د. سمية عسلة - خبيرة بالشؤون الإيرانية
د. سمية عسلة - خبيرة بالشؤون الإيرانية


مقالات القراء| حكمة «بن سلمان» أنهكت «ملالي» إيران 

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 27 أكتوبر 2019 - 10:47 م

كتب: د. سمية عسلة - خبيرة بالشؤون الإيرانية

 

استوقفني تصريح سمو الأمير محمد بن سلمان مؤخرا، والذي كان يحمل بين طياته المفهوم العميق للعبارة التاريخية التي قالها الراحل العظيم الأمير سعود الفيصل "نحن لسنا دعاة حرب ولكن إن فرضت علينا فنحن مستعدون لها".

مما جعلني أمعن النظر قليلا في فحوى هذه العبارة وحرص الأمير بن سلمان على تكرارها بما يؤكد صدق النوايا وحكمة القيادة السعودية حاليا والتي أرادت أن تخلد معاني السلام والقوة معا.

يسألني البعض "أليست القوة في رد العنف بالعنف، فلم اختار الأمير محمد بن سلمان أن يفعل الحل السياسي مع إيران منذ اشتعل فتيل الأزمة في اليمن؟". 

وكانت إجابتي بمنتهى البساطة وهي أن نظام الملالي الآن يرقص رقصة المذبوح، وكما نعلم جميعا أن "الغراب المذبوح" وقت الاحتضار يحاول وبكل الطرق الاحتفاظ بما تبقى لديه من أنفاس معدودة سواء كان ذلك بالركض والتخبط يمينا ويسارا عله يفر من قدره المحتوم أو انه يحاول غرس مخالبه بجسد أي فريسة يجدها أمامه حتى وان كانت من فصيلته لكي لا يسقط وحيدا.

وبتطبيق ذلك على الساحة السياسية الدولية وما تشهده من أزمات عدة افتعلها نظام الملالي، نجد أن حكمة الأمير محمد بن سلمان اقتضت أن نمكن الحلول السياسية مع النظام الإيراني وأن لا نسمح لقادة تنظيم الحرس الثوري الإرهابي أن يجروا المملكة العربية السعودية بل المجتمع الدولي لحالة حرب، الخاسر الأكبر فيها نحن لأنه وبطبيعة الحال فإن نظام الملالي يحتضر بفعل العقوبات الأمريكية التي وصلت لحد منع تجارة المعادن النفيسة التي كانت تجلب الأموال لطهران .

بالإضافة إلى أموال الصادرات النفطية ومشتقاتها التي نهبتها إيران وتشكل ٧٠% من نفط الأحواز العربية، إذا فلا عجب أن نرى جميعا نظام الملالي الآن يعاني من معدل تضخم وصل لأكثر من ٥٨% وخسارة العملة الإيرانية أكثر من٥٠% من قيمتها حيث وصل سعر رغيف الخبز لدولار في ظل انتشار البطالة وانعدام الدخل وانفجار الثورات الشعبية المطالبة برحيل نظام الولي الفقيه بل وصعود رجال الدين علماء قم للمنابر مطالبين بفصل الدين عن السياسة بما فيه من تمرد وإلغاء ولاية الخامنئي على الشعب، وهم الذي قال عنهم "الخامنئي": رجال الدين هم رجال النظام وأعمدة الجمهورية .

إذا بات واضحا أن الأمير محمد بن سلمان اختار لشعبه ولأمتنا العربية والإسلامية العيش في سلام وعدم السماح لنظام الخامنئي أن يجر المنطقة لحالة حرب والاكتفاء بمشاهدة نظام الملالي وهو يحتضر ويتآكل، بل وقد حرص الأمير برؤية عسكرية وسياسية عميقة، على أن يكون الخلاص نهائيا من نظام الملالي بمباركة وتأييد دولي بمعنى أن لا يقتصر الأمر على العقوبات الأمريكية من جهة واحدة.

لذلك لو تعمقنا قليلا سنجد أنه قبل ساعات من توجيه أمريكا ضربة عسكرية لإيران قام الأمير خالد بن سلمان بعقد مؤتمر قال فيه إن القيادة السعودية لا تسعى للحرب، وهذا ما يجعلني أوضح للجميع من خلال قراءتي لتصريحات سمو ولي العهد السعودي أن القيادة الرشيدة تعمل على ثلاثة محاور رئيسية لإدارة الأزمات الدولية المفتعلة من قبل الملالي وتتلخص في: أولا توحيد الموقف الدولي ضد ما ترعاه إيران من إرهاب دولي غير مقتصر على ما يحدث في اليمن عبر ميليشيا الحوثي ذيل الملالي في عدن، بل أيضا ما يحدث من أعمال عنف وتخريب داخل الممرات المائية الدولية وفي حدود العاصمة باريس ولندن وفنزويلا، مما جعل مؤتمر وارسو وبإجماع دول العالم تقر أن إيران أكبر كيان يدعم الإرهاب في العالم ويؤيدون جميعهم العقوبات الأمريكية ويطالبون بتفعيلها.

نعم المملكة العربية السعودية قادرة على شراء حرب فلن تخسر فيها أكثر من الخسارة المالية الناتجة عن الاستهداف الإيراني الخبيث لـ "ارامكو"، ولكن حكمة القيادة السعودية في الرد كانت أقوى من مائة حرب عسكرية ضارية توجه لنظام الملالي.

ثانيا تصعيد الملف الإيراني للأمم المتحدة بموافقة دولية، ثالثا عرض الانتهاكات الإيرانية على مجلس الأمن لفرض عقوبات دولية على نظام الملالي تضاف إلى العقوبات الأمريكية مما يعجل زوال هذا النظام الإرهابي بشكل نهائي.

"ويسألني أحدهم هل فشل التحالف السعودي الأمريكي لكي تشكل السعودية تحالفا جديدا مع روسيا؟"، سأكون واضحة جدا في إجابتي، لن نقول إن التحالف الأمريكي فشل بل يمكننا أن نكون أكثر دقة في توصيف الوضع ونقول أن ترامب لم يفي بكل وعوده ولم يدرك حتى الآن أن القيادة السعودية تسعى دائما لتفعيل السلام بالمنطقة ونبذ الحروب، بل إنها دائما ما تمكن الحلول السياسية وتضعها في مقدمة اختياراتها رغم امتلاكها للأسلحة والعتاد والدعم العسكري والمعنوي من الدول العربية والإسلامية، وهو ما يؤهلها للانتصار بأي حرب تخوضها .

الجدير بالذكر أن التقارب السعودي الروسي الآن ينطوي عليه عدة رسائل أهمها أن الأمير محمد بن سلمان قائد درس التاريخ وتعمق فيه فعلم أن تجربة مصر مع التحالف السوفيتي نجحت في صد العدوان الإسرائيلي على مصر وذلك بما قدمه الاتحاد السوفيتي لمصر من أسلحة وخبراء روس استعان بهم الرئيس السادات لفترة ما حتى استبدلهم بخبراء مصريين تم تدريبهم بشكل جيد.

ولم يكن ولي العهد ليتجاهل الخلاف الروسي الإيراني الأخير والذي بات واضحا في امتناع روسيا عن إمداد إيران بمعلومات تفيد بتوجيه ضربات عسكرية إسرائيلية لمواقع حزب الله في لبنان والحرس الثوري في سوريا، رغم أن روسيا تتحكم راداريا بمناطق عدة في سوريا، وأزيدكم من الشعر بيت وهو تصريح "بوتين" مؤخرا والذي قال فيه "سنحافظ على أمن إسرائيل"، إذا فقد عمل الأمير محمد بن سلمان بالمقولة الشهيرة "عدو عدوي صديقي"، فأهلا بالتحالف الروسي بما يخدم مصالحنا.
 

تستقبل «بوابة أخبار اليوم» شكاوى ومقترحات ومقالات القراء، بالإضافة إلى إبداعاتهم على رقم واتس آب 01200000991، ورسائل صفحة «بوابة أخبار اليوم» على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك .

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة