مؤمن خليفة
مؤمن خليفة


يوميات الأخبار

بحبك يا لبنان

مؤمن خليفة

الأربعاء، 30 أكتوبر 2019 - 06:46 م

لبنان بلد التسامح ومجرد زيارة واحدة فى شوارع بيروت تكشف لك هذا الكم الكبير من الحب والود بين اللبنانيين.

بحبك يا لبنان يا وطنى بحبك
بشمالك بجنوبك بسهلك بحبك
بتسأل شو بنى وشو اللى ما بنى
بحبك يا لبنان يا وطنى.
سألونى شو صار ببلد العيد.. مزروعة عالداير نار وبواريد قلتلن بلدنا عم يخلق جديد.. لبنان الكرامة والشعب العنيد.
بحبك يا لبنان يا وطنى بحبك.
عندما أستمع للعظيمة فيروز وهى تشدو بهذه الأغنية ينخلع قلبى على لبنان.. فقد استطاعت أن تشغلنا جميعا بوطنها الحبيب.. جعلتنا نعشق لبنان بجباله وسهوله.. نحب لبنان بتركيبته الطائفية المحيرة التى عاش عليها منذ سنوات طويلة والتى يدفع ثمنها أيضا منذ زمن.. لبنان الذى دخل على خط الصراع بين العرب وإسرائيل رغما عنه وعاش سنوات الحرب وخرج منها إلى مرحلة إعادة الإعمار معافى وقادراً على الاستمرار.
اليوم.. يتمزق قلبى على ما يجرى فى لبنان من مظاهرات وحراك شعبى وأخشى هذه المرة أن يتحول لبنان الآمن إلى عراق أو يمن آخر تحت وهم الربيع العربى.. طبعا من حق اللبنانيين أن ينتفضوا ضد الفساد وضد الأوضاع الاقتصادية المتردية فى بلدهم.. من حقهم أن يطالبوا بالإصلاح وأن يحيا المواطن حياة كريمة لكننى ضد أن تستغل قوى ما تلك الأوضاع لإشعال لبنان الذى لا يستطيع تحمل أى صدمات.. عندما أتابع الشارع اللبنانى تقفز إلى ذهنى أجواء يناير فى مصر وما جرى بعدها من تداعيات أثرت كثيرا علينا وتراجع الأداء الاقتصادى حتى قامت ثورة 30 يونيو التى أعادت ضبط البوصلة المصرية بعد ثلاث سنوات عجاف من تردى الوضع الاقتصادى وتراجع الاحتياطى النقدى والإنتاج وانفلات الزمام.. أتمنى أن تستقر الأوضاع فى لبنان وأن يخرج لبنان من محنته وأن يتعافى.. هناك مختلف القوى والأطياف تلعب أصابعها فى لبنان.. أطراف خارجية وداخلية لا تريد له أن يستقر.. تتمنى عودة المعارك بين كافة القوى السياسية.. تمنى أن تعود الميليشيات.. أن تعود أجولة الرمال والخنادق إلى بيروت وأن يخرج «الخط الأخضر» بين مناطق المسلمين والمسيحيين إلى النور.. أن تعود الحرب بالوكالة بين اللبنانيين أنفسهم.. كل الأحداث الآن فى لبنان تؤدى إلى هذا الهدف.
قبل بضع سنوات ذهبت إلى بيروت فى زيارة لا تغيب أبدا عن ذاكرتى بل أعتبرها من أجمل رحلاتى على الإطلاق.. كانت تلك المرة الأولى لى.. وصلت إلى مطار بيروت عند منتصف الليل ومن المطار إلى الفندق ومن الفندق إلى صخرة عبد الحليم حافظ الشهيرة على البحر الأبيض المتوسط فى فيلم «أبى فوق الشجرة» وقضيت ليلتى حتى الصباح هناك.. فى اليوم التالى لى ذهبت لشراء أسطوانة للعظيمة فيروز واشترطت على البائع أن يكون فيها أغنية «باحبك يا لبنان يا وطنى باحبك» فهذه الأغنية تلخص الحالة اللبنانية لبلد الطوائف التى تخلق من جديد مهما كانت الأحداث التى يمر بها لبنان الوطن.. قلبى مع لبنان وعيونى على هذا الوطن الرائع الذى مهما ألمت به الأحداث أن يعود قويا معافى.. ومهما يجرى فى لبنان فإنه يعود أكثر قوة ولا نظن أبدا أن يطول مرضه أو تكثر أوجاعه.. لبنان بلد التسامح ومجرد زيارة واحدة فى شوارع بيروت تكشف لك هذا الكم الكبير من الحب والود بين اللبنانيين.. لبنان الذى تعرض يوما لهجمة إسرائيلية حمقاء عام 1975 فيما عرف بعملية «كرة الثلج» استيقظ منها وانتصر وعاد صوت فيروز يصدح مع موسيقى الأخوين رحبانى مدويا فى سماء لبنان.
قلت لمرافقى الذى لم يبارحنى طيلة 10 أيام قضيتها فى بيروت: أريد أن أشاهد الخط الأخضر.. ضحك وابتسم وذهبنا معا إلى المكان فإذا به عبارة عن مبان فخمة وشوارع وأبنية شاهقة.
قال لى الرجل الخمسينى الذى عاش هذه الأحداث أيامها: هنا كان الخط الأخضر يا سيدى.. هنا لم نكن نستطيع العبور إلى الجانب الآخر.. أيام لا نتمنى أن تعود.. اللبنانيون يا سيدى يحبون الحياة.. يقدسون العمل ولكنكم لا تعرفون قدر هؤلاء الناس.. تنظرون إلى بيروت على أنها شارع الحمراء فقط. شعرت بالخجل من إجابته.. ألف مليون سلامة يا لبنان.
يا دار قوليلى يا دار
تسيل دموعى على خدى ويعود بى الحنين إلى سنوات الطفولة والصبا عندما أستمع إلى العظيم وديع الصافى وهو يشدو «يا دار قوليلى يا دار.. راحوا فين حبايب الدار» كلمات حسين السيد وألحان بليغ حمدى.. أتذكر والدى ووالدتى رحمهما الله وكل أهل دارنا التى لم تعد إلا دارا مهجورة بعد أن فارقنا الأحباب إلى دار الخلد.. كانت دارنا لا تنام يأتى إليها كل الأهل البعاد.. وفى الأعياد والمناسبات أتذكر الفرن الذى يقبع بجوار الدرابزين فى صحن الدار وأمى وعماتى يخبزن العيش الفلاحى ومعه «البتاو» الذى يصنع من دقيق الذرة وكذلك أصوات صياح الدجاج الذى يحاول الهروب منهن قبل ذبحه.. على مصاطب دارنا.. كنا نفرش الحصير ونضع المخدات يستند عليها الضيوف كنوع من حفاوة الاستقبال لهم فى بيت العائلة.. تعود بى الذكريات إلى كبير الدار.. المغفور له جدى وهو يجلس فى المندرة يستقبل ضيوفه وصوت الشيخ محمد رفعت والشيخ محمود على البنا يصدح فى تلك الدار خاصة فى ليلة الجمعة.. الأهم من كل هذا.. لا أنسى مناخ الألفة والمحبة والزهو بالأهل والأصحاب وحكايات العفاريت التى تسكن الدور القريبة منا ورغم خوفنا الشديد كنا نحرص على سماع هذه الحكايات التى تجعلنا ننام بعين مغمضة والأخرى مفتوحة.. وفى ليالى الشتاء كنا نلتحف بالحرام أو البطانية الصوف ونحن نفترش الكليم.. اليوم ذهبت حكايات الدار إلى غير رجعة.. أصبحت الدار مجرد أطلال تعيش فى خيالنا.. فى زيارة لأداء واجب عزاء فى قريب لى مررت على الدار.. وقفت أمام بابها الضخم الذى كان يحدث صوتا معروفا وهو يقفل أو يفتح.. أتطلع إلى الماضى القريب حينما كان هناك أناس فى الدار يبعثون فيها الحياة.. وأتذكر وديع الصافى.. راحوا فين حبايب الدار.. دار يا دار يا دار يا دار.. قوليلى يا دار راحوا فين حبايب الدار.. فين فين قولى يا دار.. لياليك كانت نور يسبح فى ضيه بحور.. صرخة صدى مهجور.. مرسوم فى كل جدار راحوا فين حبايب الدار.
د. سهير عبد السلام
هى سيدة من سيدات مصر الفضليات.. أستاذة جامعية مرموقة وعميدة كلية الآداب جامعة حلوان.. وهى ضيفة دائمة فى مؤتمرات التعليم التى تنظمها دار أخبار اليوم فى إطار دورها التنموى والتنويرى فى المجتمع المصرى.. والدكتورة سهير عبد السلام تحرص على الحضور والمشاركة برأيها ومقترحاتها فى تطوير التعليم بصفتها إحدى رائدات التعليم فى جامعات مصر. والدكتورة سهير عبد السلام أستاذ الفلسفة بجامعة حلوان.. تعتبر أول عميد منتخب بكلية الآداب جامعة حلوان حيث تم انتخابها عام 2013 لشغل المنصب لتصبح أول عميد منتخب للكلية ثم صدر القرار الجمهورى بتعيينها للمرة الثانية عميدا لكفاءتها وجدارتها بالمنصب الرفيع وتفانيها فى عملها.. على المستوى الإنسانى تقدم نموذجا عمليا فى مساندة ودعم طلابها وحرصها على مستقبلهم باعتبارهم أبناءها. وعلى مستوى عملها فقد نجحت باقتدار فى قيادة فريق العمل بكليتها وتثبت يوما بعد يوم أن المرأة المصرية قادرة على النجاح وحل المشاكل أولا بأول.
فى رأى الدكتورة سهير عبد السلام أن تطويرالعملية التعليمية لا يعنى حصر كل الأنشطة فى مجموعة من الكليات العملية والنظرية بعيدا عن مشكلات الواقع، لأنه لابد أن تتصل العملية التعليمية اتصالا كاملا بمشكلات المجتمع واحتياجات الدولة وما تهدف إليه من توفير الحرف والمهن والوظائف المطلوبة فى المستقبل، ثم من خلال ذلك تبدأ بتطوير العملية التعليمية فى ضوء الأهداف المطروحة.
وأن هذا ما يتم بالفعل فى وزارة التعليم العالى حيث نجد أن هناك تعليما مرتبطا بالبيئة فى بعض المحافظات والمدن المصرية، كما أكدت أهمية التوسع فى هذا المجال موضحةً أنه فى المدن الساحلية على سبيل المثال لابد أن تكون هناك كليات تختص بأعمال البحار والصيد وتحلية المياه وصناعات تقوم على هذه الخصائص الموجودة بالمحافظة لتوفير فرص عمل واستغلال الموارد الطبيعية بها، قائلة «إننا نتحدث عن شهادات جامعية بمواصفات حرفية لاستغلال موارد هذه المحافظات للاستثمار وتوفير فرص عمل».
كما أكدت أن البيئة المصرية بطبيعتها يوجد بها كثير من المعطيات التى من الممكن استغلالها فمثلا فى محافظة دمياط توجد مدينة صناعية متكاملة لصناعة الأثاث ولكنها صناعة بدون دراسة وافية عن تصنيع الأثاث متسائلة لماذا لا تقوم الدولة بإنشاء كليات تختص بدراسة الأثاث بكل متطلباتها ومراحل إنتاجها داخل أو خارج المحافظة مع وجود أشخاص حرفيين أصحاب خبرة فى هذا المجال وهنا يتم نقل الخبرة الفنية إلى حيز التعليم ويتم تشغيلهم بمواصفات عالمية وأيضا بما يتوافق مع متطلبات المجتمع المحلى وكذلك استغلال موارد محافظة سيناء حيث توجد صناعات يدوية مثل المنسوجات وصناعة التمور وأيضا المحلة الكبرى يجب تطويرها علميا فى صناعة الغزل والنسيج وأن ذلك سوف يساهم فى بناء اقتصاد الدولة.
آخر الكلام
فليتك تحلو والحياة مريرة
وليتك ترضى والأنام غضابُ
وليت الذى بينى وبينك عامر
وبينى وبين العالمين خرابُ
إذا صح منك الود فالكل هين
وكل الذى فوق التراب ترابُ
أبو فراس الحمدانى

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة