د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

لماذا نحافظ على تخلفنا..؟!

بوابة أخبار اليوم

الخميس، 31 أكتوبر 2019 - 08:00 م

حتى الآن لم نحارب معاركنا الحقيقية مع التخلف وحتى الآن لم ننتوِ مواجهة ما يعوق مسيرتنا نحو الرقى ورفاهية الحياة الإنسانية.. فمازلنا نتشبث بما يجعلنا نتقهقر للخلف نتمسك بأفكارنا القديمة البالية وبموروثات عفا عليها الزمن ولا نواجه العشوائية والغوغائية والأفكار التسلطية التى تجمد عقولنا وتجعلنا صرعى للمرض النفسى وبلا أى محاولات للعلاج..حتى الآن لم نستوعب درس التقدم وبأنه يبدأ بأعمال العقل وتجديد الفكر لتنمية البشر.
ومن أسفٍ حتى أعداؤنا يحاربوننا بأفكارنا القديمة ويحافظون عليها حية لتفرز جماعات متخلفة همجية كالقاعدة وداعش والجماعات التى تجاهد فى سبيل الحفاظ على التخلف باسم الجهاد..حتى نابليون لم يدخر جهدا فى الضحك علينا فى حملته الشهيرة على مصر فدهاؤه جعله يستخدم الدين للسيطرة علينا كما يستخدمه البعض للسيطرة على عقولنا.. فإذا كانت الشعوب الإسلامية تؤمن بالجبر وبأن الحاكم يأتى بإرادة السماء.. فلماذا لا يستفيد هو أى نابليون من هذه القناعة ويكون هو الذى اختارته العناية الإلهية ليحكم مصر ويتلاعب بمصير المصريين لصالحه..فجلس وسط مشايخ الأزهر وخرج علينا فى المولد النبوى يحتفل به..!
والعالم الحديث لم يتقدم سوى بثورة العقل حين جدد أفكاره وتخلى عن المفاهيم التسلطية القديمة وأسس أفكاره العقلانية..فتجرأ وثار "ديكارت" فى القرن السابع عشر بكتابه عن المنهج وقرر فيه أن يمحو كل ما فى عقله وكل ما تعلمه وآمن به وأن يشك فى أى معرفة لا يقوم عليها دليل عقلى قطعى ولا يقبل أى دليل نقلى بلا برهان دامغ.. وقرر أن يبدأ من حقيقة أولية يعرفها كل من يجيد الكتابة والقراءة" أنا أفكر إذن أنا موجود".
وحراس التخلف بيننا ومن يتكسبون منه يجابهون كل محاولات العقل للرقى باتهامات سابقة التجهيز مثل العمالة للغرب وهدم الدين ومعاداة الإسلام.. وويل لمن  يجرؤ على نقد المرويات فيجد سيف التكفير على رقبته.. وفى نفس الوقت يتهمون الغرب بأنه وراء الجماعات المسلحة المتسترة وراء الدين وبأن هذه الجماعات صنيعة الغرب مع أنها تحمل نفس المرويات العجيبة والفتاوى التى تخاصم العقل والمنطق السليم ولا يستشهدون إلا بها ويقلدونها عمليا.
حتى الآن لم نعترف أن أفكارنا العتيقة تكلفنا حياتنا وهناءتنا على الأرض ونعض عليها بالنواجذ كأنها اكتشافات فارقة فى حياة الإنسانية وهى أفكار عصور خلت مغايرة عن عصورنا..فهى لم ترق لمستوى التقدم العلمى والمعرفى والتقنى الحديث..ومع ذلك يريدون أن نحيا بها فى عالم مختلف عما أنتجها مما يضعنا فى قمة التخلف.. أفكار تكلبش العقل وتجمده على صورته الأولى فى معاداة لناموس الحياة المتغير دوما.
والمصيبة الكبرى ان غالبية يعتبرون الميراث الفكرى القديم هو طوق النجاة الأوحد وسبيل الخلاص ومنجاتنا من كل سوء..والمدهش انه لم يعد خافيا على أحد أن تجديد الفكر وإعمال العقل هو السبيل الواضح والدليل الدامغ على التقدم والرقى الإنساني.. دون ذلك تظل محاولاتنا تحت بند المحافظة على تخلفنا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة