ليلى الغلبان
ليلى الغلبان


يوميات الأخبار

إلى القمر..خذنى

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 07 أكتوبر 2019 - 08:08 م

 

د.ليلى الغلبان

هو: شايفة القمر يا ليلى؟ هي: أيوه.. وشايفة كمان الهرم اللى فيه الـDNA بتاعتنا. هو: دى حتة مننا هناك... يا بختها!

هذا الحوار لن تقرأه فى كوميك أو تسمعه فى مشهد كوميدى عن الرومانسية، وفى أحيان كثيرة للتندر والاستخفاف بها، بل هو حوار يمكن أن يكون حقيقيا من الآن!
وأنت أيها القارئ الكريم.. هل تحلم أن تكون مثل نيل أرمستونج ورفاقه وتذهب إلى القمر؟ لديك فرصة أفضل، لقد ذهبوا وعادوا أما أنت فسيكون بمقدورك أيضا أن تنظر إلى السماء فى ليلة مقمرة وترى جزءا منك هناك على سطح القمر ذهب ليبقي.
كيف؟
سوف تقوم شركة LifeShip أو سفينة الحياة، المتخصصة فى مجال التكنولوجيا الحيوية ومقرها مدينة سان فرانسيسكو الأمريكية، باستقبال عينات الشفرة الوراثية DNA للراغبين، وتحليلها ثم إرسالها إلى القمر لتحفظ هناك داخل هرم بنى خصيصا لذلك، ليكون أكبر بنك أو أرشيف حيوى خارج الأرض للمخلوقات على الأرض.
«هيا احجز مكانا لك على سطح القمر الآن» هكذا خاطبت الشركة العملاء على موقعها الإلكترونى
ومن المقرر أن يستغرق المشروع عامين.
ويقول مؤسس الشركة Ben Haldeman وله أبحاث متعمقة فى مجال الفضاء، سواء فى دراسة تربة المريخ أو بناء تليسكوبات لاستكشاف المزيد من الكواكب والنجوم «إن الشفرة الوراثية لكل منا هى جزء من القصة الكبرى للأرض.....ومن هنا جاءت فكرة سفينة الحياة، فبدلا من إرسال الكائنات الحية بنفسها إلى الفضاء يمكن أن ترسل سجلاتهم الجينية، وهى نفس فكرة البنوك الحيوية الموجودة الآن فى العديد من دول العالم ليتم حفظها تحسبا لمستقبل مجهول وهدية إلى أحفادنا إذا ما ألمت بالأرض أية ملمة تهدد الحياة عليها. ولو تمكنا من إرسالها إلى أبعد من المجموعة الشمسية، فإن ذلك سيكون هدية لأولئك الذين يعيشون هناك تحكى قصة الحياة على كوكب جميل اسمه الأرض.»
وسيتم إرسال عينات الشفرة الوراثية إلى القمر تباعا. وبدءا من الشهر القادم سيكون بإمكان أى شخص أن يرسل إلى الشركة عينته من المنزل، وتتولى الشركة جمع العينات وإرسال أول دفعة فى عام2021.
وقد يسأل البعض عن منطقية الفكرة وجدوى المشروع، فحتى الآن يستخدم التحليل الجينى فى تقصى شجرة العائلة والتنبؤ بالأمراض التى قد تصيب الشخص فى المستقبل وإمكانية التدخل المبكر لتجنبها، وإنتاج نباتات تستطيع مقاومة الجفاف، وفى كل يوم يتقدم البحث فى هذا المجال، ووفقا لرئيس الشركة فإن المستقبل سوف يشهد العجائب، فلننتظر.
عزيزى القارئ: هل يذكرك هذا الموضوع واسم الشركة «سفينة الحياة» بشئ؟
بالتأكيد يذكرنا بجانب من قصة سيدنا نوح عليه السلام وكيف تم جمع زوجين من كل مخلوقات الله على الأرض فى الفلك لتكون نواة لحياة جديدة بعد انحسار الطوفان، وهذا ما دار بخلد الرجل. وروج للفكرة التى تداعب خيال البعض.
ولا أحد يدرى ماذا سيحمل المستقبل، فقد أشارت دارسة نشرت مؤخرا أن كوكب الزهرة ربما كانت عليه حياة منذ حوالى أربعة بلايين عام إلا أن كارثة حلت بسطحه منذ حوالى 700 مليون عام فقتلت كل حياة هناك. لكن من المؤكد أن هذا البنك الحيوى على القمر سيظل بعد أن يرحل أصحاب السجلات إلى أن يشاء الله.
ولعل من حسنات الفكرة أن الناس الذين لم يعودوا يرون القمر إما لانشغالهم بالحياة على الهواتف والحبس الإرادى داخل البيوت والانفصال عن الطبيعة، أو بسبب البنايات العالية التى تحجب القمر عنهم، لعل الفكرة والمشروع يذكرهم بالقمر مرة أخرى فجزء منهم هناك، وحينها يحلو السهر.
فى انتظار الموجة العربية!
هل مازلت تتذكر الأغانى التى تعلمتها صغيرا؟!!! من المؤكد أنك تتذكرها، ذلك أن المخ يستطيع الاستيعاب والاحتفاظ بالمحتوى الموسيقى بسهولة وسرعة كبيرة، وفى اجتماع الموسيقى مع الحكى والتكرار تكون القدرة على تعلم اللغة أسهل. ولا عجب إذن أن تلتحم اللغة بالموسيقى وبالثقافة والفنون عامة؛ من أجل الحفاظ على اللغة والمساهمة فى انتشارها خارج حدودها الجغرافية وبسط نفوذها الثقافي، بشكل يفوق أثر الجهود الرسمية من قبل الهيئات والمؤسسات المنوطة بالحفاظ على اللغة.
من منا لا يذكر فريق البيتلز البريطاني؟! فقد كان له أثره البالغ على خطوط الموضة وقصات الشعر، وحتى أسماء المواليد حينئذ، وتغنى العالم كله ولا يزال بلهجة ليفربول المدينة التى جاء منها. ومازال الفريق رغم مرور أكثر من نصف قرن يحظى بنفس الألق وأصبح مجرد ذكر اسمه كافيا لاستدعاء مشاعر خاصة من الانبهار والهوس به وبإنجليزية ليفربول.
الموسيقى اللاتينية.. أدت الشعبية التى تتمتع بها الموسيقى اللاتينية فى الولايات المتحدة الأمريكية إلى انتشار اللغة الإسبانية حيث زاد الطلب على تعلمها. فالإسبانية هى اللغة الأولى فى أربع وأربعين دولة، واللغة الثانية فى الولايات المتحدة الأمريكية.  ومن ثم لا عجب أن تجتاح العالم أغانى لاتينية كان آخرها Dispacito الشهيرة.
الزلزال الكورى الناعم
أما الظاهرة الثالثة فيمثلها زلزال أكبر أثرا وهو يختلف نوعيا عن الظاهرتين السابقتين ويتعرض له العالم فى هذه الآونة، إنه الإعصار الثقافى الكورى أو الموجة الكورية، وهو يتمثل فى فرق موسيقى البوب والدراما الكوريتين. حيث استطاعت أن تتخطى حدود شبه الجزيرة الكورية لتنتشر حول العالم وتنشر معها الثقافة الكورية، وفى القلب منها اللغة الكورية. وفى هذا الصدد أود أن أشير إلى فريق BTS والمكون من سبعة شبان والذى أقام عروضا فى كبريات المسارح العالمية وتصدرت ألبوماته البلبورد الأمريكية وحصل على كبرى الجوائز العالمية التى كانت حكرا على الفرق الأمريكية ونجوم الغناء الأمريكيين، واستطاع من خلال انتقاء موضوعات تمس الإنسان وموسيقى عصرية تخاطب العالم وعروض فائقة الإبهار أن يحظى بشعبية عالمية تضارع وربما تفوق شهرة البيتلز فى أوجها، الأمر إلى حدا باليونسكو للاستعانة بالفريق فى الترويج لقضاياها الإنسانية.
ويتمتع الفريق بقاعدة جماهرية تفاعلية بامتياز وأطلق على جماهيره اسم «الجيش» من فرط قوة التفاعل معهم وولاء الجماهير لهم.
وأحدث أكبر ضجة على وسائل التواصل الاجتماعى على مدار الأعوام الماضية. ويعد فريق BTS دليلا حيا على أن للموسيقى والفنون عامة قوة وسلطانا طاغيين فى انتشار اللغة والثقافة، فملايين المعجبين المخلصين يطمحون إلى تعلم اللغة الكورية لغة فريقهم المحبب ونجومه، وهو ما أدى إلى ازدهار اللغة الكورية كما لم تزدهر من قبل.
وقد دعم ذلك تمسك الفريق بالغناء باللغة الكورية، باستثناء إضافة بعض الكلمات والعبارات الإنجليزية فى حفلاتهم داخل أمريكا وأوروبا، وتمسكهم بها أيضا فى تفاعلهم مع الجماهير على وسائل التواصل الاجتماعى حيث تبث قناتهم على اليوتيوب فيديوهات عن حياتهم اليومية وبروفاتهم وحالتهم المزاجية المختلفة فظهروا على طبيعتهم بعيدا عن صخب الشهرة، وهو ما أتاح للجماهير من كل الأعمار التفاعل معهم بشكل غير مسبوق؛ وبدون حواجز لغوية، وما من وسيلة لذلك إلا تعلم اللغة الكورية والتبحر فى الثقافة الكورية عامة رغم صعوبة ذلك.
وبالفعل تحدث الكثير من جماهير الفريق عن أن الاستماع إلى أغانى ال BTS بانتظام مكنهم لا شعوريا من تعلم الكورية. لقد أصبحت الشعوب أكثر انفتاحا على الموسيقى والغناء بلغات أخرى غير لغاتها وبلا حدود فى عصر العولمة والثورة الرقمية والهجرات من مكان لآخر، فلم يعد الأمر بيد أساطين الصناعة الثقافية فى أمريكا وأوروبا يتحكمون فيما يسمعه العالم ويشاهده، ويصنعون النجوم والمشاهير بالطريقة الكلاسيكية. لقد تمكنت الفرق الكورية من فرض نفسها خارج الأطر التقليدية. وإننى أتمنى أن تلهم هذه التجارب الناجحة فى نشر اللغة عن طريق الفنون والثقافة وخاصة التجربة الكورية الدوائر الثقافية الرسمية وغير الرسمية فى مصر والعالم العربى للمساهمة بشكل علمى وجاد فى الاستثمار فى الصناعة الثقافية وصناعة نجوم وفرق فنية كتلك التى قامت بها شركة Big Hit Entertainment فى تأسيس فريق BTS وبث أغانيه على اليوتيوب والساوند كلاود. وفى مقال له بجريدة الأهرام أشار السفير الكورى الجنوبى فى القاهرة عن «قيام مجموعات من الشباب المصريين على مستوى الجمهورية بتنظيم نواد للمعجبين بالموسيقى الكورية الحديثة»، كما أكد حرص السفارة على استثمار هذا النجاح من خلال قافلة ثقافية كورية ومسابقات للموسيقى الكورية تجوب الجمهورية.فكما غزت كوريا العالم بالسيارات وأجهزة المحمول ومستحضرات التجميل وغيرها من الصناعات، فإن الغزو الثقافى الكورى للعالم أشد أثرا؛ حيث يضعها فى قلوب وعقول الناس حول العالم.
إن اللغة العربية بحاجة إلى تجربة شبيهة بذلك، وليست متطابقة. فجهود المؤسسات التعليمية المهتمة بتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها لم يكتب لها النجاح فى بعض الأحيان، وهناك وله لدى الكثيرين حول العالم لتعلم العربية. لنطلق العنان للموسيقى والفنون لتقوم بهذا الدور بشكل علمى وجاد وبمؤازرة رسمية وغير رسمية. وأعتقد أن النجاح سيحالف التجربة وذلك نظرا للإرث الثقافى الرفيع والنفوذ الدينى للعربية ووجود من يتحدثها أو يتمنى أن يتعلمها فى كل ركن من العالم.
وقفات..
ممنوع التدخين فى الشرفة
«ما فائدة الشرفة إن لم أدخن فيها؟!» هكذا قال أحد المواطنين الروس تعليقا على قرار الحكومة هناك بحظر التدخين فى الشرفات والمطاعم والفنادق ووسائل المواصلات. وبدءا من الأول من أكتوبر الحالى سيكون الرصيف هو المكان الوحيد المتاح للمدخن «الروسي» ليشعل سجارته! ومن يخالف ذلك سيتعرض لغرامة قدرها ثلاثة آلاف روبية. تبسمت من الخبر وهممت إلى الشرفة كى أنظف أعقاب السجائر التى تسقط من الطوابق الأعلى!
< رئيس قسم اللغة الإنجليزية بآداب كفر الشيخ

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة