أيمان البحر درويش
أيمان البحر درويش


«الدستورية العليا» تصدر حكمًا هامًا في طعون انتخابات النقابات الفنية

مصطفى عبدالله ميري

السبت، 02 نوفمبر 2019 - 02:49 م

عقدت المحكمة الدستورية العليا جلستها  برئاسة المستشار سعيد وأصدرت حكمها بنص الفقرة الثانية من المادة (30) من قانون نقابات واتحادات المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية والتي تتعلق بالطعن في انتخابات النقيب أو أعضاء مجلس النقابة للحكم.

 حكمت المحكمة في الدعوى رقم 119 لسنة 37 قضائية " دستورية "، وصرح مستشار دكتور حمدان فهمي، أن المحكمة قالت أن البيّن من نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978المشار إليه، أن ثمة شرطيـن يتعين توافرهـــــما معًا لجواز الطعن في صحة انعقاد الجمعية العمومية، أو في تشكيل مجالس الإدارة، أو القرارات الصادرة منها، أولهما: أن يكون هذا الطعن مقدمًا من مائة عضو على الأقل من الأعضاء الذين حضروا اجتماع الجمعية العمومية للنقابة، ليكون انضمامهم إلى بعض نصابًا للطعن، فلا يقبل بعدد أقل. ثانيهما: أن يكون الطعن مستوفيًا شكلية بذاتها، قوامها أن تكون توقيعاتهم على تقرير الطعن، موثقًا عليها جميعًا من الشهر العقاري.


وإن الشرطين المتقدمين ينالان من حق التقاضي، ويعصفان بجوهــــــــره، وعلى الأخص من زاويتين. أولاهمــــــــــا: أن الدســــــــتور كفل للنـــاس جميعًا – وبنص المــــــادة 97 – حقهم في اللــــجوء إلى قاضيهم الطبيعي، لا يتمايــــــــزون في ذلك فيما بينهم، فلا يتقدم بعضهم على بعض في مجال النفاذ إليه، ولا ينحسر عن فئة منهم، سواء من خلال إنكاره أو عن طريق العوائق الإجرائية أو المالية التي يحاط بها، ليكون عبئًا عليهم، حائلاً دون اقتضاء الحقوق التي يدعونها.

 ويقيمون الخصومة القضائية لطلبها، ذلك أنهم يتماثلون في استنهاض الأسس الموضوعية التي نظم المشرع بها تلك الحقوق لضمان فعاليتها، فقد كفل الدستور لكل منهم – سواء أكان شخصًا طبيعيًّا أم معنويًّا – الحق في الدعوى، ليكون تعبيرًا عن سيادة القانون، ونمطًا من خضوع الدولة لقيود قانونية تعلوها، وتكون بذاتها عاصمًا من جموحها وانفلاتها من كرابحها، وضمانًا لردها على أعقابها إن هي جاوزتها، لتظهر الخصومة القضائية بوصفها الحماية التي كفلها القانون للحقوق على اختلافها، وبغض النظر عمن تنازعونها، ودون اعتداد بتوجهاتهم.

 فلا يكون الدفاع عنها ترفًا أو إسرافًا، بل لازمًا لاقتضائها وفق القواعد القانونية التي تنظمها. ثانيتهما: أن الخصومة القضائية لا تعتبر مقصودة لذاتها، بل غايتها اجتباء منفعة يقرها القانون، تعكس بذاتها أبعاد الترضية القضائية التي يطلبها المتداعمون، ويسعون للحصول عليها تأمينًا لحقوقهم.

 وهم بذلك لا يدافعون عن مصالح نظرية عقيمة، ولا عن عقائد مجردة يؤمنون بها، ولا يعبرون في الفراغ عن قيم يطرحونها، بل يؤكدون من خلال الخصومة القضائية تلك الحقوق التي أُضيروا من جراء الإخلال بها، ويندرج تحتها ما يكون منها متعلقًا بمجاوزة نقابتهم للقيود التي فرضها الدستور عليها، لتنفصل حقوقهم هذه، عن تلك المصالح الجماعية التي تحميها نقابتهم بوصفها شخصًا معنويًّا يستقل بالدفاع عنها في إطار رسالتها وعلى ضوء أهدافها والقيم التي تحتضنها. وهو ما يعنى أن تأمينها لمصالح أعضائها – منظورًا إليها في مجموعها – لا يعتبر قيدًا على حق كل منهم في أن يستقل عنها بدعواه التي يكفل بها حقوقًا ذاتية يكون صونها ورد العدوان عنها، متصلاً بمصلحته الشخصية المباشرة، ليتعلق بها مركزه القانوني الخاص في مواجهة غيره، فلا ينال من وجوده – ولو بنص تشريعي – قيد تقرر دون مسوغ.

 و إن الطعـــــن علـــى قــــــــرار معيـــن – وكلما توافـــر أصـــــل الحــــق فيه – لا يجــــــوز تقييده فيمـــا وراء الأســـس الموضوعيـــة التى يقتضيها تنظيــم هذا الحـــــق، وإلا كان القيد مضيقًا من مداه أو عاصفًا بمحتواه، وكان حق النقابة ذاتها فى تكوينها على أسس ديمقراطية، وكذلك إدارتها لشئونها بما يكفل استقلالها، ويقظتها فى الدفاع عن مصالح أعضائها، وإنمائها للقيم التي يدعون إليها في إطار أهدافها، ووعيها بما يعنيهم، ومراجعتها لسلوكهم ضمانًا لصون الأسس التي حددها الدستور بنص المادتين (76، 77) منه، وإن كان كافلاً لرسالتها محددة على ضوء أهدافها، وبمراعاة جوهر العمل النقابي ومتطلباته، إلا أن انحرافها عنها يقتضى تقويمها، ولا يكون ذلك إلا بإنزال حكم القانون عليها، باعتباره محددًا لكل قاعدة قانونية مجالاً لعملها، ومقيدًا أدناها بأعلاها، فلا تكون الشرعية الدستورية والقانونية إلا ضابطًا للأعمال جميعها، محيطًا بكل صورها، ما كان منها تصرفًا قانونيًّا أو متمخضا عملاً ماديًّا، فلا تنفصل هذه الشرعية عن واقعها، بل ترد إليها أعمال النقابة وتصرفاتها جميعًا، ليكون تقويمها حقًّا مقررًا لكل من أعضائها، بقدر اتصال الطعن عليها بمصالحهم الشخصية المباشرة.
    وإن نص الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978 المشار إليه، قد نقض هذا الأصل، حين جعل الطعن على صحة انعقاد الجمعية العمومية للنقابة، أو في القرارات الصادرة منها، نصابًا عدديًّا، فلا يقبل إلا إذا كان مقدمًا من مائة عضو على الأقل من عدد الأعضاء الذين حضروا اجتماع تلك الجمعية، ليحول هذا القيد – وبالنظر إلى مداه – بين من يسعون لاختصامها من أعضائها، وأن يكون لكل منهم دعواه قبلها يقيمها استقلالاً عن غيره، ويكون موضوعها تلك الحقوق التي أخل بها القرار المطعون فيه، والتي لا يقــــــــــــوم العمل النقابي سويًّا دونها، وهى بعد حقوق قد تزدريها نقابتهــــــــــــم أو تغض بصرها عنها.

كان إيمان البحر درويش أقام دعواه التي حملت رقم 119 لسنة 37 ضد أعضاء مجلس إدارة النقابة العامة للمهن الموسيقية وآخرين، والتي طالب فيها بعدم دستورية الفقرة الثانية من المادة (30) من القانون رقم 35 لسنة 1978 في شأن إنشاء نقابات واتحاد نقابة المهن التمثيلية والسينمائية والموسيقية.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة