عقار الإكستاسي
عقار الإكستاسي


«أخبار اليوم» تقتحم العالم السري لحفلات «الخبط»

بوابة أخبار اليوم

الجمعة، 01 نوفمبر 2019 - 09:32 م

منذ أيام تلقينا استغاثة من مواطنة مصرية، قالت فيها إن ابنها الوحيد الذى يبلغ من العمر 25 عاما أدمن عقار «الإكستاسى».

وحكت لنا المواطنة القصة قائلة: "منذ شهور قليلة اكتشفت ان ابنى يعانى من بعض الأعراض المرضية مثل القىء المستمر وصعوبة النوم وفقدان الشهية وكأى أم قمت باصطحابه إلى العديد من الاطباء لمعرفة سبب هذه الأعراض وبدء العلاج وكتب الأطباء لنا روشتة علاج ببعض الأدوية المهدئة والمسكنة للآلام، وطلبوا منى عمل بعض التحاليل لابنى ثم عرضها عليهم، وهنا بدأت اكتشف تهربه من إجراء التحاليل الطبية وبدأ الشك يساورني".

وأكملت المواطنة حديثها لنا قائلة: "بدأت أراقب ابنى وأتابع تحركاته ومقابلاته مع أصدقائه فاكتشفت انه يعود للمنزل سعيدا منتشيا وبعد ساعات قليلة تبدأ نفس الأعراض التى يعانى منها فى الظهور مرة أخرى ومع الوقت بدأ يدخل فى نوبات من الاكتئاب المزمن والعزلة وهنا بدأت رحلتى فى البحث عن سبب هذا الاكتئاب فاكتشفت اأ كلمة السر هى «الإكستاسى»، أو حبوب «الأكسسة» التى أدمنها ابنى وأريد ان اعالجه من هذا السم القاتل لكن رفضه الذهاب إلى أحد مراكز العلاج من الإدمان هو من دفعنى إلى تقديم هذه الاستغاثة لعلها تكون جرس إنذار لمجتمعنا الذى يستهدف تجار الموت أبناءه.

هنا توقفت المواطنة عن الكلام، ونصحناها بأن تجبر ابنها على الذهاب إلى مركز لعلاج الإدمان لتلقى العلاج اللازم ثم انصرفت وتركتنا نفكر فى قصة هذا الشاب ومعها بدأت علامات الاستفهام تسيطر على الحديث فكم شاب فى مصر يواجه نفس المشكلة؟ وكم شاب قرر الإقلاع عن الإدمان؟ وما هى أسرار هذا العالم المجنون الذى يذهب إليه الشباب بكامل إرادتهم ليرموا بأنفسهم إلى التهلكة؟.

ومع كل هذه التساؤلات تذكرنا مشهد الزعيم الفنان عادل إمام فى شخصية فيلم مرجان أحمد مرجان عندما ذهب إلى ملهى ليلى ليقابل هيثم دبور «الفنان احمد مكى» والذى قدم له «حباية الأكسسة» قائلا له: «صباح الفجولة اضرب دى وأكسس، هاتخليك ملك زى الضفدع الدكر فى موسم التزاوج»، هذا المشهد وقصة الابن المدمن للإكستاسى دفعتنا إلى اقتحام هذا العالم والبحث عن حقيقته والاجابة عن التساؤلات سالفة الذكر.

أماكن التجمع
بدأت رحلتنا فى عالم «الإكستاسى» بالبحث عن أماكن تجمع «المأكسسين» فوجدنا العديد من الصفحات والجروبات على مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بأشهر النوادى الليلية فى القاهرة والأماكن المنظمة لحفلات «الأكسسة» وبدأنا فى التواصل مع هذه الصفحات والجروبات ووجدنا «جروب» مغلق على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك يروج لمثل هذه الحفلات وبالتالى كان ينبغى علينا أولا الانضمام إلى الجروب ثم التواصل مع الأدمن للتعرف على تفاصيل الحفل والأسعار وبالفعل أرسلنا طلب الانضمام إلى المجموعة وقبل الموافقة على الانضمام أرسل إلينا الأدمن رسالة الملفت للنظر فيها كانت اللغة التى استخدمها فى مراسلتنا فقال: «الهالوين يقترب وعند اكتمال القمر، فأنت بحاجة إلى خطة.. دعنا نساعدك على البقاء على قيد الحياة طوال الليل تقضى سهرتك وتحافظ على رقصك حتى نهاية الفجر».

وبعد دقائق تمت الموافقة على طلب الانضمام إلى المجموعة وبتصفح منشورات الجروب وجدنا أن هناك حرصا شديدا من القائمين عليه فى التواصل مع الأعضاء وفى الترويج للحفلات لكن المفاجأة هى اننا وجدنا أكثر من 10 آلاف شاب وفتاة منضمين للجروب وهذا يوضح حجم الكارثة التى تواجه شبابنا فكم صفحة وجروبا مثل هذا على مواقع التواصل الاجتماعى تروج لمثل هذه الحفلات وكم شابا يقبل عليها وبالتالى كان ذلك دافعا أكثر لنا لمواصلة البحث عن خبايا حفلات «الخبط» أو «الخبوط» كما يطلق عليها.

تواصلنا عن طريق «الماسنجر» مع أدمن الجروب وسألنا عن مواعيد الحفلات وشروط الحضور وأسعار التذاكر وغيرها من المعلومات فكانت الاجابة كالتالى: «الحجوزات من الساعة 10 صباحا إلى 7 مساء وقبل الحجز يرجى إرسال صور لك وللمرافقين فى الحفل وملفات الفيسبوك الخاصة بكم على رقم الواتس الخاص بنا وينبغى ألا يقل السن عن 23 عاما وسعر الدخول 600 جنيه وممنوع الدخول بالملابس الرياضية أو البدلة ويحتفظ المنظم للحفل بحقه فى اختيار رواده ورفض دخول من لا يتناسب مع مجتمع أعضائه»، وهنا طلبنا من الأدمن إرسال رقم الواتس للتواصل لكنه يبدو ان أمرنا قد اكتشف فلم يرسل الرقم خوفا من الإيقاع به.

لم نستسلم وحاولنا مرة أخرى إلى أن وجدنا ضالتنا فى صفحة شهيرة على موقع التواصل الاجتماعى فيس بوك لأحد النوادى الليلية التى تنظم مثل هذه الحفلات وقمنا بمراسلة الأدمن فاستجاب لنا سريعا بعد سؤاله عن اقرب حفل سيتم تنظيمه فقال: «اقرب حفل كانت ليلة الخميس الماضية ٣١ أكتوبر وآخر موعد للحجز يوم الاربعاء حتى الساعة 9:30 مساء والدخول للأزواج أو مجموعة مختلطة فقط والأبواب تغلق تماما بعد اكتمال الحضور والحد الأدنى لسن الدخول 25 عاما وسعر التذكرة 750 جنيها.

وهنا بدأت رحلتنا فى البحث عن عالم «الخبط» الليلى فى مصر بعد ان حصلنا على موعد الحفل والأسعار فكان القرار بالتوجه الى «الديسكو» الشهير الكائن فى حى المهندسين منتصف ليلة الخميس اول أمس وبعد وصولنا إلى الموقع شاهدنا رواد الحفل يأتون تباعا، شباب من الجنسين لم تتجاوز أعمارهم الـ 25 عاما منهم من يدخل إلى الديسكو مباشرة لمعرفته بالجاردات المتواجدين خارج الديسكو ومنهم من ينتظر مرافقا للدخول طبقا لشروط المكان، و انتظرنا امام الديسكو أملا فى الدخول بعد مفاوضات طويلة مع «الجاردات» دون جدوى وهنا لمحنا شابا فى منتصف العشرينيات يقف على مسافة قريبة من الديسكو ويتحاور مع شابين قبل دخلوهم للحفل.

وتكرر هذا المشهد أكثر من مرة حتى اكتشفنا ان هذا الشاب هو «الديلر» الذى يقدم السم القاتل أو كما يطلق عليها حبوب «الأكسسة» للشباب، و اقتربنا منه وتحدثنا معه وسألناه عن طبيعة هذه الحفلات، ولكى نطمئنه أكثر قلنا له إننا فى انتظار أصدقاء لنا «شباب وبنات» حتى نتمكن من دخول الديسكو.. فسألنا: لو محتاجين أى مصلحة أقدر أعملها لكم أنا فى الخدمة؟؟، طلبنا منه فى البداية التوسط لنا لدى «الجاردات» ليسمحوا لنا بالدخول قبل أن يأتى اصدقاؤنا فرد بأنه لا علاقة له بالجاردات، ثم سألناه مباشرة: معاك «بيلات» مصطلح يطلق على حبوب السعادة- فرد قائلا: عاوزين كام واحدة؟ فسألناه عن السعر فقال لنا: الحباية بـ٥٠٠ وهنا قررنا شراء حباية حتى لا ينكشف أمرنا.

عالم سرى
لم نتوقف عن البحث فى هذا الملف للوصول إلى حقيقة هذا العالم السرى الذى أصبح خطرا يداهم شباب مصر فكانت محطتنا التالية لقاء مع إحدى المتعافيات من إدمان الإكستاسى أو ما يسمى بحبوب السعادة والتى رفضت ذكر اسمها وهى فتاة تبلغ من العمر 28 عاما قالت لنا فى البداية: «انا ندمانة على ما وصلت اليه لكنى قررت التحدى والعلاج من هذا السم القاتل المعروف بحبوب السعادة الذى أدمنته لفترة طويلة بدأت عندما تعرفت على صديق بيسافر العديد من دول العالم زى امستردام والولايات المتحدة الأمريكية ولندن، ومرة من المرات اللى كان جاى فيها للقاهرة قالى انا هعملك مفاجأة حلوة قوى هخليكى تخرجى خروجة حلوة هتنسيكى كل حاجه بتضايقك لأن وقتها كان عندى بعض المشاكل مع عائلتى والكلام ده كان تقريبا فى 2009 او 2010 ، المهم هو كان عايش فى فيلا كبيرة فى الريف الأوروبى على الطريق الصحراوى اسكندرية القاهرة وقالى ان هو هيعمل حفلة دى جى وهنعزم فيها كل اصحابنا، ولما روحت قالى خدى نص الحباية دى قلت له ايه دى قالى ده حباية هتخليكى تنسى كل حاجة مزعلاكى.. فقولت له ليه نص حباية قالى فى البداية كده عشان دى اول مرة ولو عندك اضطرابات فى القلب او الضغط ميبقاش فى مشكلة. 

وتابعت قائلة: «اخدت فعلا نص الحباية وحسيت ان دماغى بقت «عالمية» لا تقولى حشيش ولا خمور والا اى مخدر وطعمها كان حلو جدا وحسيت فعلا ان الدنيا حلوة قوى وكل حاجة شايفها حلوه قوى والناس اللى متخلف معاها بتحس انك بتحبهم قوى وده اللى حصل معايا فى الحفلة كان فى حد انا مختلفة معاه وبمجرد ساعتين من بداية الحفلة حسيت انى بحبوا جدا ومش زعلانة منه فى اى حاجه وبعدين بقيت مدمنة للحفلات والحبوب دى.

وواصلت الحالة حديثها قائلة: «فى الحفلات دى انت بتاخد الحباية ومعاها واحد red bull او كاس بيره وده الناس اللى بتفهم جدا فى حفلات الخبط  بتعمل كده عشان تلاقى احلى نتيجة وبعد انتهاء الحفلة لو عاوز تطلع من الحالة وتفوق تضرب سيجارة حشيش لانك بعد ما تاخد الحباية بتحس ان اسنانك بتضرب فى بعضها.. وفى ناس بتاخد معها الاى دى بيعلى تأثير الحباية جدا وبيخليك مبسوط.. يعنى بلغة الضريبة انت بتأفور وده بيختلف من حباية لأخرى يعنى مثلا فى حباية اسمها «سوند كلود» وحباية اسمها «واى فاى» و»كوتشى» وحسب بردو لون الحبايه بيختلف السعر اللى بيصل فى بعض الاحيان الى 4 الاف جنيه ويبدأ من 1500 جنيه.

إعلانات الـ «دى چى»
وفى نهاية حديثها قالت لنا: «احنا بنعرف الحفلات دى من خلال اعلانات بتوع ال دى جى  فبتلاقى أصحابك من خلال السوشيال ميديا عندهم اهتمامات وبنحصل على الحبايات دى من خلال «الديلر» اللى بيبقى واقف ادام الديسكوهات او أمام القرى والاماكن اللى بتتعمل فيها الحفلات دى.. وطبعا لأنى بحب موسيقى الميتال جدا فكنت على طول بحضر الحفلات دى وطبعا احساسك وانت واخد الحباية غير احساسك من غيرها زى بالظبط مشهد احمد مكى مع عادل إمام فى فيلم مرجان احمد مرجان لما قاله اخبط دى بس هو بصراحة الواحد بعد ما يتفرج على صور الحفلة وشكله فيها بيحس أنه فى حالة استغراب، وبالنسبة للملابس مفيش لبس معين بس انت لازم تكون مطرقع شوية فى الاكسسوارت بتاعتك والماكيب وبنلبس مسكات، وساعات بعد ما كنا بنخلص الحفلة بنركب العربيات ونشغل الموسيقى فيها بصوت عالى جدا ونروح نعمل «أفترة» ( after party ) لأن بارور الحباية بيكون لسة موجود وشغال ولما كنا فى الساحل الحفلات كانت بتخلص على الساعة 4 الفجر فكنا بنروح على مكان اسمه exit ونكمل، الحفلات دى فيها بنقابل فيها ناس كتير من المشاهير .. عاوزة اقولكم على حاجة مثلا اسماعيل فؤاد قاسم ده كان من الناس اللى بشوفها فى الحفلات دى بس دلوقتى هو تعافى منها وبيساعد الناس إنها تشفى من ادمان الحفلات دى وبقى مدرب حياة كبير جدا».

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة