صورة تعبيرية
صورة تعبيرية


«تاجر الموت ميت».. كيف لعبت الصحافة دورًا في تأسيس «جائزة نوبل»؟

أحمد نزيه

الثلاثاء، 08 أكتوبر 2019 - 09:05 م

في القرن التاسع عشر، عاش مهندسٌ وعالمٌ كيميائيٌ سويديٌ اسمه ألفريد نوبل، كان بارعًا وحصل على براءات اختراع كثيرة، حتى نجح في النصف الثاني من هذا القرن من اختراع شيءٍ غير مجرى العالم.

في عام 1867 توصل ألفريد نوبل إلى أنه عند مزج مادة النيتروجليسرين مع مادة ماصة خاملة مثل تراب المشطورات، وهو نوع من أنواع الصخور الرسوبية سهلة التفتت، فأنه ينتج مادة ملائمة للانفجار، وأراد أن يطلق عليها "مسحوق السلامة نوبل"، كي يبرئ ساحته من أي استخدام سيء لاختراعه، لكنه نال براءة الاختراع عن اسم "الديناميت".

ولم يكتفِ نوبل بذلك، فقد توصل فيما بعد ديناميت أشد قوةً عن طريق مزج النيتروجليسرين مع العديد من مركبات النيتروسليلوز، على غرار السائل الدبغ "الكولوديون"، ليحصل عام 1876 على براءة اختراع ما أسماه "جلجنيت" أو الهلام المتفجر، وهي عبارة عن مادة شفافة تشبه الهلام لها قوى انفجارية أقوى من الديناميت بكثير.

ومرت الأيام بألفريد نوبل واعتلت صحته التي تأثرت كثيرًا بأبحاثه التي أوصلته إلى اختراع المواد المتفجرة، والتي جنا من ورائها أرباحًا طائلةً، وكان آخر ما توصل إليه هو اختراع مادة الباللستيت، والتي تعد مقدمة للعديد من مساحيق المتفجرات الحديثة عديمة الدخان، والتي لا تزال إلى الآن تستخدم كمادة مفجرة في الصواريخ.

مانشيت صحفي صادم

وفي عام 1988، تُوفى شقيق ألفريد، لودفيج نوبل، أثناء زيارة له لمدينة كان الفرنسية، لتخرج إحدى الصحف الفرنسية، لتنعى ألفريد نوبل عن طريق الخطأ، ظنًا منها أنه من مات.

ويخرج عنوان المانشيت الرئيسي للصحيفة "تاجر الموت ميت". وفي متن الخبر، "الدكتور ألفرد نوبل الذي أصبح غنيًا من خلال إيجاد طرق لقتل المزيد من الناس أسرع من أي وقت مضى، توفي بالأمس".

عنوانٌ صادمٌ نزل على قلب ألفريد نوبل وقع الصاعقة، وبدأ يسأل نفسه "كيفما سيذكرني الناس بعد موتي؟!"، والجواب كان حاضرًا أمام عينيه في عنوان الصحيفة الفرنسية الصادم.

مولد جائزة نوبل

وقتها فكر ألفريد نوبل في كيفية ترك بصمة مضيئة للناس يتذكرنه بها، بدلًا من أن تصحبه اللعنات بعد موته، فكان الحل هو أن يجمع كل الأموال التي ربحها من اختراع المواد المتفجرة ويودع تلك الأموال لدى النادي السويدي النرويجي في باريس، كي يتم منح خمس جوائز سنوية تحمل اسم نوبل، لمن يقوم بأبحاث أو أعمال تخدم السلام، وفعل نوبل ذلك في نوفمبر عام 1895.

وفي العام الموالي، تُوفي ألفريد نوبل لكن بقيت وصيته وجائزته حيةً إلى يومنا هذا، وباتت تبلغ قيمتها الآن 10 ملايين كرونة سويدية (ما يعادل 1.4 مليون دولار أمريكي)، لتبقى الجائزة صامدةً لأكثر من قرنٍ من الزمن، والتي أسسها عنوانٌ صحفيٌ كان عن طريق نبأ وفاة خاطئ لم يُتحرى الدقة فيه.

وهذه الأيام يُجرى الاختيار على الفائزين بجوائز نوبل هذا العام، على أن يتم تسليمهم الجائزة رسميًا يوم العاشر من ديسمبر المقبل، والذي يناسب ذكرى وفاة ألفريد نوبل عام 1896.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة