صبرى غنيم
صبرى غنيم


رؤية

لأنى تربيت فى بيتها.. رفضت عروضا بالدينار

صبري غنيم

الأحد، 10 نوفمبر 2019 - 08:27 م

- محبوبتى أخبار اليوم.. هى بيتى وبيت كل من عمل فى الأخبار وآخر ساعة والجيل والمختار حتى فى مطابعها.. إصدارات صحفية أسبوعية ويومية وشهرية لم تسقط واحدة منها من ذاكرة التاريخ لأن لها أما اسمها أخبار اليوم، من يومين احتفلنا بعيدها الماسى بنصف قرن قضيته من عمرى فى بيتها الكبير الذى جمع العمالقة الأخوين مصطفى وعلى أمين ومحمد حسنين هيكل وموسى صبرى وأحمد بهاء الدين وأنيس منصور وأحمد رجب وإبراهيم سعدة وسعيد سنبل وصاروخان ورخا وحسين بيكار وجلال دويدار وخيرية خيرى ومى شاهين..
- لقد بدأت حياتى فى الستينيات محررا تحت التمرين فى البيت الذى يحمل اسم «أخبار اليوم» وكان معى صفوة من الأسماء، لمع منهم فيما بعد حمدى قنديل فأصبح نجما تليفزيونيا وفتحى غانم أصبح أديبا ومصطفى شردى أسس الوفد الجديد مع فؤاد باشا سراج الدين، فقد كنا نعمل فى مجلة «آخر ساعة» وكان الأستاذ هيكل رئيس تحريرها، وكنا نتقاضى ثلاثة جنيهات فى الشهر تحت مسمى «بدل انتقال»..
- وفجأة يتخذ الأستاذ محمد حسنين هيكل قرارا بانتهاء فترة تدريبنا ويختار مجموعة للتعيين، فيستدعينى الدكتور سيد أبو النجا العضو المنتدب المسئول عن إدارة أخبار اليوم، وأبلغنى بقرار تعيينى براتب قيمته ١١ جنيها، تعجبت وسألته لماذا ١١ جنيها وليس عشرة أو ١٥.. فرد قائلا «الأستاذ ويقصد الأستاذ هيكل» أراد أن يميزك عن زملائك لأن قرار تعيين كل منهم بعشرة جنيهات..
- فيما بعد عرفت سبب زيادة مرتبى جنيها عنهم، فقد كان واضحا أن الأستاذ هيكل قد علم بالعرض الذى جاءنى للعمل فى مجلة العربى بالكويت وكانت يومها أول مجلة عربية تقوم بتكليف الدكتور أحمد زكى بالعمل رئيسا لتحريرها وكان عليه أن يشكل هيئة التحرير من البلاد التى يختارها، فاختارنى للعمل معه مقابل تسعين دينارا كويتيا شهريا.
- لم أكن أعرف أن مثل هذا العرض سوف يصل إلى علم الأستاذ هيكل، مع أنى كنت أتمنى أن يعرف أن والدى هو السبب فى تمسكى بعملى فى أخبار اليوم.. سبق لوالدى أن أجبرنى على رفض عرض سابق جاءنى من المرحوم خالد محيى الدين وقت أن كان مكلفا بإصدار صحيفة المساء، فوجئت برسالة خطية من الأستاذ عبد الحميد جودة السحار يدعونى لمقابلته، وفى المقابلة حدثنى عن مستقبلى فى المساء وأن ثلاثين جنيها رقم كبير لصحفى مبتدئ مثلى، يومها رفض والدى وقال لى «إذا كان على الفلوس أنا على استعداد أن أعوضك حتى ولو توكأت على عصا، المهم لا تترك أخبار اليوم لأن مستقبلك فيها»..
- وبقيت فى بيتى أخبار اليوم.. رفضت أن أنتقل مع الأستاذ جلال الدين الحمامصى عندما انتقل إلى الأهرام فقد طلبنى بالاسم واعتذرت، وأغرانى الأستاذ أنيس منصور يوم أن أصبح رئيسا لتحرير مجلة أكتوبر أن أعمل معه مديرا للتحرير، واعتذرت وأخذت بنصيحة والدى رحمه الله، فعلا كنت أشعر أن أخبار اليوم هى بيتى، وكنت أدعو زملائى فى صالة التحرير لنحافظ على شكل الصالة وسلامة كراسيها.. كنت أتصرف وكأن كل قطعة من أثاث المكاتب هى ملكى..
- أذكر من عشقى لأخبار اليوم أن فاتنى أن أتقدم للتجنيد فى الميعاد، فقبضت الشرطة العسكرية على شخصى بتهمة الهروب من التجنيد بسبب بلاغ من والد فتاة كنت أحبها ولما رفض الأب خطبتنا، حاولت البنت الانتحار فأبلغ والدها عنى حتى يبعدنى عن طريقها، علم الأخوان مصطفى وعلى أمين بالقصة فكانت تعليماتهما للإدارة أن يستمر صرف مرتبى بالكامل طوال فترة تجنيدى.
- ويجرى بنا الزمن، ويختفى الشباب من على وجوهنا واترك بيتى بعد ٥٦ عاما، ليبقى قلمى أمانة بين الجيل المحترم الذى يتولى الإصدارات من بعد جيل العمالقة، هذا هو البيت الكبير وهذه هى أخبار اليوم..

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة