محرر بوابة اخبار اليوم مع العروس
محرر بوابة اخبار اليوم مع العروس


زواج السنة.. ضياع حق الفتاة والضحية الأبناء

أبو المعارف الحفناوي

السبت، 26 أكتوبر 2019 - 05:03 م

منذ أن خلق الله الخلق، والعلاقة بين الرجل والمرأة لها قواعدها الخاصة الحاكمة لها، والمنظمة لبناء الأسرة، وعنيت القوانين بتنظيم عقود النكاح، وفق الشريعة الإسلامية وغيرها من الشرائع المنظمة لذلك.

ولأسباب كثيرة ومتغايرة، أبرزها صغر سن العروس، لجأ البعض لعقد الزواج شفاهة بين ولي الأمر والزوج، بحضور الشهود وكل ما تقضيه متطلبات عقد النكاح، دون توثيق على يد مأذون شرعي معتمد، الأمر الذي تقع فيه الأنثى ضحية ضياع حقوقها المعلومة شرعا وقانونا في حال استمر الأمر على ما هو عليه.

تشير الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان، في تصريحات صحفية صادرة عنها إلى أن العائلات تلجأ لكتابة عقد الزواج، ومن ثم يذهبوا بالعقد إلى مأذون بعد بلوغ الفتاة السن القانونية ليصدق على العقد ويعطيهم وثيقة تمكنهم من توثيق الزواج.

ووفقاً لدراسة صدرت عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف" في 2016، فإن 17% من الفتيات في مصر متزوجات قبل بلوغهن الـ18، و2% قبل بلوغهن الـ15، فضلا عن تصريحات الدكتورة هالة يوسف وزيرة الدولة للسكان في مايو 2015 التي تشير إلى إن نسبة الزواج المبكر للفتيات دون 18 عاماً تبلغ 15%، وتزيد نسبتها في المحافظات الأكثر فقراً.

ويوضح المسح السكاني، الصادر من مجلس الوزراء عام 2014، أن نسبة الزواج المبكر 14%، غير أن التقرير الذي صدر في ديسمبر 2014 من منظمة العدل والتنمية "منظمة غير حكومية" بيّن أن نسبة الزواج المبكر من سن 15 إلى 17 عاماً للفتاة، أي دون السن القانونية، تصل داخل لصعيد والمحافظات الحدودية إلى نحو 30%.

وينطلق مفهوم زواج السنة في محافظات الصعيد من استناد العامة على أنه لم يكن هناك وجود للمأذون الشرعي في العصور الإسلامية، بدأً من عصر الرسول صلى الله عليه وسلم وعصر الصحابة رضوان الله عليهم، الأمر الذي يعزز اعتقادهم بعدم أهمية التوثيق وتسجيل العقد ويطلقون عليه الزواج بالسنة.

هنا في قنا، فتيات لا يمتلكن أجسادهن ولا اختيار شريك حياتهن، فبالرغم من التقدم الفكري والعلمي والثقافي لدى الكثيرون، إلا أن هناك قرى ما زالت تعاني من أفكار قديمة، منها زواج السنة، وأيضًا زواج فتيات القبائل لأبناء عمومتهن.

ووفق مختصون، فإن عدد من الآباء أو الأمهات، يلجئون لزواج بناتهن عن طريق السنة، خاصة للأقارب، لعجة عوامل منها الفقر على سبيل المثال، وأيضًا " البنت أولى بابن عمها من الغريب"، وتزداد نسبة زواج السنة، حال عدم رغبة الأهل في إكمال تعليم الفتيات، والاكتفاء بالمرحلة الابتدائية أو الإعدادية أو حتى تصل للدبلوم أحيانًا.

ويصف الأستاذ الدكتور سيد عوض، أستاذ علم الاجتماع، زواج السنة، بضياع حقوق الفتاة، ويكون ضحيتها الفتاة في المقام الأول، وتشريد الأبناء، مطالبًا بضرورة أن يكون هناك وعي من خلال قصور الثقافة ومراكز الأمومة والطفولة، ووعي بأهمية تفعيل قانون في البلد.

وتوضح مروة عبد الرحيم، محامية،  أن زواج السنة يُطلق عليه الزواج المبكر، و وتتزوج الفتاة قبل الثامنة عشر من عمرها، ويقع أضرار كبيرة على الفتاة خاصة أنه لا يوثق وليس للفتاة وثيقة زواج، والتي تعتبر هي الأساس وتثبت زواج الفتاة وتعتد قانونًا بأنها متزوجة، وتحصل على حقوقها كاملة، مثل الحق في الميراث ونسب الأطفال وغيرها.

وتشير إلى أن عدم وجود وثيقة زواج، فلا تستطيع إثبات زواجها، أو الحصول على حقوقها، وحال تنصل الزوج عن طريق زواج السنة، فتصبح الفتاة معلقة لأنه لا يوجد إشهار للطلاق، وتضطر الفتاة لرفع دعوة إثبات علاقة زوجية.

وتتابع: يتم بعدها رفع دعوة خلع أو طلاق للضرر، ولكن بعد إثبات العلاقة الزوجية، وهذا يتقاضى وقت طويل في المحاكم، إلا إذا كانت تمتلك وثيقة زواج السنة، فيتم رفع دعوى طلاق للضرر بشكل مباشر.

وتوضح أن هناك حالات كثيرة، تنظرها المحاكم، كان أشهرها عندما أصدرت المحكمة حكمها، بثبوت نسب الطفلة إيمان لوالدها، بعد أن رفعت والدتها قضية ضد والدها، في القضية الأشهر في الصعيد.

وعن حكم زواج السنة، يقول  الدكتور أحمد الكلحي، من علماء الأوقاف بقنا، إن زواج السنة صحيح شرعًا، ولكن خاطئ قانونيًا، وعليه لا بد من توثيق الزواج، حتى يضمن للفتاة حقها وأبنائها أيضًا.

وفي أغسطس الماضي، أعلن المجلس القومي للطفولة والأمومة، عن إحباطه لمحاولة تزويج طفلة تبلغ من العمر 16 عاما، بمحافظة قنا.

وأوضحت الدكتورة عزة العشماوي، الأمين العام للمجلس القومي للطفولة والأمومة، أن المجلس تلقى استغاثة عبر صفحته على فيس بوك من أحد الأهالي بإحدى قرى محافظة قنا، مفاداها أنه سيتم تزويج طفلة اليوم تاركاً عنوان واسم الطفلة، وعلى الفور تم تحرير بلاغ على خط نجدة الطفل حمل رقم 158830.

ووجهت، بإحالة البلاغ إلى لجنة حماية الطفولة بالمحافظة، حيث انتقلت اللجنة الفرعية بمركز قنا إلى العنوان الموضح بالبلاغ لاتخاذ اللازم، لافتة إلى أنه تمت مقابلة أهل الطفلة وأفاد والدها أنها كانت مجرد خطوبة على أن يتم الزواج فيما بعد.

وأكدت أن لجنة حماية الطفولة بالمحافظة، اتخذت كافة الإجراءات اللازمة لمنع الزيجة إلا بعد إتمام الطفلة السن القانونية وهو 18 عام، وذلك طبقا للمادة 80 في الدستور والمادة 96 والمادة 31 مكرر من قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، والتي تنص على عدم جواز عقد الزواج قبل بلوغ سن الطفلة 18 عامًا، وقد أبدى والد الطفلة قناعته بما أفاد به أعضاء لجنة الحماية الفرعية من أخطار الزواج المبكر.

وأكدت أن زواج الأطفال يعد انتهاكًا لحقوق الفتيات والسيدات، لافتة إلى أن الفتيات اللاتي تزوجن في طفولتهن هن أكثر عرضة لترك الدراسة، والمعاناة من العنف داخل المنزل، ومضاعفات صحية أثناء الحمل والولادة، موضحة أن زواج الفتيات الأطفال يتسبب في تعرضهن لمختلف أوجه الحرمان ويحد من فرصهم في حياة أفضل.

وشددت على أن المجلس سيتخذ كافة الإجراءات اللازمة حيال تلك الوقائع، مناشدة الأهالي على سرعة التواصل مع خط نجدة الطفل 16000 للإبلاغ عن أي انتهاكات تخص الأطفال.

 


 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة