د. مبروك عطية
د. مبروك عطية


يوميات الأخبار

شاطر فى الهيافة

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 24 أكتوبر 2019 - 07:29 م

 

اوعى تكونى مفكرة نفسك ست! وما عسى أن تكون يا رجل؟ إن لم تكن ست الستات، كما كانت ذات يوم صفوة البنات؛ فاخترتها، وتزوجتها.

غباء يفوق الذكاء
السبت:
سنظل على خطر عظيم ما دام فينا من هو ذكى لكن فى الفساد، ومن قديم قلنا القول الجارى مجرى المثل السائر: فلان شاطر فى الهيافة، أى فى الجلى زوجة شابة، أذكى ما تكون فى مراقبة هاتف زوجها، كم مرة دقت أجراسه، وكم مرة أجاب، وكم مرة ( كانسل) وحين ضرب بها من مثيلاتها المثل قيل: خاف من إحساس المرأة، لديها قرون استشعار؛ فهى تعرف ما إذا كان زوجها على علاقة بامرأة أخرى أم لا، لا يخطئ إحساسها فى هذا أبدا، ويا ليتها لم يخطئ إحساسها فى معرفة همومه، وأوجاعه، وقضايا عمله، وما يشغله من أمور تتعلق بمستقبلهم، وتدبيره، والانتقال بهم من حال إلى حال، وهذا فيما أرى غباء لكنه يفوق الذكاء، وكنت قد سميت مقالتى هذه: الذكاء الفاسد، ثم غيرته، وأطلقت عليه (غباء يفوق الذكاء) فليس هذا من قبيل الذكاء فى شىء، وإنما هو عين الغباء، لكنه غباء خطير، يدمر كل شىء أتى عليه، وذلك كالسيف والسكين والصاروخ والحزام الناسف، وما يستجد، هذه الأدوات المهلكات لا أقول فيها لغة، وهى فى الحقيقة لسان العنف لمن يستخدمها فى الدمار والعدوان، ولسان القوة لمن يستعملها فى الدفاع الشرعى عن النفس والعرض، وحرمة الأوطان، يمكن أن أسميها لهذا لسانا، لكنى أسميها مع المعتدى أدوات دمار وهى تفوق لغة الحوار، كما هنا غباء ولكنه يفوق الذكاء، هو غباء من حيث صرف جميع الهمة، وآليات الاستنتاج إلى ما لا يفيد، ولا ينفع، إلى سبيل الخراب الذى لابد ان يكون مسبوقا بشقاق وفضائح، وعراك لا ينتهى حتى على شاشات الاستفتاء، تأمل وقتا طويلا يمر من سائلة أو سائل مولانا المفتى، كيف يحكى قصة سؤاله، إنه يقول هذا الكلام، وجدته، وشاهدته، وقال لى حين سألته: إنها هى التى تطاردنى، وأصل إحنا كنا مخطوبين زمان، وهى اتجوزت، وأنا اتجوزت، أو اتجوزتك، شك فى الرواية -وبعدين اطلقت، وبتفكرنى بالحب القديم، وأنا قلت له يا مولانا: احلف إن ما فيش حاجة بينتكم، فقام مسك المصحف يا مولانا وحلف عليه، وجرى ع المطبخ ومسك رغيف، وحطه على عنيه، وقال: وحياة دى النعمة، وحياة دى النعمة ما فيش حاجة غير اللى حكيتهولك، وعرفت بعد كده يا مولانا أنه اتجوزها عرفى القادرة الـ... أستغفر الله العظيم يا رب ح اقول ايه يا مولانا !!!
ثم يأتى سؤالها: مش واجب يعدل بينا احنا الاتنين؟ لا دا قاعد عندها ليل ونهار، وإذا جه بات معانا ليلة يبقى قاعد يفرك فى خده معاه وهو داخل الحمام، بيكلمها آه وأنا عارفه انه بيكلمها، وعامل لها نغمة مخصوص: بتصالحنى حبة وتخاصمنى حبة أغنية اسمها إيه دى.
مولانا: عزيزة جلال، اتفضلى كملى.
أما كان يحسن أن يكون السؤال: رجل تزوج بالمرأتين فما الواجب عليه؟
وأما كان يحسن من السيد المحترم مولانا أن ينبهها إلى ذلك!
إن مثل مولانا الذى ذكرها بالمغنية مشارك فى صناعة هذا الغباء؛ لأنه يسمح لها بسرد دليل وجوده؛ حتى يقال فيه: رجل دين عظيم يعطى المتصل حقه فى الكلام، ولا يقاطعه، والناس تحب أن تسمع مثل هذه القصص لتتسلى.
والناس يقولون: خلينا نسمع ها تقول أيه؟ وهم يعلمون ما سوف تقول من غباء يفوق الذكاء، نعم فاقه فتفوق عليه، وسحب من تحته بلاط النبل والتركيز والإنجاز الحقيقى، وقد حاورنى أحد الإعلاميين فى هذا حيث كنت أقول لمن يتصل بى، هات السؤال، هات السؤال، فقال لى الإعلامى: لا يا دكتور لازم تاخد المتصل على حجرك وتسيبه يقول كل اللى فى نفسه، قلت له: كان ربنا سابنا فى حجر رحمته وقال قولوا اللى انتو نفسكو فيه فى الصلاة، لكنه جعل الخارج عما حدد من قول أو فعل مضيعا لتلك الصلاة، قال الأستاذ الإعلامى الكبير: يا دكتور الناس مش عايزة تسأل ولا حاجة، الناس عايزين يفضفضوا؛ قلت: إذا ليكن لهم برنامج، اسمه، فضفضوا فضفضوا اوعوا تكشروا، ولن أكون أنا مقدمه أبدا.
من أجل عشرة جنيهات
الأحد:
عاد من عمله مرهقا، ومنَّ الله عليه بالنعاس؛ فأسلم نفسه لفراشه، وارتحل إلى عالم السكون والراحة المنشودة، وفوجئ بالتتار فجأة يهجمون عليه، ويوقظونه، اصحه البواب عايز عشرة جنيه، نديله والا إيه ؟
قد ثوبه، وكاد يخرج من الملة، وخاطب زعيمة التتار وابنته قائلا:
- هل عرفتمونى بخيلا؟
- لا.
هل أحاسبكم على ما تنفقون؟
- لا.
- أهذه آخر عشرة جنيهات فى بيتنا، ولو دفعت للبواب ولو  ظلما سنمد أيدينا عند العشاء؟
- لا خيرك كثير.
- ولما خيرى كثير ليه ما سبتونيش مرتاح ونايم، وأعطيتم البواب العشرة الطيبة؟
- وما كان جواب الزعيمة الجامعية ست العاقلين سوى قولها
- خفنا نديله تصحه تزعق فينا.
قال: وهل حدث منى موقف كهذا فى رحلة العمر الكئيبة؟
وانتقل الحوار إلى موضوع آخر، وتوالت الموضوعات تترى، كلما هجم موضوع على رأسه لعن أخاه، واتهمه بالفشل؛ لأنه لم يخرجه من دينه، ولم يورم فى جمجمته مخه، ثم انتهى الموضوع إلى وعد من الغبية ألا تتدخل فى أمر يخصه، يتحرق هو والبواب، والفلوس، وسنين الفلوس، فقالت: وأنا أجيب لروحى وجع القلب ليه!
والعجيب الذى جعل الرجل يبكى بكاء مرا أنه سمع ابنته تقول لأمها: صدقت يا ماما، بعد كده مالناش دعوة. ذبحته العبارة بمقتضاها، وهو أن ابنته وأمها جبهة، وهو الشاذ الغريب الذى يستحق هذا، أن تتجنبه ضناه، ومن كان يؤمن أنها قطعة منه، وقال: أنا فاشل لأنى لم أعود زوجة، ولم أرب بنتا على اتخاذ قرار.
جاء رجل يختبر كرم قيس بن سعد بن عبادة رضى الله عنهما، وكان قيس نائما، ففتحت جاريته الباب، وقالت:
ماذا تريد ؟ قال قصدت قيسا ليعطينى مما أعطاه الله؛ فأنا رجل غريب، وليس معى ما أصل بى إلى بلدى، وأهلى؛ فقالت: سيدى نائم، وحاجتك أهون من أن أوقظه، خذ هذا الكيس به عشرة آلاف، وخذ فرسا لسيدى قيس يوصلك إلى قومك وأهلك؛ فأخذ ما أعطته، ومضى، فلما استيقظ قيس، وحكت له ما كان سر بهذا الصنيع، وأعتقها مكافأة لها على هذا الصنيع ولو كانت هذه الجارية تعلم أن سيدها بخيل جلدة، وأنها لو أخرجت درهما واحدا من ماله لكواها بالنار - لما فعلت ما فعلت، لكنها اتخذت هذا القرار لعلمها بكرم سيدها، وأنه سيفرح بصنيعها الطيب، والزوجة أولى من الجارية وكذا الولد ذكرا كان أو أنثى.
وهذا أيضا من الغباء
الاثنين:
أسأل ما لا يحصى من الناس: لماذا التحقوا بالوظيفة التى فيها يعملون؟ ستأتيك الإجابة وافية، لما فيها من حسنات، فى الراتب والحوافز بالمليم، والإجازات، والعيادات، والمعاش، كل شيء يقصه عليك بالتفصيل.
وأسأله: ماذا قدم لتلك الوظيفة ؟
ولن تجد إجابة ترضى الله عز وجل، ولو صدق الله وكان خيرا له لقص عليك الحقيقة بأنه لم يعطها حقها كما ينبغى، إن يكن أعطى فما أعطى إلا القليل، حاورتنى شابة جامعية عزفت فترة غير قصيرة عن الزواج، وقالت: تعبت، ولابد لى الآن أن أتخذ القرار! قلت : خيرا.
قالت: لازم أتجوز بقا.
قلت: لماذا؟
قالت: أجيب واحد يشيل الهم لوحده، مش الدين برضه بيلزم الراجل بالمصاريف؟
قلت: بلى.
قالت: هو ده، وأنام أنا براحتى وأصحه وقت ما يعجبنى.
قلت: الدين كما أوجب النفقة على الزوج أوجب على الزوجة حسن العشرة، فهو يحمل الهم لكن الهم هذا سوف يزداد إذا علم وشعر بأنه مأتى به لكى يحمل الهم وحده، ولا يشعر بمشقة إذا وجد من زوجته شعورا بما يحمل، وشكرا لما يقدم، لا أن يحمل هم عيش أسرة كل ما فيها غباء يفوق الذكاء، بتنكيد عيشه، وتعكير صفوه، وتأريق نومه من أجل أتفه الأشياء، والمرأة قادرة على حمل هموم الدنيا إذا وجدت زوجا يقدر جهدها، ويشكر سعيها، ويبتسم فى وجهها، ويسمعها كلمة طيبة، لا ذلك الذى غباؤه يفوق الذكاء فى تنكيدها، وإشعارها بانها لم تبلغ مبلغ عشر ما كانت أمه تفعله، ومن الرجال من يقتل معنى الحياة فى روح زوجته حين يقول لها:
اوعى تكونى مفكرة نفسك ست!
وما عسى أن تكون يا رجل؟ إن لم تكن ست الستات، كما كانت ذات يوم صفوة البنات؛ فاخترتها، وتزوجتها،  فلما هدأت ثورتك الحيوانية انقلبت عليها، ورأيتها مخلوقا آخر غير أن تكون أنثى.
لقد قتلت فيها معنى الأنوثة، وذبحتها بغبائك الذى فاق الذكاء
ذلك الذكاء الذى تمثل فى جعل الدين الكلمة الطيبة صدقة، وإذا كان الله عز وجل يقول: «وقولوا للناس حسنا» فإن أهلك أولى الناس بقول الحسن، وقد روى البخارى قول النبى : «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلى».
رحم الله الأيام الخالية
الثلاثاء:
أقسم لى بالله أنه رزق عاملا فى مكتبه، أسدى إليه من الخدمات ما لم يسده إليه مديره الأعلى ولا سكرتير مكتبه الجامعى، كان هذا العامل ملهما الحكمة، يقابل من يزوره فى غيابه بأدب جم، وابتسامة مهذبة، ويقدم له الساخن والبارد من الشراب، ويتعرف على حاجته، ويسعى فى قضائها له إن كانت يسيرة لا تحتاج إلى قرار منه، لم يتصل به على الارضى الذى لم يكن غيره فى الوجود، ليقول له: أقبل يا أستاذ الدنيا مقلوبة هنا، وما هى بمقلوبة، إن يريد إلا إزعاجا له، وتنغيص أوقاته، وإيلامه من كل طريق، قال لى: لقد كنت أستمع إليه وهو يحكى لى ما جرى فى غيابى، وأتعلم من حكمته، يقول: جاءك فلان، وقدمت له الواجب كأن حضرتك موجود، وحضرتك أبوالكرم والجود، وسألته معتذرا عما يريد من سيادتك، ووجدت الأمر مرجعه إلى الشئون الإدارية، فقصدتهم، وقضيت له ما يريد، وعاد شاكرا فضلك عليه، قال: كنت منبهرا بشخصية هذا العامل الذى لم يحصل إلا على شهادة محو الأمية بينما كان الجامعيون الموظفون لا يحاكونه فى ذوقه، ورجاحة عقله، وحسن تصرفه، قال: وابتليت من بعد خروجه على المعاش بعامل آخر صدعنى بحكاياته، ومشكلات أسرته، وفقره وبؤس حاله، وكثرة استئذانه للغياب؛ فقلت: سبحان الله هناك فرق.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة