د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

فى مدارسنا مريض نفسى..!

د.محمود عطية

الخميس، 24 أكتوبر 2019 - 07:51 م

بالتأكيد الضرب والجلد والتنمر ليست من مبادئ أى من نظريات التعليم أو التربية.. ولم ينمٍ إلى علمى أن هناك وزارة للتربية والتعليم فى العالم وقد أوصت بذلك كإحدى الوسائل التعليمية.. كما أنه لا يساعد على خلق سلوك قويم ملتزم ولا يخلق عقلا علميا ناقدا ناضجا.. إنما يسهم فى تجهيز مريض نفسى بامتياز.
وما تواتر من أخبار الأسبوع الفائت من مدارسنا يبدو أنه نوع من إمداد الوطن بمرضى نفسيين من التلاميذ.. فقدحملت لنا وسائل الإعلام أخبارا شديدة الغرابة لا تحدث سوى بالمصحات العقلية.. منها أن معلما قام بجلد تلميذ بالصف الثالث الإبتدائى حين لمحه يلهو فى فناء المدرسة فقد استشاط المعلم غضبا كأنه قد رأى عدوا جسورا فأمسك سريعا بالجلدة ـ التى يحملها دوما ولا أدرى لماذا يحمل معلم جلدة ـ وبكل ما أوتى من قلة عقل وقلة خبرة بالتربية بدأ فى جلد التلميذ.. أنا شخصيا لا أتصور أن مثل هذا المعلم يترك دون علاج نفسى سريع رحمة به فهو شديد الخطورة على نفسه وعلى التلاميذ..!
وتلميذ آخر بالصف السادس الابتدائى لم يسلم من تنمر "استقصاد" من وكيل المدرسة ومدرس التربية الرياضية فقد اشتكى الأب بأن ابنه تعرض للتعنيف والإهانة أكثر من مرة.. ثم بلغت ذروة التنمر بركل المعلم للتلميذ بالحذاء فى ظهره وانهال عليه بالسب والقذف مما تسبب فى حالة نفسية سيئة للتلميذ وفقدان الرغبة للذهاب للمدرسة وأصيب بالاكتئاب.. المثير أن ولى الأمر قد اشتكى عدة مرات لمديرية التربية والتعليم بالجيزة من التنمر بابنه لكنها لم تعره اهتماما ويبدو أن هناك تعليمات من المديرية بضرب وسب التلميذ والتنمر به كلما أمكن ذلك..!
وفى إحدى قرى كفر الشيخ يبلغ الاستهتار ذروته.. ففى نهاية اليوم المدرسى تم إغلاق باب الفصل بالمدرسة وبالداخل طالبة تلملم كراساتها وتم إغلاق باب المدرسة سريعا فاليوم الخميس.. كأن ليس بالمدرسة مشرفون على الأدوار ولا مدرسون ولا مديرة مدرسة ولا حتى فراشون ليدركوا أن طالبة مازالت هناك.. وتتصاعد الدراما حين لا يجد الأب ابنته عادت من المدرسة، فيجرى للبحث عنها ويكتشف أنها محبوسة بالمدرسة الخالية من صنف الإنس والجن فلم يجد غير القفز فوق سور المدرسة لإنقاذ ابنته الصغيرة التى انهارت تماما حين وجدت نفسها بمفردها محبوسة بالمدرسة.. ومعلمة بكل قسوة وغشم تدمر سماعة أذن تلميذ مريض وتفقده السمع دون أن تتريث وتسأله لماذا يضعها فى أذنه..!.. هذه العينة من الأخبار وصلتنا ولا ندرى هل هناك رصيد آخر من نفس العينة يحدث بمدارسنا ويتم التكتم عليه من انتهاكات نفسية للتلاميذ خاصة بالمرحلة الابتدائية حيث التلاميذ مازالوا أطفالا لا حول لهم ولا قوة..؟! .
فباسم التعليم يتم تشويه نفسية وشخصية التلاميذ الأطفال ويتحولون بسبب بعض المعلمين المضطربين نفسيا إلى شخصيات عدائية للمجتمع الذى ينتهكهم صغارا فينتقمون منه كبارا..
ولا أفهم لماذا لا تجرى اختبارات نفسية للمتقدمين لمهنة التدريس حتى لا يفلت هؤلاء المعلمون من تحت أيدى المعالجين النفسيين؟!.. أعتقد أنه من الأجدى وبنظرة إنسانية الالتفات الجاد قبل معاقبة المدرسين والمشرفين بإجراء اختبارات صلاحية نفسية لهم حتى لا نترك فى مدارسنا مريضا نفسيا يعلم أبناءنا.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة