صورة مجمعة
صورة مجمعة


الإبادة الأرمينية.. إرث مذابح منذ أكثر من قرن تسبح تركيا ضد تيارها

أحمد نزيه

الأربعاء، 30 أكتوبر 2019 - 11:58 ص

وقتما كانت الدولة العثمانية تعيش حربًا عالميةً أولى شاركت فيها ضمن دول المحور، وحينما كانت تلك الدولة تدق المطارق المسامير في نعشها، إيذانًا بقرب دلوكها، ختمت تلك الدولة على مذبحةٍ ظلت تؤرق أجفان بلاد الأناضول حتى بعد زوال الدولة العثمانية بعشرات السنين.

 

بدءًا من أضنة، شرعت القوات التركية في مذابحها بحق الأرمن عام 1909، لتصل إلى قمة ذروتها عام 1915، في واحدةٍ من أكبر جرائم الإبادة الجماعية في العالم، والتي لا تزال إرثًا قائمًا إلى يومنا هذا.

 

السفير الأمريكي في اسطنبول (العاصمة التركية حينها) نشر هذه الصورة وقت المذابح وكتب عليها "مشاهد كهذه كانت شائعة في جميع المقاطعات التي يسكنها الأرمن، في أشهر الصيف والربيع من سنة 1915، الموت كان في عدة صور -مذابح، مجاعات، تهجير قسري- تسببت في أذية السواد الأعظم من اللاجئين، السياسة التركية كانت تقضي بالإبادة مع النفي في العلن".

ولم يتوقف الأمر عند حد المجازر بحق الأرمن فحسب، فقد أصدر البرلمان العثماني في 27 مايو 1915،  قانون التهجير وهو قانون مؤقت أصدره البرلمان لتقنين ترحيل رعايا الدولة العثمانية من الأرمن، ضمن مجموعة من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذتها الحكومة العثمانية ضدهم أثناء الحرب العالمية الأولى.

ودخل مشروع القانون حيز التنفيذ بدءًا من 1 يونيو 1915، وانتهى سريانه في 8 فبراير 1916، لكن  بعض الوثائق العثمانية تبين أن تهجير الأرمن بدأ بالفعل منذ 2 مارس 1915، قبل أن يدخل القانون حيز النفاذ من الأساس.

تصريحات من مطران أرميني

وحول ما حدث وقتها، قال نيافة المطران كريكور أوغسطينوس كوسا، أسقف الإسكندرية للأرمن الكاثوليك، في تصريحاتٍ سابقةٍ لـ"بوابة أخبار اليوم"، "لا أريد أن أتكلم عن شعبي ولكن أريد أن أترك لكم المجال بقراءة الكتب والبحوث التي كتبت عن الأرمن من عام 1915 إلى 2015، حين احتفل الأرمن بذكرى مائة عام على الإبادة الجماعية التي أقدمت عليها تركيا بحق الأرمن".

وأردف المطران قائلًا "الأتراك أرادوا أن يبيدوا الأرمن، فكانوا مجتمعين فقال أحدهم سنقتل الأرمن ولن نترك منهم أحدًا إلا واحدًا نضعه في المتحف، لنقول كان في الماضي هناك شعبٌ اسمه الأرمن، والآن أُبيد هذا الشعب".

مع الأسف، كلماتٌ ليس لها عمقًا، ولا يستطيع أحدٌ أن يفهم ما قاله هذا التركي، لأنه لا يعرف أن الشعب الأرمني شعبٌ أبيٌ، شعبٌ مخلصٌ، فاليوم بعد أن قال سنترك أرمينيًا واحدًا في المتحف، نحن الآن انتشرنا في العالم بأسره، وتجد الأرمن محتفظين بثقافتهم وعاداتهم وطقوسهم الدينية.

وتقر تركيا بوقع المجازر بحق الأرمن، لكنها تنفي أن يكون ذلك تطهيرًا عرقيًا بحقهم، وتعتبر ما حدث في تلك الفترة تسلطًا من قبل سلطة مستبدة كانت تنكل بالمعارضة بشكلٍ عامٍ، ولم تكن تقصد الأرمن خصيصًا.

وحول هذه الرواية، يقول المطران كريكور "مع الأسف هذه الرواية بدأت من بضع سنوات، لكن في الحقيقة أن الأتراك أرادوا قتل الأرمن وقتها بسبب أن الأرمن كانوا يتبوءون كل المناصب العليا في الجامعات وفي المصارف والدوائر الحكومية، فدخل في قلبهم وعقلهم الحسد والبغض من الأرمن".

ويتابع قائلًا "وبعد أن قيل أن الأتراك قتلوا الأرمن بدئوا يفتشون عن علماء مسلمين وأدباء وشعراء ومثقفين وقتلوهم أيضًا، لكي يقولوا إنهم لم يقتلوا الأرمن فحسب، وقتلوا معهم أشخاص آخرين.. هناك في تركيا  قُتل مليون ونصف المليون أرمني في هذه الفترة".

 

الاعتراف الدولي

وتصارع تركيا من أجل إثبات روايتها، وذلك في ظل اعتراف الأمم المتحدة والبرلمان الأوروبي ومنظمة حقوق الإنسان والمجلس الأوروبي بالإبادة التركية بحق الأرمن.

وإلى جانب 28 بلدًا أغلبهم من دول الاتحاد الأوروبي يعترفون بالإبادة الأرمينية، أصبحت الولايات المتحدة بدءًا من الأمس أحدثهم، بعد سنواتٍ من عدم إقرار الأمر بصورةٍ رسميةٍ.


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة