كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

الطائفية.. بره !

كرم جبر

السبت، 26 أكتوبر 2019 - 07:32 م

من قلب التظاهرات الصاخبة فى العراق ولبنان، تخرج أصوات تشيد بالتجربة المصرية، التى لا تعجب بعض المصريين، شعوب تبحث عن فرص أفضل فى الحياة، بعد أن انهارت المرافق والخدمات وساءت الأحوال المعيشية.
شعوب ترى الخلاص فى استعادة دولتها الوطنية، بعيداً عن الطائفية والصراعات الحزبية، ويريدون حكومات وطنية واحدة، تلم الجميع تحت مظلتها، دون تفرقة دينية أو عرقية.
القاسم المشترك فى هتافات الشباب العراقى واللبناني، هو سقوط الطائفية، فتمردوا على كيانات تثير الرعب فى القلوب، وتروِّع من يختلف معها، وترتفع سطوتها فوق الدولة المركزية.
إنقاذ الدول والشعوب فى يد حكام أقوياء، يرتفعون فوق الصراعات، ويقفون من كل أبناء أوطانهم على مسافة واحدة، ولا ينحازون إلا لجموع الشعب، ولا يفعلون شيئاً إلا فى مصلحته.
فى مصر يلوم بعض المصريين الدولة، لأنها تبنى وتعمر ولا تترك مكاناً إلا وتمتد إليه يد التشييد، بينما الدول الأخرى تهدم وتدمر وتحرق، دون أن تُبنى فوق أراضيها طوبة واحدة.
الذين يلومون مصر لأنها تبني، يبحثون عن أى تكأة للتشكيك والإثارة.. فيقولون - مثلاً - لماذا تبنى مصر مسجداً وكنيسة دون أن يشيروا إلى أن مصر شيدت مليون وحدة سكنية لمحدودى الدخل وآلاف المستشفيات.
يلومون مصر لأنها تشيد الطرق والكباري، وتربط سيناء بسلسلة جبارة من الأنفاق، فهل النموذج الذى يرضيهم، هو البلدان العربية المنهارة التى تئن شعوبها تحت وطأة الإهمال.
لماذا تنفق مصر المليارات على الكهرباء؟، ولو تكاسلت الدولة، لشبعوا نقداً وتجريحاً وسخرية، من المرضى الذين يموتون فى غرف العمليات، والأسانسيرات التى تتوقف فى الأدوار العليا، وانتشار الاغتصاب بسبب الظلام.
ألم يسمعوا هتافات المتظاهرين: نريد كهرباء ومياه وغاز وخدمات مثل مصر، فيرد الحكام: وهل تتحملون المعاناة التى تحملها الشعب المصري؟
المصريون أبطال بكل المقاييس، «أهل الصبر» الذين تحملوا كثيراً لينقذوا بلدهم من الإفلاس والخراب والمصير المؤلم، وهم مؤمنون أن بلدهم «بيطلع» كل يوم، للخروج من عنق الأزمات.
المتظاهرون المشتاقون للحياة، أدركوا أن الجيوش الوطنية هى صمام الأمان، جيوش ليست فيها محاصصة ولا شيع ولا طوائف، ولا ترفع إلا علما واحدا، ولا تشدوا إلا بنشيد واحد، ولا ترفع سلاحاً فى وجه أبناء وطنهم.
فى منطقتنا التى تحولت إلى مستنقع للفوضى والتآمر، أصبحت الجيوش الوطنية القومية هى رمانة الميزان، وتستطيع أن ترجِّح كفة دولها، وكانت بدايات الانهيار هى تفكيك الجيوش.
أول رصاصة أطلقها الربيع العربى كانت فى رأس الجيوش الوطنية، ووضعوا فى ظهورها شوكة الميليشيات الدينية المتطرفة، لتجعلها دائماً فى أتون الصراع، وإشعال الحروب الأهلية.
من كان يصدق أن الأصوات ستعلو فى سماء بيروت وبغداد ضد نصر الله وآيات الله، «العراق حرة إيران بره»، أملاً فى أن ينزاح من فوق صدورهم كابوس الطائفية الثقيل.
فى أيدى المصريين ما يستحق أن يعضوا عليه بالنواجز، وألا يسمحوا لقوى الشر أن تعود من جديد.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة