تعبيرية
تعبيرية


اليوبيل الماسي لـ«أخبار اليوم»| جرأة قلم تكفى كتاب العالم

بوابة أخبار اليوم

السبت، 09 نوفمبر 2019 - 12:10 ص

لقد عرضت الرسالة على العديد من الزملاء والزميلات، ففوجئت بأن العديد منهم، ومنهن، صدق كل سطورها، وأكدوا أن ما قرءوه فيها لم يكن مفاجأة، ولا يمثل لهم، ولهن، حالة نادرة.. بل بالعكس فإن كل ما قالته صاحبة الرسالة المجهولة، أقل بكثير مما سمعوا عنه، وصدموا به !

وكنت أمام خيارين، لا ثالث لهما.

الخيار الأول : أن أعتبرها رسالة خاصة، أحتفظ بها.

والخيار الثاني: أن أنشرها حرفيا فى أخبار اليوم وأعلق عليها، فاتحا فى الوقت نفسه باب النشر لمن يرى فيما قرأه مادة للتعليق، وفرصة لإبداء الرأى مع صاحبة الرسالة، أو ضدها.

وبعد حيرة طويلة استغرقت عدة أسابيع قررت الأخذ بالخيار الثاني، أى نشر الرسالة المجهولة كاملة، ودون تغيير يذكر فى كلماتها وصياغة جملها، أو الاختصار فى وقائعها.

وانهي مقاله على لسان السيدة وهى تقول الذي حدث لى ورويت لك بعضه فقط، يحدث بالقطع لمئات، وآلاف غيرى من نساء وفتيات مصريات، ألاٌ تستحق هذه القضية اهتماما من المدافعات والمدافعين عن حقوق المرأة المصرية، مثلما أعطوه لقصة خيالية تحولت إلى مسلسل تليفزيوني ترفيهي؟

إن قضية جلادى نساء مصر.. تمثل واقعا مؤكدا يحدث فى مدن وقرى عديدة، لا فرق بين حى راق ومنطقة عشوائية، ولا ترجع أسبابها إلى الفقر أو الغني، ولا بين رجال جهلاء ورجال متعلمين، ولا فرق أيضا بين شباب مترف وشباب عاطل عن العمل.

إن انتشار هذه المشكلة البالغة الخطورة على المجتمع المصري، قبل أن تكون ضد أبسط حقوق المرأة المسلمة، يرجع فى رأيى إلى تفشى فيروس العنف اللادينى الذي يفتك بعقول وقلوب شبابنا، بعد نجاح أدعياء الدين الذين يسمح لهم بنشر أفكارهم، ومنحهم الصحف، والكتب، والميكروفونات، والمدارس، والمساجد، والزوايا، والبيوت، لمسح أمخاخ شبابنا وفتياتنا، وما أصابني وأصاب أولادي هو نتيجة طبيعية لما يحدث الآن فى بلادنا.. تحت سمع وبصر السادة والسيدات المدافعين والمدافعات عن حقوق المرأة.

وأسخف الأمور أن نهلل لتحرير المرأة الأفغانية بعد سقوط جلادى طالبان، وتنظيم القاعدة، فى الوقت الذى نتجاهل فيه ما يحدث للمصريات بصرف النظر عن عددهن اللاتى يعشن حتى هذه اللحظة مثلما عاشت المرأة الأفغانية، فهل نطمع الآن في أن تنال مصريات عديدات بعض ما نالته أخيرا جدا بنات جنسها في أفغانستان؟

إبراهيم شكري رئيسا للحكومة

ولم يقتصر إبراهيم سعده في كتاباته على الوضع الاجتماعي فقط بل كان له مقال جرئ جدا ظل الناس يتحدثون عنه لأيام بل لأسابيع وكان تحت عنوان «حكومة إبراهيم شكري» قام الكاتب الكبير من وحى خياله بتشكيل حكومة بالكامل برئاسة المعارض فى ذلك الوقت السياسي إبراهيم شكري وأثار هذا المقال ضجة واسعة وكان إبراهيم شكري يتولى فى ذلك الوقت رئاسة حزب العمل الإشتراكى .

كما ان الجميع فوجئ بإبراهيم سعده يثير ضجة كبيرة خاصة انه أعلن إستدعاء رئيس الجمهورية محمد حسنى مبارك لشكري والذى كان من أكثر المعارضين لنظام الدولة منذ نعومة اظافره، وتناولت المقالة قيام الرئيس بتعيين المهندس إبراهيم شكري رئيس حزب العمل المعارض لمنصب رئيساً للوزراء، وكلفه بتشكيل وزارى جديد، وكتب على أن رد فعل رجال النظام على هذا الإختيار المفاجئ جاء بالترحيب والقبول ليس على اقتناع لكن لتقديم فروض الولاء والطاعة للرئيس، وبالطبع المقال كان صادمة للجميع و هاجم فيها أغلب رؤوس النظام بطريقة صريحة و بأسلوب ساخر، و أضاف سعده فى مقاله عن تصوره كيف سيغير شكري حال البلد ويحقق إنجازات كبيرة، وكيف سيتفنن رموز النظام فى مدح المهندس إبراهيم شكري لمجرد تقلده هذا المنصب، وجاء فى نهاية مقاله وقال أن كل ما قاله مجرد حلم وتخيل ليس أكثر، وأحدث جدلاً كبيراً فى الشارع هذا المقال الساخر البعيد عن الواقع.

وزير فقد صلاحيته

كما كان للكاتب الكبير حملات ضد الوزراء وكان من أشهرها حملة ضد اسماعيل سلام وزير الصحة وكان عنوان المقال «الوزير الذى فقد صلاحياته» وتناول سعده فى مقاله كل المساوئ الفساد الموجود فى قطاع الصحة، وبعد نشر المقال تناولته جميع وسائل الإعلام وتحول الى حمله كبيرة ضد وزير الصحة أدت فى النهاية الى اقالته أو استقالته، كما كانت هناك حمله شهيرة مماثلة ضد حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم فى ذلك الوقت بعنوان «اعترافات د. حسين كامل بهاء الدين» وهذه الإعترافات كشفت كل مانعانيه من تدهور آداء الوزارات جميعا وليس التربية والتعليم فقط، وتناول المقال اجتماع هام من وحى خيال الكاتب عقده الرئيس حسنى مبارك لدعم خطة التعليم، والقضاء على مشكلة الأمية المزمنة، إلى جانب استعراض خطط وسياسات التعليم الحالية والمستقبلية، وحضر الاجتماع الدكتور عاطف عبيد رئيس مجلس الوزراء والسيد صفوت الشريف وزير الإعلام وأمين عام الحزب الوطنى الديمقراطى الحاكم والدكتور حسين كامل بهاء الدين وزير التربية والتعليم والدكتور عبد الرحيم شحاتة محافظ القاهرة واللواء حسن حميدة محافظ المنيا واللواء عادل لبيب محافظ قنا والدكتور زكريا عزمى رئيس ديوان رئيس الجمهورية، وكان المقال كله اعترافات من الوزير على انهيار التعليم لم يبدأ فى عصره إنما بدأ منذ الخمسينات وظل يعترف الوزير بما يعانى منه قطاع التعليم فى صورة كلمة من كاتب كبير أراد أن يسلط قلمه لمواجهة المسئولين بسوء الأحوال التعليمية، وانتهت الحملة بتقديم وزير التعليم استقالته، كما كان للكاتب الكبير حملات كثيرة جدا منها عن الحكومة بعنوان «مصر تحترق والحكومة تتفرج» ومقالات كثيرة عن تعديل الدستور فى ذلك الوقت وغيرها من المقالات التى كان لها مردود على المواطنين.

يحفرون تحت اقدامهم

حملات صحفية هزت الرأى العام وحركت اكثر مؤسسات الدولة قادها الكاتب الكبير ابراهيم سعده رئيس تحرير أخبار اليوم الأسبق واستطاع ان يحقق ما عجز عنه الكثيرون.

وكان له حملة شهيرة ضد البرلمان بعد اختتام لدورته الأولى منذ انتخابه عام ٢٠٠١، وفى تلك الفترة خيمت أجواء قلق وترقب على مقر البرلمان ونوابه مع تصاعد احتمالات قوية بحله بعد ستة أشهر فقط من بدء عمله وذلك بعدما تصاعدت تكهنات كثيرة بذلك عقب مقال رئيس تحرير أخبار اليوم آنذاك إبراهيم سعده بعنوان «انهم يحفرون تحت اقدامهم» والذى تضمن نقدا لاذعاً لأداء البرلمان ومعظم نوابه، حيث أكد سعده خلال مقاله فشل نظام الانتخابات الفردى الذى جرت على اساسه الانتخابات البرلمانية الاخيرة التى شكلت البرلمان الجديد، قائلا «ان الانتخابات الأخيرة لعضوية البرلمان أفرزت عناصر غريبة من النواب وأتت بوجوه وأشخاص لا يعبرون عن الرأى الحقيقى للجماهير وإنما يعبرون عن مصالحهم الخاصة أولاً وثانياً وأخيراً وأن هناك من نجح بحاله ومن أغتصب مقعداً ليس من حقه ومن نجح بالبلطجة والكذب والخداع والتضليل».

كما انتقد سعده عمل البرلمان وعدد المخالفات التى ارتكبها المجلس الجديد التى اعتبر من الصعب عدها أو حصرها وعاد سعده ليؤكد أن البرلمان لم ينشط فى تنقية نفسه وتجاهل الاحكام القضائية التى صدرت ضد بعض اعضائه بحجة أن البرلمان لم يكن خصما فى الدعاوى المقامة، مشيراً إلى حالات الاعتصامات والتظاهر التى شهدها البرلمان فى ظاهرة جديدة عليه أظهرته بشكل يعكس انعدام الاحساس بالاساليب الديمقراطية فى التعبير عن الرأي.

إبراهيم سعده انتقد أداء عددا من النواب ووصفهم بنواب الشائعات وذلك بعد أن كشفت تحقيقات النائب العام آنذاك المستشار رجاء العربى والذى كشف زيف المعلومات والتصريحات التى تداولها عددا من النواب خلال جلسة عامة لمجلس الشعب عن قضية تجارة الأعضاءبالمنوفية والتى أثارت الرأى العام بسبب التصريحات التى تداولتها وسائل الاعلام المصرية والعربية.

وطالب إبراهيم سعده فى مقاله: «نواب الشائعات» من الدكتور فتحى سرور رئيس مجلس الشعب بإحالة هؤلاء النواب إلى لجنة القيم التى تستطيع أن توصى بتوقيع أقصى عقوبة عليهم لأنهم أساءوا للشعب المصرى وشوهوا صورته وطعنوا فى إنسانيته.

لا يا وزير العدل

كما كتب سعده مقالاً آخر ضمن حملته ضد عشاق الشهرة، الذين حاولوا لفت الأنظار إليهم بتفكير ومهاجمة المثقفين بل ومهاجمة نجيب محفوظ عقب حصوله على جائزة نوبل، بل وصل الأمر الى رفع عدد من المحامين قضايا ضده بأنه أساء للدين.. فما كان من إبراهيم سعده إلا أن خصص حملة صحفية فى عدد من مقالاته نشرت بعناوين مختلفة منها النقابة التى كانت والتى تحدث فيها عن عدد من المحامين الراغبين للشهرة وهو ما أحدث ضجة بنقابة المحامين.

كما كتب مقالا ضمن حملته بعنوان «لا يا وزير العدل» وذلك بعد أن رفض وزير العدل آنذاك المستشار فاروق سيف النصر مقترح أخبار اليوم بمشروع قانون لمواجهة الإرهاب الفكرى بل وقام الوزير بعرض قانون آخر قال انه يحمل نفس فكرة أخبار اليوم، ولكن بمجرد أن أقره البرلمان وجد ابراهيم سعده انه مخالف تماما للفكرة بل ويزيد من الإرهاب الفكرى ليقرر سعده فى مقاله «لا يا وزير العدل» مواصلة الحملة قائلاً ومرة اخرى تضطر أخبار اليوم إلى مواصلة حملتها بهدف اقناع مجلس الوزراء ومجلس الشعب بسرعة التقدم بمشروع أخر جديد يكمل ما سبقه ويضع نهاية أكيدة لألعاب وحيل مخططى إرهاب أهل الفكر والعلم والثقافة.

كما خصص ابراهيم سعده مقالا لنشر رسائل المواطنين والتى كان منها رسالة وردته حملت توقيع المطحونون والمستجيرون من فتيات وسيدات ورجال وعمال وموظفى وزارة التربية والتعليم والتى كان يشتكى أصحابها من قرار وزير التعليم آنذاك الوزير حسين كامل بهاء الدين، بند ساعات العمل من الثامنة صباحاً وحتى الـ ١١ ليلاً قائلين: أن المرحوم قراقوش كان أرحم من الوزير فالأول كان يكلف الناس بالعمل ليلاً ويتركهم يستريحون نهارا، أما الثانى فهو يكلف العاملين تحت رئاسته بمواصلة العمل ليل نهار.

ونشر سعده الرسالة بعنوان «القرار القراقوشي» وطالب فيها الوزير بنظر شكوى الموظفين والمساعدة على إيجاد حلول لها، ليتقدم بعد نشر المقال عدد كبير من أعضاء مجلس الشعب بطلبات إحاطة ضد الوزير.

قال عن صدام حسين:

رئيس عصابة يحكم العراق

آراء ابراهيم سعده الواضحة والصريحة طالت حكام العرب وعلى رأسهم الرئيس العراقى الراحل صدام حسين والذى قال عنه فى مقال «المنتصرون.. حتى أخر جندى عراقي» لم أر فى حياتى هذه الحفنة الفاسدة التى تحكم شعب العراق بالحديد والنار ولم تهتز ثقتى لحظة واحدة فى انه لا فائدة يمكن أن تتحقق للشعب العراقى بصفة خاصة وللأمة العربية بصفة عامة مادام صدام حسين والعصابة من يملكون زمام الأمور فى العراق.

سعده لم يتوقف عن ذلك بل وصف صدام قائلا: مشكلة الرئيس العراقى أنه من البلاهة لدرجة أنه لا يعرف حجم كراهية الشعب المصرى له ولنظامه حكمه.

بل وأكمل سعده فى مقال اخر بعنوان «جسد أخي.. الذى مزقوه» حديثه عن صدام قائلاً: لقد بلغ من سذاجة الولهان الأكبر تصوره الشعب المصرى قد نسى المذابح الجماعية التى تعرض لها العاملون المصريون فى العراق وراح ضحيتها ٥٥٩٦ مصرياً تم ضربهم وتعذيبهم وقطع أطرافهم ثم شحنهم فى توابيت إلى مطار القاهرة.

تعاطف أمريكا مع الأفغان.. يثير سخرية سعده

سخر ابراهيم سعده فى احد مقالاته بعنوان «التعاطف المفاجئ» تعاطف دول التحالف أمريكا وفرنسا وبريطانيا وروسيا من التعاطف مع المعاناة التى يعيشها الشعب الأفغانى منذ أكثر من ٢٠ عاما بسبب الحرب الأهلية وذلك تزامنا مع اعلان دول التحالف بالشراكة مع ما يقرب من ٤٠ دولة اخري،الحرب على حكومة طالبان وجماعة اسامة بن لادن فى أفغانستان وقال لا اعتراض على خطورة الارهاب وعلى رفض قتل الابرياء من كل الجنسيات وفى كل الدول ثم تباكى حكام الاربع دول فى بياناتهم المتشابهة على الشعب الافغانى الذى يعانى كما أكدوا من ويلات الحرب الأهلية طوال العشرين عاماً الماضية وان هذا الشعب من حقه الآن أن يسترد حقوقه الكاملة وأبسطها وأن يعيش فى أمن وأمان داخل حدود بلاده.

وأضاف سعده: من حقنا أن نسخر من هذا التعاطف الذي اقتحم فجأة قلوب جورج بورش وجاك شيراك وتونى بلير وبوتين فباعتراف الرؤساء الاربعة بأن الحرب الأهلية كانت ومازالت وبالاً وفقراً وجوعاً وقتلاً وتدميراً لكل شئ وأى شئ فى أفغانستان وتساءل: لماذا لم نر أي تحرك من الأربع دول خلال الـ ٢٠ عاماً الماضية.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة