إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة :

مهنة الكتابة

إبراهيم عبدالمجيد

السبت، 26 أكتوبر 2019 - 08:05 م

فى السنوات الأخيرة شاعت ظاهرة الورش الأدبية. ليس فى مصر وحدها لكن فى معظم البلاد العربية. ولأن الرواية منذ حوالى نصف قرن تتسيد العالم الأدبى شاعت ورش كتابة الرواية. لست ضد الظاهرة لكن سبب حديثى فى حالة مثل مصر أن هناك نوادى أدبية فى قصور الثقافة تنتشر فى كل ربوع مصر. نوادى الأدب هذه مهمتها الوحيدة ليس حصول أعضائها على كارنيهات عضوية ولا انتخاب رئيس للنادى يطبع بدوره «كارتا» يكتب فيه هذا المنصب. نوادى الأدب هى ورش أدبية مهمتها تطوير كتابة من ينضمون إليها أو من يدخلون إليها بدون طلب عضوية مادامت الموهبة تدفعهم إلى ذلك. قبل ظهور مصطلح النادى الأدبى كانت فى قصور الثقافة جماعات أدبية. جماعة للشعر وجماعة للقصة. كنا نحن مثلا فى الستينيات والسبعينيات وأنا بعد لم أغادر الإسكندرية إلى القاهرة نلتقى كل يوم اثنين فى قصر ثقافة الحرية ، قصر الإبداع الآن. كانت مسئولة جماعتنا موظفة محترمة مثقفة هى المرحومة عواطف عبود كانت تحضر لقاءاتنا التى كنا نقرأ فيها القصص ونقترح قراءة أحد الكتب الأدبية مصرية وأجنبية لنناقشها وفى الوقت نفسه تقوم هذه السيدة الفاضلة التى افتقدها بحق بدعوة مشاهير النقاد وترسل إليهم قصصنا فيأتون يناقشونها. أذكر أن أول مرة أرى الدكتور عبد القادر القط وغالى شكرى ورجاء النقاش وغيرهم كانت فى قصر ثقافة الحرية ولا أنسى أن الدكتور عبد القادر القط وكان يرأس تحرير مجلة المجلة بعد غياب يحى حقى عنها اختار من القصص التى وصلته ليناقشها معنا قصة لى عنوانها «الموت والميلاد» نشرها فى مجلة المجلة. وكذلك كان يفعل كل رؤساء التحرير الذين تستضيفهم السيدة الفاضلة بناء على اقتراحنا. فى هذا القصر التقيت لأول مرة بهاء طاهر ومحمد ابراهيم مبروك وحافظ رجب وكمال ممدوح حمدى وعزت عامر وغيرهم من الكتاب الذين سبقونا على الطريق. اما الدكتور محمود الربيعى فكان أول من ناقش روايتى «فى الصيف السابع والستين» قبل أن تنشر وكانت ليلة لا تنسى من جمال اللقاء. كنا نتابع ما ينشر من كتب عن فن القصة والرواية ونقرأ أعمالنا ونناقش ما نقرأه فنكون نقادا لبعضنا وهكذا شق الكثير منا طريقه واختفى آخرون. لماذا ؟ كانت الموهبة هى التى وراء من شق طريقه فالموهبة الحقيقية ضاغطة على صاحبها ولا تجعله يتعجل النشر فليس معنى أن يعرف شيئا عن فن القصة أن ينشر أول ما يكتبه. أذكر أنى كنت أكتب منذ سن الخامسة عشرة وبعد أعوام وأنا فى الثامنة عشرة حضرت ندوة فى نفس القصر كان المتحدث فيها الدكتور محمد مندور وراح يتحدث عن المذاهب الأدبية فعرفت ان هناك تاريخا للأدب وتوقفت عن الكتابة ثلاثة أعوام تقريبا أمضيتها مع الأدباء فى قصر ثقافة الحرية أسمع وأناقش وحين كتبت قصة اشتركت بها فى مسابقة نادى القصة وكان ناديا فى الإسكندرية أسسه المرحوم فتحى الإبيارى الصحفى فى الأخبار فازت قصتى بالجائزة الأولى على مستوى الجمهورية ونشرت كاملة فى جريدة أخباراليوم يوم السبت على صفحة كاملة مع مقدمة لمحمود تيمور بعنوان هذا قصاص موهوب. كانت الجائزة ثلاثة جنيهات لكنها كانت أحسن ثلاث جنيهات فى الدنيا. كانت الورشة الطبيعية هى جماعة الأدباء فى قصر الثقافة. لست ضد الورش ولكن أتمنى ان تكون قصور الثقافة التى مازالت موجودة أكثر فاعلية فى هذا الأمر لأن الورش رغم قيمتها كثيرا ما تشجع من يحضرها على الاستقرار النفسى. لقد حصل على محاضرات لعدة أيام فأصبح كاتبا. الكتابة ليست حرفة لكنها قلق وجودى. الكتابة حياة وحيدة تفرضها الموهبة وتجعل صاحبها يقرأ كل ما سبقه على الأقل ليعرف أين يضع قدمه ولا تكفى فيها عدة محاضرات. أتمنى أن أرى الأدباء والنقاد المشاهير مدعوين إلى نوادى الأدب فى كل مكان فى مصر.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة