هالة العيسوى
هالة العيسوى


من وراء النافذة

قانون الإيجارات القديمة

هالة العيسوي

الخميس، 10 أكتوبر 2019 - 07:54 م

فى كل دورة برلمانية يُلقى حجر يحرك قليلاً مياه قانون الإيجارات القديمة الراكدة، ثم لا تلبث أن تعود إلى سكونها مرة أخرى. مؤخراً وبعد جهود ومطالبات كثيرة ظهر بصيص أمل جديد لتعديل العلاقة الإيجارية بين المالك والساكن عندما أحال الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب مشروع القانون الذى قدمه النائب عبد المنعم العليمى إلى اللجنة المشتركة من لجان الإسكان والخطة والموازنة والشئون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب لمناقشة اقتراحه بمشروع تعديلات قانون تنظيم العلاقة الإيجارية بين المؤجر والمستأجر للأماكن المؤجرة الخاضعة لأحكام القانون رقم 49 لسنة 1977
وبما أن إحالة المشروع إلى اللجنة المشتركة لا يعنى نهاية المطاف، فإنها فرصة لاستئناف النقاش المجتمعى حول هذا الموضوع الذى يهم ملايين الأسر.
الخبر المنشور مفاده أن التعديلات المقترحة تتكون من 7 مواد أهم ما لاحظته فيما نشر عنها أنها لم تخصص بنداً مستقلاً للشقق المغلقة ولا كيف يتعامل المالك أو المؤجر مع غالق العين أو الوحدة ولم ينص على كيفية رد حقه قانوناً. هناك كثير من حالات الإغلاق العمدى والكيدى فى المالك لسنوات كأن يكون المستأجر توفى وأبناؤه خارج القطر فى هجرة أوعمل ولهم مساكن أخرى لكنهم يحتفظون بالشقق مغلقة من باب الاستخسار يدفعون ملاليم بمنسوب هذه الأيام فلم يتخلون عنها؟
ملاحظة أخرى حول بند عدم تأبيد العلاقة الإيجارية وتحديد مدة العقد بعشر سنوات وهو بند يتماشى مع منطق الإسكان فى كل أنحاء العالم إذ لا تجد فى أى بلد مستأجرا يقيم فى مسكن إقامة دائمة هو وأولاده من بعده وكأنه امتلك الوحدة مثلما يحدث فى بلدنا. وقد تلافى قانون الإيجار الجديد هذا العيب لكنه ظل باقيا فى قانون الإيجارات القديمة الحالى. ملاحظتى هنا أن مدة السنوات العشر وهى تبدو كافية وعادلة بالمنطق المجرد إلا أنها لا تتعامل مع البعدين الاجتماعى والاقتصادى فى بلدنا. فأزمة المساكن فى مصر لها خصوصية متفردة حيث بات بيع الوحدات السكنية هو السائد والأسهل لبناة العقارات التعامل بمنطق "ابن وبع واكسب وانتقل لغيرها" ولم تعد فكرة الإيجارات طويلة الأمد مستحبة لدى ملاك العقارات ومن ثم لن تجد فى العقارات المبنية حديثا وحدات معروضة للإيجار. كما أن المستوى المعيشى للمواطنين لا ييسر لهم العثور على سكن بديل ملائم كل 10 سنوات خاصة أن غالبية المساكن المؤجرة وفق قانون الإيجارات القديم تقع فى مناطق شعبية ذات مستوى اقتصادى متوسط وأقل من المتوسط بل ويهوى إلى درجة العدم فى بعض الأحيان. ولن تلبث أن تمر بضع سنوات حتى تنعدم فكرة المساكن المؤجرة ولن تجد حينها إلا عقارات قديمة يرغب أصحابها فى إدراك ما تيسر لهم من فرص استثمار قبل إزالة تلك العقارات أو انهيارها.
كما أن هذا البند لا يحمى ضعاف المستأجرين من تعسف بعض أصحاب الأملاك وإصرارهم على طرد المستأجرين المقيمين وعدم التجديد إلا بعقد مجحف بأسعار جديدة لا تلتزم بالزيادة المقررة قانونا. أخشى ما أخشاه أن تنقلب محاولة إنصاف الملاك المغبونين إلى إجحاف لضعاف المستأجرين ويتكرر سيناريو تعريفة التاكسى التى مهما رفعتها الحكومة لا يلتزم بها السائقون.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة