أخبار اليوم
أخبار اليوم


اليوبيل الماسي| حملات «أخبار اليوم» تغيـر وجه التاريخ والجغرافيا

بوابة أخبار اليوم

السبت، 09 نوفمبر 2019 - 12:01 ص

لم تكتف «أخبار اليوم» بالمفهوم التقليدي للصحافة، القائم على الأخبار والتقارير الصحفية، فقادت الكثير من الحملات الصحفية تحت قيادة كبار رواد الصحافة في مصر والعالم العربي، وعلى رأسهم مصطفى أمين وعلى أمين، بهدف إشراك المواطن البسيط في قضايا الأمة، والتأكيد على دور الكلمة المكتوبة في نهضة الشعوب والأمم، فبعد أقل من عام على إصدار النسخة الأولى من جريدة المليون قارئ، تم إطلاق حملة صحفية كبرى تدعو جميع أبناء الوطن العربي عامة والمصريين خاصة إلى مقاطعة البضائع والمنتجات التي تنتجها الشركات الإسرائيلية والصهيونية العالمية، وعدم عرضها في جميع الأسواق العربية.

وتخطى تفاعل الوطن العربي مع الحملة والاستجابة لها كل التوقعات، وبدأت المقاطعة على مستوى المنطقة العربية للضغط على الرأسماليين والاقتصاديين الصهيونيين الممولين لإسرائيل، والداعمين لها في عمليات انتهاك حقوق الشعب الفلسطيني، وسلب أرضه بالقوة، وبعد شهور قليلة من إطلاق الحملة صدر قرار الجامعة العربية في ديسمبر 1945 بمقاطعة البضائع الصهيونية، استجابة للرأي العام العربي، الذي لعبت «أخبار اليوم» دور البطولة في تشكيله، من خلال حملتها الصحفية المتميزة.  

وكان نجاح حملة المقاطعة ميلاداً لسلسة حملات صحفية تجاوز صداها الحدود الإقليمية ووصل إلى العالمية فى كثير من الأحيان، قدمتها كتيبة «أخبار اليوم» للقارئ بعد أسابيع طويلة  -وصلت فى بعض الأحيان إلى شهور- من العمل الصحفي والبحث عن المعلومة، ومنها حملة «أعط صوتك فى مجلس الأمن»، تلك الحملة التى لم يسبق أن شهد العالم مثلها.

إحالة «كيلرن» للمعاش

وكخطوة على طريق إنهاء الاستعمار، شنت أخبار اليوم حملة تدعو فيها لتغيير السفير البريطانى فى مصر «كيلرن» فقالت في أواخر 1945: «إن الوقت قد حان لتغييره وان مصر التى ترغب اليوم فى رفع القيود عن استقلالها تری إرسال رجل آخر إليها ويتعاون مع حكوماتها».. وكان لهذه الحملة أثر بالغ، إذ قالت جريدة الحوادث لسان حال الوفد الأسبوعية -وقتها-: «إن من نتيجة الحملات التى وجهتها أخبار اليوم للسفير البريطانى، أن قابل سیر وولتر سمارت -المستشار الشرقى للسفارة البريطانية- رئيس الحكومة المصرية لتقديم احتجاج حكومته -بريطانيا- على مهاجمة ممثلها فى مصر».. ولكن أخبار اليوم استمرت فى حملتها وطالبت بإلغاء النص الذي يوجب أن يتقدم السفير البريطانى سائر السفراء لدى حكومة مصر.. وتوجت هذه الحملة بإحالة كيلرن للمعاش فى فبراير 1946.. وشیعه على أمين بمقال قال فيه: «خرج الرجل الذى قال لى فى دار السفارة البريطانية فى يوليو 1945 أمام جمع من الصحفيين المصريين: ما هذه الحماقات التى تكتبونها فى أخبار اليوم وتدعون فيها إلى إلغاء المعاهدة».

واشتعلت الروح الوطنية داخل محررى الجريدة برفض الاستسلام لسطوة الاحتلال البريطانى، ولم تترك صحف أخبار اليوم بابا لمحاربة انجلترا دون أن تطرقه، فشنت عددا كبيرا من الحملات الصحفية الجريئة ضد الاحتلال للمطالبة بالجلاء، واسترداد الأرض والحقوق المسلوبة، وأطلقوا حملة تدعو إلى تنكيس الأعلام يومى 18 و19 يناير 1947، بمناسبة ذكرى توقيع اتفاقية مصر لندن  عام 1899، رغم كل ما كان يمارسه الاستعمار من أساليب قمعية لتقييد حرية الرأى والتعبير، والبطش بكل من يخالفه الرأى..  لاقت الحملة ترحيباً غير مسبوق من رموز الأمة والحركة الوطنية، ما دفع «أخبار اليوم» للاستمرار فى حملتها الصحفية، رغم الضغوطات الكثيرة التى مارسها الاستعمار عليها، أملاً فى أن تتراجع عن كتاباتها وأفكارها الوطنية الجريئة.

سر عصابة ماكس

وفى عددها الصادر يوم 12 أبريل 1947، كشفت «أخبار اليوم» سر عصابة ماكس الأسود، الذى كان يهرب اليهود إلى فلسطين ويتخذ من القاهرة مقراً له، وفور توزيع العدد بالأسواق لم تتوقف هواتف الجريدة عن الرنين، فالجميع يتصل للإشادة بهذا العمل الصحفى غير المسبوق، والسؤال عن كواليسه، وردت الصهيونية على ما نشرته الجريدة، فعندما قرر نادى الصحافة الأمريكية أن تنضم إصدارات «أخبار اليوم» إلى كبرى الصحف العالمية فى النادى، تمكنت الصهيونية، والتى كانت تمثل 20%من أعضاء النادى من اتخاذ قرار برفض الانضمام، والتأثير على رأى باقى الأعضاء بهدف الانتقام، بعدما نجحت الجريدة فى  كشف مخططاتها السوداء.

وعندما بدأ الملك فاروق يغير سياسته الموالية للشعب، والرضوخ لرغبات الاحتلال الانجليزى، كان مصطفى أمين أول من كتب للاعتراض على هذه السياسة، وهاجم تصرفات الملك ضد الإرادة المصرية، وكانت النتيجة الحكم عليه بالسجن 6 أشهر مع إيقاف التنفيذ فى تهمه إهانة ولى العهد، كما غضب القصر الملكى من «أخبار اليوم» ولم يوجه الدعوة إليها لحضور عيد جلوس الملك على العرش فى يوليو 1949، لكن رد الجريدة لم يكن متوقعاً، وقررت تجاهل الحدث، وعدم الكتابة عنه فى إصدارتها المختلفة.

وفى سبتمبر 1950 نادت مجلة «أخر لحظة» إحدى إصدارات «أخبار اليوم» فى هذه الوقت، بثورة إصلاحية شاملة لقوانين الدولة، إلا أن هذه الدعوة أدت إلى فتح نيران الملك والاحتلال للهجوم على المجلة، ومصادرتها لاتهامها بالتحريض على قلب نظام الحكم.

معا ضد العدوان

وبعد جلاء الاستعمار الانجليزى عن مصر، استمرت «أخبار اليوم» فى حملاتها القومية الكبر، كالحشد ضد الاحتلال الصهيونى الذى احتل سيناء بعد هزيمة 1967، فعلى مدار 6 سنوات -هى عمر حرب الاستنزاف- كانت أخبار اليوم بـ«قلمها» الحر فى مواجهة مباشرة مع العدو حتى تحقق النصر فى أكتوبر 1973، حيث وقف محرر «أخبار اليوم» ضد العدوان الصهيونى، كتفهم فى كتف جنود وضباط القوات المسلحة، يحاربون بقوتهم الناعمة، بينما أبطالنا فى الجيش يضربون بسلاحهم، فعملت أخبار اليوم على حشد وتعبئة الرأى العام فى الداخل والخارج ضد قوى الاستعمار.

وخلال فترة حرب الاستنزاف، لم تنس «أخبار اليوم» حملاتها ضد الإهمال والفساد، والحديث عن مشاكل المواطنين، ففى 17 فبراير 1968 تطرقت إلى مشكلة الترقيات التى كان يعانى منها فى ذلك الوقت نحو 750 ألف موظف حكومى، وكذلك قانون أصحاب المعاشات، ومشاكل أصحاب التأمينات، ولم تنس هموم الفلاحين ومشاكل الأراضى الزراعية وعمال التراحيل، ومشاكل الشباب والمراهقين، والمشاكل التى واجهت المهجرين، وضرورة تطوير برامج التعليم، وغير ذلك الكثير.

ومنذ عدد 9 مارس 1968 تبنت «أخبار اليوم» حملة طرح فكرة نقل العاصمة إلى خارج القاهر، جاءت تحت عنوان: «اقتراح جرئ لحل أزمة المواصلات.. نقل العاصمة من القاهرة» وهو الاقتراح الذى ظلت تردده أخبار اليوم وأفردت له صفحات من عدد 1 يناير 2005 تحت عنوان: «القاهرة 2005.. عاصمة تطلب الإحالة إلى المعاش» حيث أشارت إلى أن المدينة أضناها الزحام وضربتها أعراض الشيخوخة قبل الأوان، وأنها لم تعد قادرة على تحمل هموم 11 مليون مواطن بعدما تكدست بالمصالح الحكومية والمؤسسات الخدمية والوزارات، وعادت تطرح فكرة نقل العاصمة بأعبائها الإدارية خارج حدود القاهرة، وهى الفكرة التى لقيت مؤخرا قبولا وتنفيذا على أرض الواقع على يد الرئيس عبد الفتاح السيسى حيث يجرى تنفيذها حاليا شرق القاهرة بالعاصمة الإدارية الجديدة.

فوضى الشارع

وعلى مدار السنوات المختلفة كانت مشاكل العشوائية وفوضى الطرق والإهمال والتعديات على الأراضى الزراعية ونهر النيل، أحد أهم المشاكل التى تبنتها «أخبار اليوم» فى حملات مستمرة..  فى 22 يناير 2005، وتحت عنوان: «طوفان الأسواق العشوائية يجتاح شوارع القاهرة والجيزة»، نقلت أخبار اليوم استغاثة المواطنين الذين قالوا: أنقذونا من الضوضاء والتلوث ومشاكل الباعة الجائلين، مشيرة إلى أن تلال البضائع المغشوشة والفواكه والخضروات والقمامة أصبحت تملأ الشوارع وتحاصر الوزارات والمصالح الحكومية، قائلة إن هجوم عشوائى اجتاح القاهرة وحول شوارعها وميادينها إلى أسواق عشوائية بعد أن انتهك الباعة الجائلون خصوصيتها وشوهوا صورتها.

وفى 19 مايو 2007، وتحت عنوان: «استجابة لتحقيقات أخبار اليوم.. حفارات وزارة الرى أزالت التعديات فى المنيب ومنيل شيحة»، أشارت الجريدة إلى أنها فى الأسبواع السابق لهذا العدد نشرت تحقيقا عن التعديات التى اغتالت شاطئ نهر النيل بمنطقة المنيب ومنيل شيحة والاعتداء على مياهه بالبناء والردم، الأمر الذى جعل وزارة الرى تقوم بإرسال 20 حفارا إلى الشاطئ الغربى للنيل فى منطقة عزبة البكبا وإزالة التعديات من أمام المنتجع السياحى والقصور فى هذه المنطقة، وقالت إن معهد بحوث النيل يدرس نقل البواخر والعائمات إلى أماكن أخرى، فيما ذكر الخبراء أن النيل تائه بين جهات كثيرة ومطلوب تبعيته لهيئة واحدة.

وتوجت حملات «أخبار اليوم» ضد الفوضى والعشوائية التى استمرت لعقود وسنوات، بحملة مكبرة فى الربع الأخير من العام الماضى 2018، تحت عنوان «فوضى الشارع» حيث نشرت أخبار اليوم - على مدى 9 أسابيع - ملفات متتابعة عن فوضى الشوارع فى القاهرة الكبرى وبعض المحافظات، والتى امتدت لبعض المدن الجديدة، وضحت فيها الصورة والحالة السيئة التى ظهرت عليها الشوارع والأرصفة، بعد أن كانت القاهرة ومدن كثيرة فى المحافظات عنوانا للرقى والتحضر. 

وتساءلت: ما الذى بدد تلك الصورة؟ وكيف يمكن استعادتها؟ وما الجهة المسئولة عن الأمر بكافة أبعاده؟.. واختتمت الحملة بمواجهة المسئولين، من خلال ندوة جمعت الأطراف المتشابكة فى المسئولية، واستمعت لوجهة نظرهم فى الأمر، وأنصتت لحلول طرحوها لتضع يدها على خارطة طريق جديدة علها تعيد شوارع مصر وميادينها لسيرتها الأولى. 
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة