كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

يوم الحشر فى الشوارع والكبارى!

كرم جبر

الأربعاء، 23 أكتوبر 2019 - 08:28 م

لا أفهم فى علم هندسة الطرق لأنى خريج كلية الحقوق، ولكن هل من المستحيلات حصر الأماكن المنخفضة فى الشوارع وفوق الكبارى، لعمل مناطق لتجميع المياه وسحبها؟
كان يوم الثلاثاء مشهوداً، ولم يحدث منذ عشرات السنين، عندما هطلت الأمطار الغزيرة دون سابق إنذار على مدينة نصر، فتحولت شوارع القاهرة وكباريها إلى كتل صلبة من السيارات التى لا تتحرك.
أنا على سبيل المثال، ومثلى الآلاف، قطعت المسافة فوق الكوبرى من ميدان عبدالمنعم رياض حتى العباسية ومنزل أكتوبر فى اتجاه التجمع، فى أربع ساعات ونصف ساعة كاملة، وفجأة انفتح الطريق فى سيولة عجيبة.
التجمع الخامس ولا نقطة مياه، الأرض نظيفة، والمرور سهل والسيارات تنطلق بسرعة الصاروخ، لتعويض ساعات الحشر ومعظم القاهرة لم تسقط فيها أمطار، وركزت السحب على مدينة نصر بالذات، برخات متتالية، حولت الشوارع إلى برك ومستنقعات، وما أدراك ما الشوارع المنخفضة، «فينيسيا».
أثبتت الأمطار أن كل الطرق تؤدى إلى مدينة نصر، فإذا ضاق المرور فى عباس العقاد، استجابت له شوارع قصر النيل وطلعت حرب وعبد الخالق ثروت.. فى تعاطف سريع وغريب.
وأثبتت الأمطار أن مدينة نصر ذات سيادة، ولها الكلمة العليا، وهى الآمر الناهى فى شرايين الشوارع والكبارى والطرق، ومن أراد السلامة، فعليه أن يبدأ من شوارع مدينة نصر.
فى شوارع القاهرة عيب خطير، نتمسك به مع سبق الإصرار والترصد، فعند مطلع ومنزل كل كوبرى منطقة دائرية منخفضة، تتحول إلى بحيرة عميقة بمجرد سقوط الأمطار.
بحيرات الكبارى تتسبب فى كارثة، لازم السيارات تهدى جداً قبل صعود أو نزول الكوبرى، وتتزايد الطوابير مئات الأمتار، ويأتى النحس إذا تعطلت سيارة، ونزل راكبها وفتح الكبوت.
خبراء علم هندسة الطرق يقولون إن صرف بحيرات الأمطار ليس مستحيلاً، إذا حرص المخططون على تحديد أماكن لتجميع المياه وسحبها، إما فى آبار أو بوسائل ميكانيكية، ونفس الشيء لمنخفضات الشوارع.
الأسلوب البائد للتعامل مع مستنقعات الأمطار فى الشوارع والكبارى، هو سيارات الشفط والعمال بالمكانس السعف، فيصبح ازدحاماً فوق ازدحام، والمياه التى يدفعونها للأمام ترجع لمكانها بسرعة أكبر.
المشكلة نتجت عن أن المخططين الأوائل للقاهرة، والأجيال التى جاءت بعدهم، لم يضعوا فى حسبانهم حكاية الأمطار، لأن مناخ العاصمة حار «جاف» صيفاً ومتقلب «جاف» شتاءً، ولكن جاءت التغيرات المناخية بما لا تشتهى السفن.
التقلبات الجوية غيرت الحسابات والمفاهيم، فأصبح مألوفاً أن تمتد شهور الصيف إلى ديسمبر، ويلاعبنا الشتاء بالأمطار فى عز الحر، ثم يفاجئنا بموجات متلاحقة من البرد والصقيع.
لست متخصصاً فى علم هندسة الطرق، ولكن لم يعد مفر من مزجه بعلم التنبؤات، والتوأمة مع الأرصاد الجوية، ومحاولة تصريف ما يمكن تصريفه من مياه الأمطار.
آخر كلام: سوف تأخذ الأمطار فى طريقها عدداً من السادة المحافظين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة