مصطفى عدلى
مصطفى عدلى


بدون إزعاج

الدمية.. تكلمت

مصطفى عدلي

الإثنين، 07 أكتوبر 2019 - 08:10 م

حل الظلام، رغم أشعتها التى تطل، سواد القلوب كان أكثر حضورا، احتضن التراب عظامها الضئيلة، التى لم تنم بعد، ظلمات الغرفة الضيقة كانت أرحم بها، أكثر حنانا من تلك الأيام البائسة، الظالمة، لم تر من الدنيا سوى وجهها القبيح، العفن، أيقنت وحشيتها، غادرت، الموت حرمها من دميتها الصغيرة، نظرة وداع مؤلمة بقيت شاهدة على حكايتها، تفاصيل عروستها الشقراء تبرهن ذلك، ملامحها الباكية تروى لكم بشاعة واقعنا، ما وصلنا إليه، تعرى أمامكم الحقيقة، تفضح أشخاصا بلا قلوب، مشاعر، ضمائر، تروى عن صاحبتها، كيف تبادلا الضحكات العفوية، الابتسامات البريئة، الغفوة الآمنة فى أحضانها، تكلمت الدمية دون أن تنطق، ملامحها تصرخ: عذرا صغيرتى، لم أقدر على إنقاذ طفولتك، كتب علىّ أن أكون قطعة بلاستيكية عاجزة عن حمايتك، صوتك مازال يلازمنى، صرخاتك أبكت جدرانا لم تكن متحجرة مثل قلوبهم، الكل أغفلك، أبناء جنسك تخلوا عنك، سمعوا صوتك، ابتعدوا، هربوا من واقعهم، أرى دموعك حاضرة، لكنها لم تكن كافية، عندما فقدت الوعى استيقظنا معا كعادتنا ولكن هذه المرة وجدتك تنازعين على فراش المرض وأنا بين أحضانك، تترقبين الموت داخل مستشفى لم تشفع إمكانياته لانتشالك، بتروا قدمك، هنا تمنيت لكى الرحيل، أيقنت رسالتك، أشعر بها، تريدين الحديث عن بشاعتهم، وحشيتهم، كما تمنيت من الأعلى أن يحرك لسانى، لأكشف غدرهم، لكن هذا واقعى، أنا دمية يتلاعبون بها، صدقينى لست بقساوتهم، لست من عشيرتهم، جنسهم، صاحبتى كم اشتقت أن أكون بين أحضانك فى ليلتك الأولى داخل قبرك المنير، أستمع إليك، وأنت تناجىن ربك، تخبرينه بما وصل إليه البشر، قولى إنهم باتوا أشد خبثا من شياطينهم، تفوقوا عليهم، كيف قتلوا طفولتك، كيف ماتت الرحمة بينهم، كيف عبثوا بصغارهم، اخبريه بأن قوانين الدنيا بائسة، هزيلة، لن تحاسبهم بجرمهم، لا انتظر كلمات قاضى الأرض، فقط هو من يقدر، أترقب أحكامه الإلهية العادلة فى قضية كتبت رحيل الإنسانية وإلى لقاء فى جنة الخلد يا جنة لم يعرف قدرها البشر.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة