علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


انتباه

شياطين الأنامالية

علاء عبدالوهاب

الأربعاء، 30 أكتوبر 2019 - 07:29 م

«الساكت عن الحق شيطان أخرس».. نحفظها عن ظهر قلب، لكن غيابها فى التطبيق أصبح سلوكا يطبع معظم من نشاهدهم فى مواقف ينصرفون فيها عن دفع الأذى، أو يبتعدون عن دعم أو مؤازرة صاحب حق، خاصة لو كان ضعيفا بحاجة للمساندة، ولو بكلمة، وربما يكتفون بما فى القلب رغم أنه أضعف الإيمان.
بين «شهيد الشهامة»، و«شهيد التذكرة»، وكثر غيرهما يسقطون كل يوم، كان يمكن إنقاذهم لو انبرى نفر ممن كانوا شهودا للواقعة بالتدخل، إلا أن صيحة «أنا مالى» التى تملأ ضمائرهم - إن كان ثمة ضمير - وتصم آذانهم وتعمى بصائرهم - قبل أبصارهم - تمنع أى رد فعل إيجابى، فيتحولون إلى شياطين الأنامالية، فتزهق أرواح، وتضيع حقوق!
لا أستطيع أن أتفهم دوافع من يحرصون على تسجيل إهانة بالموبايل يتعرض لها ضعيف، أو خطر يتهدد حياة إنسان لا حول له أمام قوى غاشم، أو عصابة من الصبية يتضامون فى الشر لإلحاق الأذى بمن فرضت عليه أخلاقه أن يتدخل ليمنع جرما من أن يٌرتكب فى حق إنسان ساقته الظروف فى طريق من لا يرحم!
تفشى التنمر والتحرش والترويع، واستهداف الآمنين حتى تحولت بعض تلك الظواهر إلى أنماط، لا يملك البعض إلا التعايش معها رغما عنهم، ثم غض الأبصار عن ضحايا كان بالإمكان بقدر من النخوة والشهامة، وقبلها احترام القانون، بل قبل ذلك كله لو لم تفقد الأسرة دورها فى تنشئة سليمة لابنائها، ولو لم تتنازل المدرسة عن واجبها التربوى،  لو لم تكن كل هذه الامور وراء صناعة مناخ لا يكف عن انتاج نماذج بشرية مشوهة، لما وصلنا إلى أن نصادف فى كل وقت، وفى أى مكان شياطين الأنامالية، وكأنهم قدر محتوم!
لولا وفرة هؤلاء لكان معدل العنف والتجاوزات الأخلاقية والحماقات السلوكية، فى حدود ما تشهده أى تجمعات إنسانية، لأن ثمة كوابح مجتمعية تحد من نزعة الشر والعنف، تعمل جنبا إلى جنب مع احترام القانون وتفعيله على أى مخطئ أو متجاوز.
إذا لم نحاصر شياطين الأنامالية، ونستهدف إفاقتهم ، وإخراجهم من الدائرة التى حبسوا فيها ضمائرهم، فلن يكون غريبا أن تتحول كلمات «أنا مالى» أو «يا عم كبر»، أو «المهم أنه بعيد عنى» إلى المصطلحات الأكثر تداولا، فتخيم فوق رؤوسنا سحابة السلبية، لتخفى شمس الحق لحين إشعار آخر!

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة