير أسلحة المشاة واستبدلت الدبابات القديمة بالجديدة وتم إحلال المدفعية القديمة بأخرى متطورة وتم الدفع بطائرات حديثة وإدخال طرازات جديدة من الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى، إلى جانب الصواريخ طويلة المدى وكذلك تطوير معدات المهندسين العسكريين وأجهزة الكشف عن الألغام وإدخال أسلحة غير تقليدية ابتكرها مهندسون مصريون مثل قاذفات اللهب المحمولة على الأكتاف ومسدسات المياه التي استخدمت في هدم خط بارليف الرملى.

 

كما أصدرت القيادة العامة توجيهاتها قبل الحرب للتدريب على العمليات بدأ من إعداد الجندي للقتال حتى إعداد الوحدة والوحدة الفرعية للتشكيل للحرب، والتدريب على أسلوب اقتحام الموانع المائية والنقاط القوية المشرفة على حمايتها، وأسلوب الدفاع عن مناطق التمركز والوحدات والمعسكرات لمواجهة عناصر "المتكال" المتمركزة خلف خطوط الدفاع الإسرائيلي.

 

كذلك إجراء المشروعات سواء على مستوى القيادة التعبوية والإستراتيجية، أو المشروعات التكتيكية للجنود على موضوعات الهجمة المنتظرة من العدو، واستمرار وتكرار هذه المشروعات ضمن ما سمى "خطة الخداع الاستراتيجي" التي وضعها المشير محمد عبد الغنى الجمسي والتي أوحت للعدو وقتها بعدم جدية مصر في اتخاذ قرار الحرب.

 

عبور قناة السويس

 

في السادس من أكتوبر العاشر من رمضان عام 1973، تمكن خير أجناد الأرض "الجيش المصري" من عبور قناة السويس في الجهة الجنوبية وتدمير خط بارليف، وتدمير مواقع الجيش الإسرائيلي، وتحطيم أسطورة الجيش الذي لا يقهر.

 

وفي الثانية من ظهر يوم السادس من أكتوبر عام 1973، بدأ أكثر من ألفى مدفع ثقيل قصفه لمواقع العدو في نفس اللحظة التي عبرت فيها سماء القناة مائتان وثمان طائرات تشكل القوة الجوية المكلفة بالضربة الجوية الأولى التي أصابت مراكز القيادة والسيطرة الإسرائيلية بالشلل التام، وفى نفس الوقت كان آلاف المقاتلين بدؤوا النزول إلى مياه القناة واعتلاء القوارب المطاطية والتحرك تحت لهيب النيران نحو الشاطئ الشرقي للقناة، بعد ذلك بدأت عمليات نصب الكباري بواسطة سلاح المهندسين.
 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة