تعبيرية
تعبيرية


اختلف المذنبون والضحية واحدة

ملف| اغتيال «البراءة».. بدم بارد !

ياسمين سامي- أميرة شعبان

الأحد، 27 أكتوبر 2019 - 10:27 م

ارتفاع جرائم تعذيب الأطفال «ناقوس خطر»

 

سنوات طويلة عانى فيها الأطفال من الاستغلال والتعذيب بوسائل عدة، فلم تكن أدوار «امنا الغولة» فى «العفاريت» أو «زوجة الأب» فى «نحن لانزرع الشوك» التى قدمتها السينما المصرية من وحى الخيال، بل كان نسيجا من واقع المجتمع المصرى الذى لاحظ العنف الذى يمارس ضد الأطفال.


وفى الآونة الأخيرة شهدت حالات استغلال وتعذيب الأطفال ارتفاعا كبيراً فى نسب تلك الجرائم، مع دخول مذنبين جدد للساحة، فبعدما كان الأمر يقتصر على زوجة الأب أو أحد الغرباء، أصبح الأمر يسرى داخل «دائرة الأمان» الخاصة بالطفل، فتلطخت دماء الآباء والأمهات والأجداد بدماء فلذات أكبادهم، وما حدث بقضية "الطفلة جنة" أبرز دليل على ذلك.


وخلال هذا الملف تحاول «الأخبار» التعرف عن قرب عن سبب وصول المجتمع لهذه المرحلة، وكيف لنا أن نحمى الاطفال من مثل تلك الأفعال بعد أن أصبحت النصوص القانونية لا تكفى لردع هؤلاء "المتوحشين".

 

التأديب والأعمال المنزلية والبكاء.. شماعات واهية يتخفى وراءها الجانى


أب يخنق نجلته لأنها  «نسيت أكل الطيور» وأم تطعن ولدها بالسكين لحثه على المذاكرة


علماء النفس : الجنون اللحظى والانتقام وحب المادة أبرز الأسباب

 

مبررات ودوافع يحاول قاتلو البراءة استخدامها للتستر وراء بشاعة جرائمهم، فيحاولون الهرب من نظرات الآخرين القاتلة ومن تأنيب الضمير بعدد من الجمل التى تكون بمثابة «تعزية» للنفس.


ومن خلال مجموعة من حوادث تعذيب وقتل الأطفال خلال الأشهر القليلة المنصرمة التى استشهدت بها «الأخبار» على سبيل المثال وليس الحصر، تركزت أغرب المبررات التى وردت على لسان مرتكبى تلك الجرائم، سواء كانت جرائم عن قصد أو بغير قصد، فى « تربية الطفل « ثم «العقاب الشديد نتيجة فعل مستفز» و»البكاء الشديد المتواصل» و» الانتقام من الأم نتيجة الطلاق» بجانب» الحث على المذاكرة» و» نسيان وضع طعام للحيوانات» وأخيراً «رفض الزوجة القاصر لزوجها».


وربما تختلف الأسباب والطريقة، إلا أن النتيجة عادة ما تكون واحدة، طفل يتعرض للتعذيب ويعيش بقية حياته بحالة نفسية سيئة، أو آخر ينتهى أمره بلفظ أنفاسه الأخيرة، حتى أصبح الأمر من المعتاد سماعه يوميا.


قلوب متحجرة


جاء الأب متصدرا لعدد كبير من القضايا والحوادث التى تمت خلال الأشهر القليلة الماضية، ولعل أشهرها خنق أب لابنته بالشرقية بعد وصلة من الضرب والسحل، انتهت بالقاء جثتها فى الترعة متجردا من كافة مظاهر الرحمة، ولم تكن الكارثة فى الواقعة بحسب بل كان المبرر هو الأكثر غرابة فبرر الأب جريمته قائلاً «أنها لم تضع الطعام والماء للطيور والفراخ»، إلا أن التحريات بعد ذلك أثبتت أن الأب كان تحت تأثير «مخدرات».


أما الأم فلها نصيب كبير أيضا من تلك الجرائم البشعة التى يستيقظ المجتمع على فجاعتها، وبالرغم من أن العديد من تلك الجرائم كان القتل فيها عن طريق الخطأ إلا أن النتيجة واحدة، ففى بداية العام الحالى وفى مدينة الشيخ زايد أزهقت أمُا روح طفلها الصغير البالغ من العمر 4 سنوات، بعد أن انهالت عليه ضربا لرفضه التوقف عن البكاء.


وفى إحدى قرى الشرقية تكررت المأساة لكن بشكل أكثر بشاعة، فلم يكن يدرى «عبدالله» الذى لم يتعد الـ 14 خريفا من عمره أن مصدر الأمان بالنسبة له ستكون اليد التى تضع حدا لروحه، ففى نهاية نهار يوم دراسى اشتد الحديث مع والدته حول استذكار دروسه، لينتهى الأمر بطعنة فى القلب بسكين من يد والدته، التى اكدت أنها لم تكن تقصد قتله بل كل غايتها كانت «تهويشه» وتأديبه.


واقع أليم


جانب آخر من قصص التعذيب ظهرت على الساحة، فعادة بمجرد أن ترد على مسامعك جملة «تعذيب الأطفال» يتبادرعلى أذهان الجميع الصورة النمطية لزوجة الأب وهى تتعمد إيذاء أولاد زوجها، ولعل ذلك ما كانت تدور حوله العديد من الأفلام القديمة التى نشأنا متأثرين بها، لكن الأمر لم يعد يقتصر على شاشة السينما بل هى بالفعل انعكاس لما نراه فى الواقع.


وكان ما حدث خلال الأيام الأولى من شهر سبتمبر بمحافظة الدقهلية أبرز دليل على ذلك، فاستيقظت المحافظة على فاجعة تسببت بها «زوجة أب» لطفلة لم تتعد 8 سنوات، فبدلاً من أن تنعم «هبة» بحياة سوية كأى طفلة أخرى، تلعب بالعرائس وتتعلم الحروف والأرقام، تعمدت زوجة أبيها التفنن فى تعذيبها بشتى الطرق.


وخلال شهور متواصلة بدأت زوجة الأب فى تكليف الطفلة بكافة أعمال المنزل من تنظيف وغسل ملابس وصحون، ثم ضربها وتعذيبها فى حال عدم اتمامها لكل هذه المهام، حتى وصل بها الأمر بضرب الطفلة على برأس حزام، ما تسبب فى جروح قطعية ونزيف بالرأس، بجانب حرقها بسكين فى أماكن متفرقة من جسدها المنهك، ولم يكن لدى الطفلة سوى منزل جدها فتوجهت له فى حالة إعياء طالبة مساعدته لإنقاذها وهو ما دفع الجد للذهاب بها فورا على مركز الشرطة لتحرير محضر بالواقعة وتحويلها على المستشفى.


زواج وعذاب


لا تقتصر جرائم التعذيب على الأطفال الصغار فقط، ولا تقتصر أيضا على الوالدين أو زوجة الأب، بل تمتد أيضا إلى القاصرات خاصة فى أرياف البلاد التى تشتهر بزواجهن فى أعمار مبكرة، فبعد أن ضحت «إسراء» ذات الـ15 عاماً بطفولتها وقبلت الزواج هربا من ظروفها الأسرية، لم تكن تتخيل أنها تهرب من جحيم إلى حجيم أكبر منه.


فخلال الاسبوع الثانى من شهر سبتمبر تفاجأ رجال الشرطة بقسم فاقوس بالشرقية بطفلة صغيرة تستنجد بهم، بعد ان تعرضت لسلسلة من الضرب والتعذيب على يد زوجها الذى يكبرها بنحو 30 عاماُ، بشكل دفعها إلى الهرب منه ومن أسرتها لتنجو بحياتها.


وكانت تلك الطفلة ضحية ظروف عائلية فوالدها من ذوى الاحتياجات الخاصة، وكان عمها السبب الرئيسى وراء زواجها بعد أن مارس عليها الضغوط أكثر من مرة حتى استسلمت فى نهاية الأمر، لكنها اكتشفت ان زوجها يعتمد على الضرب والتعذيب فى معاملته لها، فقررت اللجوء للشرطة التى فتحت تحقيق فى الأمر، وتم ايداعها بإحدى دور الرعاية بالقاهرة، وإبلاغ النيابة العامة بالواقعة نظراً إلى أن زواج الطفلة فى هذا العمر جريمة هتك عرض، وفقًا لقانون العقوبات.


مبررات ودوافع


عقب سرد بعض من النماذج تواصلنا مع عدد من المختصين لمحاولة التعرف عن قرب على دوافع وأسباب تلك الجرائم الغريبة، بعيدا عن المبررات التى سردها أصحابها، ففى بداية الأمر يشير د. جمال فرويز استشارى الطب النفسى إلى أنه لا يمكن أن نعمم اسباب معينة لهذه الجرائم بل لكل متهم ظروف وملابسات اذا تم التعرف عليها يمكن وبسهولة تحديد دوافعه.


ويوضح فرويز ان النوع الأول، وهو منتشر بشدة، يكون تعذيب وقتل الطفل فيها غير مخطط بل وليد اللحظة، وفى هذه الحالة يكون مرتكب الجريمة شخص طبيعى ومعتدل لكنه تعرض فى لحظة مفاجئة إلى ضغط نفسى شديد دفعه إلى فقدان السيطرة على حواسه بشكل مبالغ فيه، فأدى إلى اضرار الطفل وقتله مؤكدا أن هناك حوادث كثيرة لآباء تقتل اطفالها فى لحظة بسبب فعل من الطفل أدى لرد فعل عنيف من قبل الوالد يتم تسميته طبيا بـ « mad mind « فيتصرف بشكل جنونى لحظي، والدليل على ذلك ان الوالد أو الوالدة عقب مرور الواقعة والبدء فى السيطرة على حواسهم يتعجبون ولا يصدقون أنه من الممكن أن يكونوا هم من فعلوا هذا بأطفالهم.


فاقد للأهلية


أما النوع الثانى الذى يؤكد فرويز أنه الأكثر انتشاراً، فيكون المتهم فيها من متعاطى المخدرات، فيعذب الطفل بشكل مشين مما يؤدى فى أغلب الأحيان إلى وفاته، وهنا المتهم يكون بالفعل فاقدا للأهلية لكن ذلك لا يمنع ان الجرم قد وقع بالفعل.


ويضيف فرويز أن هناك فئة كبيرة من مرتكبى تلك الجرائم أيضا يكونوا من المرضى النفسيين، فيتصرفون بشكل غير متوقع، ومن الممكن ان ينسج له خياله قصصا غريبة تدفعه إلى ارتكاب أفعال شنيعة ويكون المبرر هنا تعرضه للخيانة أو للظلم والايذاء، كما من الممكن أيضا أن تكون هناك دوافع بعينها وراء تلك الجرائم كالانتقام من الأسرة عن طريق خطف وقتل الطفل أو تعذيبه دون دراية اهله، أو حتى يدفع الطمع والجشع فى أموال أو ميراث من القتل، فهى فى النهاية شخصيات سلبية لا تبالى بالأخرين.


على جانب آخر أوضح فرويز أن هناك من يرتكبون التعذيب بشكل متكرر على مدار أيام او اسابيع او حتى أشهر، وتكون أغلب هذه الفئة غير مثقفة، فيبرر الشخص لنفسه الفعل بأنه يربى الطفل أو يعالجه من أمر ما، مثل الأم التى تستخدم «الكي» أو «الحرق» للطفل لمنعه من التبول اللاارادي.


وبالنسبة للأثر النفسى على الطفل إذا تم انقاذه، ومدى استمراريته معه فى المستقبل، يشير فرويز إلى أن تلك الأحداث من المستحيل أن تتلاشى من ذاكرة الشخص مهما مرت به السنوات، وهو ما يحدث بالفعل موضحا ان العديد من المرضى فى أعمار متقدمة لا تزال تتردد عليه بسبب الماضى الأليم الذى يطاردهم بشكل كبير، ويضيف فرويز قائلاً «ايذاء الطفل او تعذيبه يعنى القضاء على مستقبله وتدميره.. فحياته ستكون عبارة عن الم متكرر وعدم ثقة بالاخرين».


تأهيل الوالدين


من جانبها تقول د. سوسن الفايد، أستاذ علم النفس الاجتماعى بالمركز القومى للبحوث الجنائية والاجتماعية، أن العنف والإيلام النفسى والبدنى الذى يتعرض له بعض الأطفال يكون نتيجة لعدم تأهيل الآباء والأمهات للتربية والتنشئة بشكل سليم، وذلك عن طريق الاعتدال وفهم أنه لابد من وجود قواعد أساسية للتربية السليمة دون وجود أى تصرف تلقائى من الممكن أن يؤثر على نفسية وشخصية الطفل، لذلك لابد أن يتواجد من البداية فى ثقافة التربية أجيال مؤهلة لتربية أطفالها تربية صحيحة، بالإضافة إلى أنه فى حالة عدم التوفيق فى التربية وتعنيف الأبناء ذلك يؤثر على طبيعة شخصية الطفل خاصة فى بداية الـ 5 سنوات الأولى من عمره، فهكذا يتم تلقين الأطفال العنف دون الدراية بخطورة ذلك.


وتؤكد فايد أن هناك ما يسمى بدائرة العنف وهو ذلك العنف الذى يحدث بسبب البيئة أو الضغوطات الحياتية والمناخ العام التى تقع فيه الأسرة، وتعد تلك من الأسباب التى تجعلهم يتسمون بالعنف وأن يصبحوا فى حالة عصبية مستمرة تؤثر على تربيتهم لأطفالهم دون تخطيط وبالتالى تنتج شخصيات مشوهة، لافتة إلى أنه لا يمكن اعتبار أن الوضع الاقتصادى هو السبب ولكن المرض النفسى أيضًا يعد عاملا مهما فى العنف ضد الأطفال، وللأسف هناك غياب فى ثقافة العلاج النفسى وعدم اعتراف البعض بمرضهم النفسى فبالتالى تتفاقم تلك الأمراض مع ضغوط الحياة لتصبح حالة مزمنة تصل إلى مرحلة القتل.

 

خط نجدة الطفل: 12 ألف بلاغ فى 9 شهور والأطفال ضمن المتصلين


15 عاما عمل خلالها خط نجدة الطفل التابع للمجلس القومى للمرأة جاهدا لمحاولة القضاء على ظاهرة العنف ضد الأطفال، والتى بدأت تنتشر فى المجتمع المصرى مؤخرا، وبالرغم من تأثر الخط كثيرا بالأوضاع السياسية التى شهدتها البلاد خلال الفترة الماضية، مما تسبب فى توقف مهامه فى عدة سنوات، إلا أنه عاد للواجهة مجددا بسبب تزايد معدل قضايا العنف ضد الأطفال والتى وصلت إلى القتل.


وخلال السطور القادمة ترصد الأخبار الوضع الحالى لعمل الخط، ومعدل البلاغات خلال العام الحالي، فيقول صبرى عثمان، مدير خط نجدة الطفل بالمجلس القومى للطفولة والأمومة، إن الخلافات الأسرية وتفكك الأسرة، تلعب الدور الأكبر فى حالات العنف التى يتعرض لها الأطفال والتى عادة ما يستقبلها خط نجدة الطفل، مؤكدا أن المشاكل بين الزوجين عادة ما تدفعهم للانتقام من الأطفال من خلال أشكال العنف المختلفة بداية من العنف اللفظى وصولا إلى الاعتداء الجسدى الذى يؤدى إلى الوفاة.


ويوضح أن خط نجدة الطفل تلقى أكثر من 12 ألف بلاغ من بداية العام الحالى وحتى نهاية سبتمبر الماضي، بإرتفاع طفيف عن العام الماضى والذى شهد من يناير إلى ديسمبر تلقى أكثر من 17 ألف بلاغ، وأضاف أن الخط يستقبل يوميا 44 بلاغا فى المتوسط متنوعا بين حالات عنف ضد أطفال، وحالات إيواء، مساعدات مادية، عنف جسدي، عنف جنسى أو تنمر، مؤكدا أن جميع البلاغات يتم التعامل معها بجدية ودراسة متأنية ومتابعة من العاملين بالخط ومن الجهات الأخرى التى يتم التنسيق معها للتدخل لنجده الطفل.


بلاغات كيدية


يشير عثمان أن الجهاز عادة ما يتلقى بلاغات كيدية أو مبالغ فيها من زوجات أو أزواج كل ضد الأخر ولكنه يتعامل مع كافة البلاغات سواء، وذلك بتحويل البلاغ إلى المختصين النفسيين لبحث الحالة وتقديم النصح والإرشاد والتوعية والتأهيل النفسى فى حال أن البلاغ بسيط أو مقدم البلاغ يحتاج إلى استشارة من مختصين اجتماعيين ونفسيين، وفى حال بلاغات العنف الجسدى والجنسى ضد الأطفال يتم التعامل معها من خلال إخصائيين وتقديم العلاج النفسى والقضاء على المشكلة وبتدخل النيابة فى حالات الجريمة كجريمة الطفلة جنة وشقيقتها أمانى.


ويضيف أن هناك تنسيقا بين الخط وبين وزارة التربية والتعليم للتعامل مع بلاغات التنمر التى عادة ما تتزايد فى الأشهر الأولى من المدارس، مؤكدا أن الخط يتعامل من خلال مختصين اجتماعيين ونفسيين مع حالات التنمر فى المدارس، ذلك بالإضافة إلى التنسيق مع عدد من الجهات الاخرى مقل وزارة التنمية المحلية وعدد من الجمعيات الأهلية المهتمة بالطفل.


ويتابع أن الفترة الأخيرة شهدت وعيا للأطفال بسبب الحملات المختلفة التى تقوم بها مؤسسات الدولة ضد عنف الأطفال والذى ساهم فى زيادة الوعى لدى الكبار وايضا لدى الصغار، وأصبح الخط يستقبل بلاغات من الأطفال أنفسهم، موضحا أن الخط تلقى أكثر من بلاغ من فتيات حاول أهلهن تزويجهن فى سن مبكرة، بخلاف أن الجيران وأصدقاء الأطفال وأصدقاء الأهل هم أكثر مقدمى البلاغات بالإضافة إلى مواطنين عاديين يرصدون معاملة سيئة للطفل فيلجأون للخط للإبلاغ عن الاعتداءات المختلفة.


ويوضح أن الجهاز يعمل به أكثر من 30 موظفا منهم اخصائيون نفسيون ومحامون، مقسمون على لجان متابعة وتقييم تعمل منذ تلقى البلاغ وإخصائيون مختصون بالمشاورة النفسية والتأهيل النفسى للضحايا، مؤكدا أن عمل الخط ينتهى بعد التأكد من زوال الخطر على الطفل بشكل كامل سواء بتقديم الدعم النفسى أو فصل الطفل عن الأسرة فى حالات جريمة العنف.

 

الطفولة تستغيث بالقانون


لا توجد مواد مختصة بتعذيب القصر والقانون مكتظ بالثغرات


شبكة الدفاع عن أطفال مصر: التعذيب الوحشى للطفل « جنحة» وليست جناية

 

وقعت مصر على اتفاقية حقوق الطفل لعام 1989 كما وقعت على الميثاق العربى لحقوق الطفل لعام 1983 وغيرها من الاتفاقيات التى تضمن حق الطفل فى التعليم والصحة والحياة والتمتع بطفولة سعيدة وأن ينعم بالحب والتفهم، وعلى الرغم من وجود اتفاقيات وقعت مصر عليها ووجود قوانين مصرية أيضًا من المفترض ان تضمن العيش للأطفال بشكل سوى وكذلك قانون للعقوبات إلا أن خلال الأونة الأخيرة ومع كثرة الجرائم التى ظهر فيها التعامل بوحشية مع الأطفال آخرها قضية الطفلة جنة التى عذبتها جدتها حتى أدت إلى وفاتها، طالبت العديد من الجهات المختصة والمحامون المهتمون بالدفاع عن حقوق الطفل تشديد العقوبات ووجود بنود تنص على مضاعفة العقوبة فى حالة كان المجنى عليه طفل أو قاصر.


القانون ضعيف


هذا ما أكده المحامى أحمد مصيلحي، رئيس شبكة الدفاع عن أطفال مصر، بأنه حتى الآن لا توجد مادة فى القانون تتعلق بتعذيب الأطفال أو القصّر، سواء من قبل أهله أو ذويه، على الرغم من وجود مادة بقانون العقوبات تنص على وجود عقوبة حال تعذيب موظف عام لمواطن، وهذا ما أدى إلى ازدياد عدد الجرائم بسبب عدم وجود عقوبة محددة رادعة تمنع كل من تسول له نفسه تعذيب طفل لا حول له ولا قوة.


وأضاف مصيلحى أن قضايا الضرب والتعذيب بوحشية أصبحت تتحول إلى قضية ضرب وجنحة لا يتجاوز فيها الحكم 3 سنوات، حتى اذا تسبب الضرب إلى اعاقة او عاهة مستديمة ستصل العقوبة أقصاها إلى خمس سنوات، موضحًا أن «قانون الطفل لعام 96، تم تعديله عام 2008 ليشمل مادة الاستغلال الجنسى، بعد أن زادت تلك الظاهرة فى مجتمعنا، وعلى القانون أن يتطور طوال الوقت مع انتشار الجريمة فى المجتمع»
وأوضح رئيس شبكة الدفاع عن حقوق الطفل، أنه حاليًا زادت جرائم التعذيب والضرب للأطفال وأصبحت نمطًا سائدًا ولابد من تغيير القوانين لتحمى حقوق الأطفال ولابد من أن تكون رادعة خاصة أنها لم تعد فى دور الرعاية أو ممن هم غرباء عن الطفل بل أصبح التعذيب على يد أقربائهم واهاليهم الذين يظنون أن هذا جانب التربية أو يكون احيانًا لديهم خلال نفسى أو اضطراب ويكون الطفل هو الضحية.


وطالب مصيلحى بمحاكمة جميع قضايا الأطفال فى دوائر خاصة بالتعدى على الاطفال لأن مثل هذه القضايا تهدم المجتمع، وأنه يجب على مجلس الطفولة تنفيذ استراتيجية حماية وتوعية الأطفال داخل البيوت وكذلك توعية الأمهات والآباء بضرورة حماية ابنائهم نفسيا واجتماعيا.


حق الطفل


أما د. عزة العشماوي، رئيسة المجلس القومى للأمومة والطفولة، فتقول أن المجلس يقدم كافة أنواع الدعم والمشورة والتأهيل النفسى للأطفال والمطلقات والمعنفات والمعنفين من الأطفال، مضيفة أن هناك تنسيقا كاملا بين لجان الحماية المنتشرة بالمحافظات، وأن فى حالة الطفلة جنة، فتطالب بتوقيع أقصى عقوبة على الجناة، واعتبار الجريمة قتل عمد مع سبق الإصرار، وفقاً لحكم المادة 230، 231 من قانون العقوبات المصرى وهى الإعدام. وأضافت العشماوى أن المجلس يقدم كل الدعم للأطفال والأمهات فى القضايا المختلفة التى تمس أمنهم وحريتهم وسلامتهم اجتماعيا، مؤكدة أن جميع الإجراءات والتدخلات التى تحدث للأطفال والأمهات لإنقاذهم تتم بالمجان ولا يتحملون أى تكلفة مالية.


وأكدت أنه وفقا لما جاء فى نص المادة 80 من الدستور فإن كل من لم يبلغ الثامنة عشرة من عمره، يعد طفلا له الحق فى اسم وأوراق ثبوتية، وتطعيم إجبارى مجانى، ورعاية صحية وأسرية أو بديلة، وتغذية أساسية، ومأوى آمن، وتربية دينية، وتنمية وجدانية ومعرفية.

 

وتكفل الدولة حقوق الأطفال ذوى الإعاقة وتأهيلهم واندماجهم فى المجتمع، وأن الدولة تلتزم برعايته وحمايته من جميع أشكال العنف وسوء المعاملة والاستغلال الجنسى والتجارى ولكل طفل أيضًا الحق فى التعليم المبكر فى مركز للطفولة حتى السادسة من عمره، ويحظر تشغيل الطفل قبل تجاوزه سن إتمام التعليم الاساسى، كما يحظر تشغيله فى الأعمال التى تعرضه للخطر.


رأى الدين


يوجد خلاف دينى فى رأى الدين بالنسبة للقصاص من الأب أو الأم فى حالة قتل الابن، على الرغم من وجود فتاوى عديدة وأن جمهور أهل العلم يؤكدون أن الأب معفى عنه فى حالات كثيرة، مستندين فى ذلك إلى عدد من الأحاديث، فمثلاً ما رواه الترمذى (1401) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِى الْمَسَاجِدِ وَلَا يُقْتَلُ الْوَالِدُ بِالْوَلَد)، كما روى أحمد (346) وابن ماجه (2662) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «قتل رجل ابنه عمدا، فرفع إلى عمر بن الخطاب رضى الله عنه، فجعل عليه مائة من الإبل، ثلاثين حقة وثلاثين جذعة وأربعين ثنية، وقال لا يرث القاتل؛ ولولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (لا يقتل والد بولده لقتلتك).


ويوجد فتوى سابقة لمفتى الجمهورية د.شوقى علام، إنه فيما يخص جرائم قتل الوالد بالولد فإن هذا يتنافى مع طبيعة الأبوة القائمة على الحنان والحب الفطري، وقد يحدث القتل خطأ، وهنا لا يتلقى عقوبة الإعدام، لكن فى بعض القضايا نستشف فى بعض التحقيقات أن الوالد قتل عن عمد وهنا فإن القانون المصرى يقول «يقتل أخذا برأى المالكية».


أما د. سامية خضر، أستاذ الاجتماع بجامعة عين شمس، أن التعدى على الأطفال اصبح منتشرًا على المستوى العالمى والعربى وليس فى مصر فقط، وهذا نتيجة لنقص الوعى والتفهم للأطفال وطبيعتهم لذلك فإن الطريقة الرئيسية للتغلب على هذه الأزمة هى التوعية وعدم تجاهل الأمر «ونغمض عنينيا عن المشكلة» فلابد من تفهم المشكلة وادراكها بشكل سليم وادراك حجمها واجراء دراسات واحصاءات لبحث حجم القضية وزيادة الوعي.


وأضافت أستاذة الاجتماع بجامعة عين شمس، أن هذه الأمور تساهم ايضًا فى انتشارها وسائل الاعلام وبعض نوعيات الأفلام التى تظهر فيها البلطجة والأسلحة والعنف وكذلك بعض القصص المنتشرة بكثافة على مواقع التواصل الاجتماعى والانفتاح الذى تم فى عالم التكنولوجيا، لأن السوشيال ميديا على الأخص غذت المجتمع بكامله وكل هذه الأمور تجعل لديهم شحنات كبيرة ورغبة فى تجربة هذا الأمر، فأصبح الابن او الابنة يقتل او يعذب والديه أو العكس.


وعن كيفية علاج المشكلة، فأكدت خضر أن «الأخلاق» هى العنصر الأساسى الذى نستطيع به علاج الأمر، لأن وطن بلا أخلاق فهو عبث تام ويصبح وطن مهمش وضائع، وأنّ أولياء الأمور عليهم فهم التغيرات التى تحدث للطفل وتفهمها، ولابد ايضًا من وجود حملات توعية للأهالى والحديث معهم وكيف تكون التربية السليمة، بالإضافة إلى وجود قوانين رادعة تعطى للطفل حقه فى الحصول على أفضل رعاية وتعليم وتمنع التعدى عليه بأى شكل من الأشكال.

 

«جنة».. حملة توعية اجتماعية نفسية ضد الاعتداء


الأزهر يبث رسائل عبر صفحاته لتوفير الأمان

 

رغم أن الأزهر الشريف مؤسسة دينية إلا أن التربية والتأهيل الاجتماعى والنفسى هو دور أصيل للأزهر الشريف، فكان للمشيخة رد فعل سريع عقب حالة التعدى على الطفلة «جنة» للتأكيد على الرفض المجتمعى والدينى أيضا لتلك الممارسات الخارجة عن الفطرة البشرية والدينية.


وأطلق «الأزهر» تحت قيادة فضيلة الإمام الأكبر د.أحمد الطيب، شيخ الأزهر، مبادرة تحت اسم «جنة» بهدف التوعية بخطر العنف ضد الأطفال، وذلك من خلال مجموعة من الفيديوهات التى تبث على صفحات الأزهر على مواقع التواصل الاجتماعي، تشمل شرح أحدث الطرق والأساليب السليمة، والمعتمدة على الأسلوب العلمى المبسط لتوصيل المعلومة عن كيفية التعامل السليم مع الأطفال وتجنب العنف.


وتعتمد الحملة على مقاطع فيديو قصيرة توعوية من قبل مختصين تتناول أسباب العنف ضد الأطفال، والطرق العلمية للآباء للتعامل مع الأطفال وتوجيه الأطفال دون عنف أو أذى نفسي، إلى جانب توفير البيئة الصحية والنفسية السليمة للطفل.


ويقول الدكتور محمود الهواري، الباحث الشرعى بالأزهر الشريف، إن الأزهر أطلق حتى الآن من خلال المركز الإعلامى للأزهر، أربع رسائل من خلال صفحات الأزهر على مواقع التواصل الإجتماعي، وشملت الرسائل معلومات ونصائح عن التعامل مع الأطفال وتوفير الأمان لهم.


وأضاف أن الحملة أطلقت بمشاركة الدكتور محمد المهدي، أستاذ الطب النفسى بجامعة الأزهر، وتستهدف محاربة السلوكيات الخاطئة فى التربية، شملت الحلقة الاولى، خطر العنف الأسرى على الطفل ودور الأسرة والمجتمع على الطفل، وجاءت الرسالة الثانية للتوعية ضد تلبية احتياجات الأطفال الغير مشروط يهدد ارتباط الطفل وانتماءه لأسرته.


أما الرسالة الثالثة جاءت بهدف أهمية توفير الأمان فى حياة الأطفال وأثره على الأسرة والمجتمع وجاءت الرسالة الرابعة عن أفضل الطرق لتهذيب الطفل.

 

حضانة الكفيف لأبنائه.. حماية للطفل أم حرمان من الحق؟

 

تم وضع قانون الرؤية ليكفل حق الطفل فى الرعاية والعيش بسلام وأمان فى حالة الانفصال بين الزوجين، وبالطبع فإن الحضانة مقصود بها اشباع عاطفة الأمومة التى هى من الغرائز الأساسية التى لولاها لما تحملت الأم متاعب الولادة والرضاعة والحضانة، ولهذا فإن الحضانة حق خالص للأم لكنها تسقط عنها فى بعض الحالات أبرزها ان كانت الأم مريضة أو غير قادرة على الرعاية وفى هذه الحالة تنتقل الحضانة إلى الجدة من الأم.


يقول إيهاب عماد الأطرش، المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة والمتخصص فى قضايا المرأة، أن المادة 20 من المرسوم بقانون رقم 25 لسنة 1929 والمعدل بالقانون رقم 100 لسنة 1985 تنص على أنه يثبت الحق فى الحضانة للأم ثم للمحارم من النساء مقدما فيه من يدلى بالأم على من يدلى بالأب ومعتبرا فيه الأقرب من الجهتين على الترتيب التالى:الأم، فأم الأم وإن علت، فأم الأب وإن علت، فالأخوات الشقيقات، فالأخوات لأم، فالأخوات لأب، فبنت الأخت الشقيقة، فبنت الأخت لأم، فالخالات بالترتيب المذكور فى الأخوات، وهكذا.


ويضيف المحامى بالاستئناف أن المادة 152 من قانون الأحوال الشخصية حددت أربع حالات تسقط فيها حق الحاضن بالحضانة واختلال احد الشروط المحددة فى المادتين 143 و144من قانون الأحوال الشخصية فالمادة 143 حددت شروط عامة يجب توافرها فى الحاضن رجلاً كان أم امرأة وهى (العقل - البلوغ رشداً- الأمانة - القدرة على تربية المحضون وصيانته ورعايته السلامة من الأمراض المعدية الخطيرة) ألا يسبق الحكم عليه بجريمة من الجرائم الواقعة على العرض.

 

أما حالات سقوط الحضانة فهى وفقاً لقانون الأحوال الشخصية رقم 28 لسنة 2005 الذى يسقطها عن المريض أو غير القادر على الحضانة لأنه اتفق الكل على وجوب سلامة الحاضن والحاضنة وقدرته على الحضانة سواء من حيث صحة الحاضن وخلوه من العاهات أو سلامته من الأمراض المانعة للحاضنة ولا شك فى أن هذا الشرط ضرورى لأن الحضانة مقصود بها الرعاية وغير القادر على الرعاية غير أهل للحضانة وقال بعضهم أنه لو باشر غير الحاضن الحضانة وباشر الحاضن الإشراف، ولو بأن يستأجر خادما، وبالتالى يكون الكفيف محتاج من يرعاه ولن يكون قادرًا عن رعاية طفل فى عمر الحضانة يحتاج إلى رعاية خاصة ومجهود.


أما عصام عبد اللطيف، الخبير القانوني، أن قانون حضانة الطفل تم وضعه خصيصًا من أجل سلامة المحضون وليس الحاضن يستهدف بشكل أساسى رعاية الطفل على أكمل وجه وأن من يراعيه يجب أن يكون قادرًا على رعايته فى هذا السن الذى يستلزم جهدا ووقتا فمثلا السيدة فوق 60 عامًا لا يجوز لها حضانة الطفل الا فى حال عرضها على لجنة مختصة تبدى برأيها ان كانت هذه السيدة قادرة على الرعاية أم لا نظرًا لكبر سنها فيتم الكشف على حالتها الصحية والنفسية ووضعها الاجتماعي.


وأضاف أن الكفيف له كافة الحقوق ولا يعنى عدم الحكم له بالحضانة للطفل بحرمانه من حقه بل يوجد قانون الرؤية للاطمئنان عليه وحقه فى الأمومةأو الأبوة الكامل، فالقانون فى هذه الحالة لا يلام عليه وموضوع فى افضل حال.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة