أمنية طلعت
أمنية طلعت


حبوا بعض

اتصالاتى المتكررة

بوابة أخبار اليوم

الأربعاء، 09 أكتوبر 2019 - 07:20 م

 

اتصلت به كثيراً كى أبارك له على المنصب الجديد لكنه لم يجب على اتصالاتى المتكررة! تعجبت وقلت لنفسى إنه بالتأكيد تغير بعد المنصب الرفيع مثل الجميع، رغم أننى أعرفه جيداً وأعلم أن لا شيء قد يغيره على أصدقائه، لكننى استسلمت للفكرة السائدة وأرحت نفسى وتوقفت عن الاتصال به والسؤال عليه. بعد أسابيع قليلة قابلت صديقاً مشتركاً واشتكى لى من نفس الشيء، فهو لم يجب على اتصالاته، وجلسنا سوياً نتحدث عن ناكرى العيش والملح وكيف تغير المناصب النفوس رغم أنها زائلة مهما دامت!
بمرور الأيام نسيت كل شيء يخصه، ولم ألحظ حتى اختفاءه الواضح عن صفحات التواصل الاجتماعى، فلم يعد يكتب شعراً ولا يشاركنا بمقاطع من كتبه أو كتب غيره حتى التقيته صدفة فى نقابة الصحفيين، فوجدته يتجه نحوى بوجه مرحب واشتياق يوازى عمق الصداقة بيننا على مدار سنين طويلة، ورغم مقابلتى له بفتور شديد وجدته يقول: اعذرينى بسبب غيابى، فأنا أمر بمصيبة كبيرة. سألته عن نوع هذه المصيبة وأنا داخلى أسخر منه وأتهمه بأنه يختلق أى مشكلة ليغطى على تجاهله لى، لكن إجابته نزلت على رأسى كالصاعقة، فلقد أخبرنى أن ابنته التى تزوجت لتوها، اكتشفت إصابتها بالسرطان، وهو لا يدرى ماذا يفعل حتى ينقذها، وأخبرنى أنه يود لو قدم استقالته وجلس جوار فتاته لكنه يحتاج إلى كل قرش من أجل علاجها!
عقدت الصدمة لسانى ولم أدر بماذا أجيبه، فأنا أعلم جيداً أنه لم يشتر عقارات أو أراضى بالنقود التى كسبها من عمله فى الخارج وصرف كل مدخراته على ابنتيه، حيث تلقت الفتاتان تعليمهما فى أفضل المدارس والجامعات فى الخارج، ولم يبخل عليهما أبداً، فلقد كان دائم القول إنه يستثمر فى ابنتيه، وفى وقت الحصاد، على حد قوله، يرى ابنته الكبرى واستثماره العظيم مهدداً بالفناء!.
على الجانب الآخر، أقرأ منشوراً على موقع التواصل الاجتماعى، كتبه واحد من الأصدقاء المقربين، والذى خطف الموت ابنه الأكبر فى لحظة زمن غادرة، يطلب من الناس أن يتحملوا أعصابه المتوترة واشتعاله السريع وعدم قدرته على كبح غضبه، ويتساءل: كيف لا يحتمل الناس بعضهم بعضاً الآن؟
سؤاله تردد فى ذهنى؛ لماذا لم نعد نحتمل ونلتمس الأعذار لبعضنا البعض؟ لماذا أصبحنا نقدم الظن السيئ على الحسن؟ كيف فقدنا بصلتنا فى تقدير مصائب الآخرين ولم نعد نهتم سوى بأنفسنا؟ يدور كل واحد فينا داخل فراغ دائرته ولا يكلف نفسه النظر ولو سريعاً خارجها، نقدم السوء على الخير عكس ما قال أجدادنا وننتظر الرحمة والمحبة من الكون!

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة