صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قاتل «فرج فودة» أحد تجار الدم.. أفرج عنه «المعزول» وشكل «الدواعش الجدد»

محمد قنديل- أسامة السعيد

الثلاثاء، 08 أكتوبر 2019 - 02:21 ص

 


السجن تأديب وتهذيب وإصلاح.. هكذا يقول شعار مصلحة السجون، وهذا ما يفترض أن تحدثه عقوبة تقييد الحرية فى المجرمين الطبيعيين، لكن عندما يكون الشر متأصلا فى النفوس، والعنف مغروسا فى جذور الروح والعقل، تصبح عقوبة السجن فترة استراحة للقتلة فى انتظار ضحية جديدة.

تجار الدم 

وهذا بالضبط ما حدث مع المدعو أبو العلا عبد ربه، اسم قد لا يعرفه كثيرون، لكنه شخصية معروفة فى أوساط تجار الدم، وزبانية التنظيمات الإرهابية، فقد تورط فى العديد من العمليات الإرهابية.

ولكن العملية الأشهر التى دفعت باسمه إلى قائمة الإرهابيين الأكثر تطرفا هى مشاركته فى اغتيال المفكر الليبرالى فرج فودة عام ١٩٩٢، وبدلا من أن يؤدى حكم السجن بالمؤبد الذى قضاه عبد ربه فى السجن إلى مراجعته لمواقفه، وتخليه عن نهج العنف، خرج قاتل فرج فودة إلى الحياة العامة مرة أخرى بعفو رئاسى، لينضم بعدها إلى تنظيم داعش ثم إلى جبهة النصرة فى سوريا، ويموت وهو يقاتل ضمن صفوف تلك الجماعة الإرهابية.

تبدأ قصة أبو العلا محمد عبد ربه، بالانضمام إلى تنظيم الجماعة الإسلامية، واعتباره من العناصر النشطة فى صفوف الجماعة، ومشاركته فى تنفيذ العديد من العمليات الإرهابية وبخاصة فى تسعينيات القرن الماضى، الذى شهد ذروة نشاط الجماعة، وبعد صدور تعليمات من قيادة الجماعة الإسلامية باغتيال المفكر فرج فودة، الذى كانت كتاباته ومناظراته الفكرية لرموز جماعات التطرف تمثل إزعاجا حقيقيا لأنها تساهم فى فضح زيف معتقدات تلك التنظيمات، وضلال الأدلة التى بنوا عليها منهجهم التكفيرى والدموى.

وبالفعل سارع عبد ريه واثنان آخران من عناصر التنظيم لتنفيذ أمر الاغتيال فى يوم الإثنين ٨ يونيو ١٩٩٢ بعدما تم رصد الكاتب فرج فودة، وأعطى عبد ربه إشارة التنفيذ وسلم الأسلحة والذخائر إلى كل من عبد الشافى رمضان وأشرف السعيد، حيث استقل الاثنان دراجة بخارية، متجهين لتصفية الكاتب فرج فودة أمام الجمعية المصرية للتنوير التى أسسها فى مدينة نصر، ووقف يراقب المشهد من بعيد وفى غضون دقائق معدودة فى السادسة من نفس اليوم تم اغتيال فودة.

عفو رئاسى 

وبعد القبض على المنفذين أدين عبد ربه بالأشغال الشاقة المؤبدة فى قضية اغتيال فرج فودة وحكمين آخرين بالسجن ١٥ عامًا فى قضية أحداث إمبابة والمواجهات مع قوات الأمن فى تسعينيات القرن الماضى، لكنه خرج من السجن بموجب عفو رئاسى عرف إعلاميا بالمجموعة ١٧ الذى صدر فى عهد المعزول محمد مرسى.

ولم يكن ذلك الخروج الجديد للحياة فرصة لعبد ربه من أجل أن يعيش فى هدوء ما تبقى له من عمر، بل اعتبرها الإرهابى القديم فرصة لبث سمومه فى جيل جديد من الإرهابيين، فقاد عبد ربه جيلًا جديدًا من شباب الجماعات المتأسلمة فى مصر، يطلق عليهم «الدواعش الجدد»، وذلك بعد أن انقسمت الجماعة الإسلامية إلى جبهات عدة أخطرها الدواعش الجدد، الذين كانوا يلقبون من قبل بأمراء الدم، والذين نبذوا مراجعات الجماعة التى جرت فى عام ١٩٩٧، واختاروا العودة إلى ممارسة العنف.

وجاءت ثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لتنقذ مصر من مصير أسود أراده أمراء الدم وقدامى الإرهابيين، وبدأت الدولة وأجهزتها الأمنية تعود بقوة، وتشدد قبضتها فى مواجهة التنظيمات الإرهابية بعد انتهاء «عام العسل» خلال حكم «الإخوان»، فلم يجد عبد ربه ومعظم أمراء الدم سوى الهروب من مصر ضمن ٨٥ عضوًا من أعضاء الجماعة الإسلامية هربوا إلى خارج البلاد عبر السودان، عقب ثورة ٣٠ يونيو مباشرة، وذلك عن طريق الجبال والمدقات الصحراوية، وكان معه فى رحلة الهروب رفاعى طه.

التواصل الاجتماعى 

وخلال سنوات هروبه، كان عبد ربه يشرف على تدريب الشباب الذين يتم تهريبهم إلى السودان، ثم متابعتهم، والتواصل معهم عبر شبكات التواصل الاجتماعى، ومنتديات خاصة بهم، يتم عبرها بث فيديوهات لشرح تنفيذ بعض العمليات، ولم تتخلص مصر من سمومه بعد هروبه، فقد عمل على تشكيل تنظيم يقوده من الخارج، ويتركز أعضاؤه فى المنيا، وأسيوط، والإسماعيلية، والإسكندرية، والسويس، وبورسعيد، وعين شمس، والمطرية، وتحالف ذلك التنظيم مع بعض الحركات المسلحة المنتمية لجماعة «الإخوان» الإرهابية.

ومن السودان انطلق الإرهابى أبو العلا عبد ربه، إلى تركيا وتسلل بعدها إلى سوريا، وانضم فى بداية تواجده هناك إلى تنظيم داعش، ولكن تحيزات التنظيم ضد المصريين جعلته ينتقل إلى جبهة النصرة، وبعد فك الارتباط بالقاعدة انضم إلى تنظيم «أحرار الشام»، ومنها إلى جبهات القتال المتعددة التى تشرف عليها فصائل جيش الإسلام التابعة للجولانى، حيث قُتل فى مارس ٢٠١٧ خلال مشاركته فى إحدى عمليات التنظيم، بطلق نارى جاءه فى الصدر وتوفى فى الحال.

ولم يكن أبو العلا عبد ربه الوحيد فى هذا الطريق المظلم والدموى الذى خاضه أحد الإرهابيين القدامى، فتشير بعض المصادر إلى أنه يعد السادس على قائمة المصريين الذين قتلوا فى سوريا والعراق خلال الأعوام الماضية، وكان أولهم القيادى رفاعة طه، رفيقه فى الجماعة الإسلامية، وفى انقلابه على مراجعات الجماعة، وأيضا رفيقه فى رحلة الهروب من مصر بلا عودة.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة